السؤال:
هناك امرأة تركها زوجها ولم تعد تسمع عنه أي شيء. بعد مدة تقدمت المرأة إلى المحكمة وتم طلاقها رسميًا. فهل هناك مخالفة شرعية إذا رغبت هذه المرأة بالزواج من رجل آخر؟
الجواب:
للمرأة حق الافتداء من زوجها حتى لو لم يكن غائبا، وهذا الحق يقابل حق الرجل في طلاق زوجته إذا لم يعد يرغب في إكمال الحياة الزوجية معها، ولا عبرة بالأقوال التي تمنع المرأة من ممارسة هذا الحق، لأنه منصوص عليه في كتاب الله تعالى:
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ، اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ، فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ، لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ، وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا، وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾ [الممتحنة: 10]
بحسب الآية السابقة فإن ترك المؤمنات مكة مهاجرات إلى المدينة كان بدون علم أزواجهن في مكة، وقد عبرن عن رغبتهن بترك أزواجهن من الكفار، وما كان على المؤمنين سوى اختبار سبب هجرتهن إلى المدينة، فإن ثبت أنهن مهاجرات بدينهن فلزم أن يعتبر تركهن أزواجهن بمثابة الافتداء، بدلالة قوله تعالى (وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا) أي ابعثوا ما آتوهن من المهور إليهم ليصبح الافتداء نافذا. وعند ذلك لا حرج بزواجهن من جديد. ومن الملاحظ أنه لم ينتظر موافقة أزواجهن في مكة.
وقد يقول قائل إن هذا خاص في ما لو كان الزوج كافرا، لكن الآية التالية تبين أن هذا الحكم عام في كل زوجة تريد الافتراق عن زوجها بغض النظر عن السبب. يقول الله تعالى:
﴿وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ، فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ، تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا، وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [البقرة: 229]
ولذلك فإن زواج المرأة المذكورة في السؤال لا غبار عليه من الناحية الشرعية طالما قررت الافتراق عن زوجها (الغائب) مع الأخذ بعين الاعتبار أن تحتفظ بحقه في رد ما أعطاها من المهر أو بعضه عندما يعود.