أصل كلمة (صلاة) التي هي في الغالب تأتي بمعنى الصلاة المفروضة في اليوم واللية، هو (صلا) أي لزوم الشيء أو الوقوف “خلف الشيء”[1]، وأن تقف خلف شيء ما يعني لزومه وألا تدير ظهرك له. والآيات التالية في شأن الذين لا يقومون بما أوجبه الله تعالى عليهم تؤكد هذا المعنى:
﴿فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى. وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى﴾[2] [القيامة: 31-32]
الفعل (صدق) في الآية الأولى هو ضد الفعل (كذب) في الآية الثانية، والفعل (صلى) في الآية الأولى هو ضد الفعل (تولى) أي “أدار ظهره” في الآية الثانية، إن إدارة ظهرك لشيء ما يعني الإعراض عنه وعدم الوقوف خلفه. فإذا أراد الله أن نقف خلف شيء ما، أصبح ذلك الشيء هو الواجب الذي يريد الله منا القيام به، وهذا مقتضى “العبودية”. ومن أعرض عن هذا الواجب فقد تولى وارتكب إثما عظيما.
والآية التالية تؤيد بأن معنى كلمة الصلاة لزوم الشيء أو “الوقوف خلف شيء”:
﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56]
إن صلاة الله على النبي هي دعمه وتأييده فلا يتركه ولا يتخلى عنه:
﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾ [الضحى: 3]
ومن الآيات التي جاء فيها أن الله تعالى والمؤمنين يؤيدون (يقفون خلف) محمد صلى الله عليه وسلم ما يلي:
﴿وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ. وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [الأنفال: 62-63]
إن الله يصلي على المؤمنين أيضا، وكذلك الملائكة. والآية التي توضح ذلك هي قوله تعالى:
﴿هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا﴾ [الأحزاب: 43]
ومن الآيات التي تصف نصرة الله وملائكته للمؤمنين ما يلي:
﴿وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ[3]. إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ. بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ[4] مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ. وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ. لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ﴾ [آل عمران: 123-127]
*ما سبق هو مقدمة مقالة أ.د عبد العزيز بايندر مصطلح الصلاة في القرآن الكريم ولقراءة المقالة كاملة يرجى الضغط على العنوان.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] لسان العرب، مادة صلا
[2] انظر الآيات المتعلقة طه 20/48، المدثر 74/17-25، 42-47، الليل 92/8-16.
[3] هذه الآية دليل على أن الشكر يعني أداء الواجب
[4] كما حصل في أحد