الباب الرابع: سعيد النورسي والقرآن الكريم
يبدو أن منهج سعيد النورسي يتلائم أحيانا مع القرآن الكريم، ولكنه يهدف بذلك تقديس نفسه ومؤلفاته وتلاميذه. فهو يسلك أساليب مختلفة في تأويل الآيات لتحقيق ذلك. فهو يزعم أنه قد أشير إلى رسائل النور في ثلاث وثلاثين آية.[1] ويستخدم في إثبات مزاعمه الحسابات الأبجدية والجفر وهي وسيلة يستخدمها السحرة والمنجمون في الغالب. وبالفعل لا يمكن إثبات تلك المزاعم إلا بها.
أ. الحسابات الأبجدية والجِفْر
وقد جمع الحروف العربية (عددها 28 حرفا) في ثماني كلمات التي لا معنى لها؛ وهي: ” ابجد هوز حطي كلمن سعفص قرشت ثخذ ضظغ “. وشكل نوعا من الحساب بإعطاء كل حرف من تلك الحروف قيمة الأرقام من 1 إلى 1000. وسمى هذا الحساب بـ الأبجد لأنها بدأت بكلمة “أبجد”. وإليكم تلك الحروف وما يقابلها من الأرقام:
أ |
ب |
ج |
د |
ه |
و |
ز |
ح |
ط |
ي |
ك |
ل |
م |
ن |
1 |
2 |
3 |
4 |
5 |
6 |
7 |
8 |
9 |
10 |
20 |
30 |
40 |
50 |
غ |
ظ |
ض |
ذ |
خ |
ث |
ت |
ش |
ر |
ق |
ص |
ف |
ع |
س |
60 |
70 |
80 |
90 |
100 |
200 |
300 |
400 |
500 |
600 |
700 |
800 |
900 |
1000 |
ويستخدم الحسابات الأبجدية لإستنباط التواريخ والأماكن للأحداث الهامة بالكلمات ذات المعاني من الجمل المفيدة أو من بيت شعر. وهذا يسمى “تأريخا”. ومن الناس من يستخدمه كطريق للوصول إلى علم الغيب والمعاني الخفية. يستخدم فيها ما يسمى منهج الجفر الذي يستخدمه في الغالب الشيعة والسحرة، لهدف الوصول بربط الأرقام مع الحروف إلى الاشارات الموازية لها.[2] وهذا الطريق يعتبر باطلا لعدم استناده إلى أي دليل من الكتاب أو السنة. كما أنه ليس هناك طريق للوصول إلى علم الغيب. قال الله تعالى: «قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ» (النمل، 27 / 65). أي لا يعلم أحد من أهل السماوات والأرض الغيب من الملائكة والجن والأنبياء.
وسعيد النورسي هو ممن حاول أن يصل إلى علم الغيب عن طريق الجفر. وهو يتبع القواعد الأبجية ويخرج عن القواعد اللغوية بتحريف الجمل في الآيات للوصول إلى بغيته المنشودة. وعند العجز في الحل يأتي بأرقام من عنده يسميها بـ “الفروق السرية”. كما نرى ذلك فيما يلي.
يقف سعيد النورسي على الآية 35 من سورة النور، وهي آية من 33 آية التي يدعي أن فيها إشارة إليه وإلى رسائل النور وتلاميذه. ونكتفي بذكر ما قاله في هذه الآية من الإشارات:
«اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ » (النور، 24 / 35).
يدعي سعيد النورسي أن هذه الآية تشير إلى أسماء رسائل النور وتاريخ تأليفها وما تحتوي من المعاني القيمة. وقد سمى ما ألفه بـ “رسائل النور أو رسالة النور أو رسالئ النور”. وهذه التسمية لا تنطبق مع اللغة التركية ولا الفارسية والتسمية الثالثة لا تنطبق مع العربية. وهو يقول إن هذه الآية تشير بأربع أو خمس جُمل إلى أسماء رسائل النور من عشرة أوجه.
الجملة الأولى: يقول النّورسي إن الجملة الأولى التي تشير إلى النّور هي قوله تعال: «مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ» أي مثل النّور الإلهي أو القرآني أو المحمدي هو مشكاة فيها مصباح. وقيمتها الرقمية في الجفر 998. إذا حسبنا النون المشددة نونين فإنّها تساوي القيمة الرقمية لرسائل النور. لذلك فإنّ دلالة الآية إلى هذا الإسم دلالة قطعية.
أي أنّه يدّعي بهذا القول أنّ المراد بقوله تعالى: «مِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ» هو رسائل النور. وهو لايصرح بذلك ولكنّه يؤكد ذلك بكلام آخر كما سيأتي.
وقد غيّر سعيد النّورسي الجملة التي أخذها من الآية حيث حذف “ك” من أول كلمة «مِشْكَاةٍ» وجعل “ال” من كلمة “النّور” نونا فأصبحت رسالة نُّور. وهي في الأصل رسالة النّور. وأراد بالنّون الثاني الصوت الحاصل نتيجة إدغام “ال” الشمسية؛ ومن غير هذا التغيير لم يستطع أن يصل إلى الغاية المطلوبة.
الجملة الثانية: يقول سعيد النّورسي إن الجملة الثانية في الآية التي تشير إلى رسائل النّور هي قوله تعالى: « الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ». وقيمتها الرقمية 546. والقيمة الرقميّة لرسائل النّور هي 548. وبينهما تطابق مع وجود الفرق السرِّي بينهما. وقد حرّف النّورسي الجملة حيث أخذ من الآية جملة اسمية ثم أضاف إليها فعلا وهو الكلمة الأولى من الجملة الفعلية التالية. يعرف ذلك جيدا من له إلمام في اللغة العربية. وبالرغم من ذلك لم تتوافق الأرقام فاضطر إلى تسمية كتابه بـ “رسالئ النّور” خلافا للقواعد اللغوية. ولم يكتف بذلك بل ذهب إلى القول بالفرق السرِّي.
الجملة الثالثة: يقول النّورسي إنّ الجملة الثالثة من الآية التي تشير إلى رسائل النّور هي قوله تعالى: ” مِنْ شَجَرَةٍ”. لو جعلنا التاء المربوطة في ” الشجرة” هاء سكتية، تكون قيمتها الرقمية 598 قد توافقت تماما مع القيمة الرقمية لرسائل النّور ورسالئ النّور. وكذلك وافقت بالتوافق الإشاري مع القيمة الرّقميّة لـ “من فرقان حكيم” شملت على رسائل النور كما دلت على كون رسائل النّور شجرة مباركة من الفرقان مع الفرق السرِّي الواحد. ولو تركت التاء المربوطة في “الشجرة” كما هي يكون مقامها الجفري 993 ووافقت مع 998 وهي القيمة الرقميّة لـ “رسالة النّور” مع خمسة فوارق سرِّية التي لا تجلب الضرر للتوافق. والآية تدلّ على هذا الاسم أي اسم رسالة النّور، لأن معناها متوافق معها.
ويفهم مما سبقا واضحا أن كتب سعيد النورسي؛ تسمى بأسماء مختلفة مثل: رسالئ نور ورسائل النّور ورسالة النّور ورسالئ النّور.
نرى أنّ النّورسي أخذ من الآية كلمتين وسمّاهما جملة. ثم بدل حرف التاء المربوطة التي قيمتها الرقمية 400 بحرف هاء التي قيمتها الرقمية 5. وأعطى لرسالئ النور قيمة رقمية 598 وقد قال سابقا إنّ قيمتها الرقمية 548. وبالرغم من كل المحاولات لم تتفق الأرقام فاضطر إلى القول بالفرق السري. ثم أضاف إلى الآية عبارة “من فرقان حكيم” والتي لا وجود لها أصلا في القرآن الكريم، وادعى كون رسائل النّور شجرة مباركة من الفرقان الحكيم. وبهذا قد حرف الآية حيث أصبحت ” مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ رسالئ النور المباركة لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ “. وزعمه هذا يتضح أكثر حين نقرأ كلامه في الصفحات التالية.
الجملة الرابعة: يقول النّورسي إنّ الجملة الثالثة من الآية والتي تشير إلى رسائل النّور هي قوله تعالى: ” نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ” وقيمتها الرقمية 999 تتوافق مع القيمة الرقميّة لرسالة النّور 998 تشير إلى رسالة النّور بالفرق الوحيد السرِّي. ولتوفيق الأرقام جاء بجملتين من الآية وحذف المفعول به من الجملة الثانية. ولم يكتف بذلك بل اضطر إلى القول بالفرق السرِّي,[3]
ب. الإشارات الواردة في حقّ سعيد النّورسي
يرى النّورسي أنّ الجملة الخامسة في الآية هي قوله تعالى: “مَنْ يَشاَء”. يدّعي أنّها تدلّ على لقب اشتهر به مؤلف رسالة النّور بفرق يسير. لو أُظهر الضمير المقدر في “مَنْ يَشَاء” أصبحت العبارة “من يشاؤه”. فحينئذ توافق تماما.[4] واللقب المذكور هنا هو لقبه “كردي”؛ الذي قيمته الرقمية 409. والقيمة الرقمية لعبارة “من يشاؤه” 407. اشتهر بلقب “كردي” نسبة إلى قومه الكرد. وقد عرف الكلمة بـ “ال” التعريف لتوافق الأرقام. ومن العجيب أنّه لم يتحدث عن لقبه. وقد وقع في خطأ لغوي حين قال لو أظهر الضمير المقدر في “من يشاء”؛ لأن الضمير المقدر لا يظهر في اللغة العربية. ولو قيل محذوف بدلا من مقدر لجاز إظهاره ولكن المقدر لا يمكن إظهاره. كما أن الضمير المحذوف في (من يشاء) هو ضمير الفاعل ولكن النورسي أظهر ضمير المفعول على خلاف قواعد اللغة.
يقول النّورسي إنّ القيمة الرقميّة لجملة “من شجرة مباركة” 1311 ذلك حين نجعل التاء المربوطة في “شجرة” وهاء في “مباركة” لأنها في مكان الوقف. فقد أشارت إلى التاريخ الذي بدأ فيه مؤلف رسائل النّور بتدريس العربية التي هي شجرة مباركة لرسالة النور والطريق المؤدي لفهم القرآن الكريم.
وقد جاء في سيرته الذاتية أنّه ولد في 1290. أي أنّه بدأ بتدريس العربية وهو في العشرين من عمره. مع أنّه يدّعي أنّه أصبح أعظم علماء عصره وهو في الرابع عشرة من عمره.[5]
يقول النّورسي: الجملة النّورية ” يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ” تدلّ على أنّ كاتب رسالئ النور يخترق بدون النّار. فهو يتنوّر ويصبح عالما بنفسه بدون حاجة إلى التدريس وبدون أن يتحمّل المشقات الدراسية[6]. نعم، لهذه الجمل الثلاثة ثلاث إشارات؛ اثنتان منها تشيران إلى الكهرباء ورسائل النّور؛ وهما حقيقتان منفصلتان. والثالثة في حق المؤلف؛ وهي كذلك عين الحقيقة. والذين يقرأون السيرة الذاتية وجميع أهل البلد يعرفون جيدا أن مؤلف رسائل النور أتمّ دراسة الكتب التي تُدرس خلال 15 سنة بعد كتاب الاظهار حسب الأصول المدرسية في ثلاثة شهور فقط. فتلك الجملة من الآية تخبر عن طريق الإشارة عن كشف الكهرباء ورسائل النور وعن مولد مؤلفه. كما يظهر وميضا من المعجزة. أي مقام جملة “يكاد زيتها يضيئ” 1279. ولو حسبنا “تنوينان” في “ولو لم تمسسه نار نور” نونين تساوي 1284. فتشير إلى انتشار استعمال الكهرباء وقرب رسائل النور كما تشير بكلمة مقدسة “يكاد” معنىً إلى مولد مؤلفه بعد 14 سنة. فهو توافق تماما نفس التاريخ بحساب الجفري.
كما هو معلوم أن الخيوط الضعيفة الرقيقة حين تجمع تصبح جبلا قويا متينا. بناء عليه فاشارات هذه الآية تؤيد بعضها البعض، فالحكم تام ولو لم يكن التوافق تاما، فالإشارة فيها بمعنى الدلالة.[7]
فسعيد النورسي يجعل الجملة مجزئة ويعدّ الحركة (الاعراب) فيها حرفا ليحصل على الأرقام المطلوبة. ولكن يظهر هنا معلومة مهمة؛ وهي أن سعيد النورسي يقول أنه ولد بعد 14 سنة من 1279. وعلى هذا يكون تاريخ ميلاده 1293 الهجري. وهذا التاريخ موجود في سيرته الذاتية التي كتبها بيده وقدمها إلى شيخ الإسلام. وعلى هذا فإن ما ذكره في سيرته الذاتية وهو 1290 خطأ. ورسالئ النور مملوئة كلها بهذه المدائح. نذكر منها ما يلي على سبيل المثال لا الحصر: حين كان سعيد النورسي في اسطنبول وقف في موقف فوق العادة قائلا: فليسأل الكل ما يريد، فوفد إليه القوافل من العلماء المشهورين فبدأوا يسألون عنه أسئلة شتى معقدة في مسائل مختلفة فكان سعيد النورسي يجيب على كل الأسئلة فورا وبشكل صحيح.[8]
ولنا أن نتساءل هنا عن سبب عدم ذكر اسم واحد من هؤلاء “العلماء المشهورين” الذين وفدوا إلى سعيد النورسي؟؟
ت. الإشارات إلى تأليف رسائل النور
يقول سعيد النّورسي: الآية السابقة لا تشير إلى اسم رسائل النور فقط بل وتشير إلى تاريخ تأليفه واكتماله. والتنوين في “كمشكاة” في قوله تعالى: “كمشكاة فيها مصباح”. تعد نونا لأنها ليست في مكان الوقف، وتكون قيمتها الرقمية 1349. وهي تشير إلى عام 1349 الذي هو تاريخ تأليف أجزاء نورانية من رسائل النور.
وهنا قام النورسي أيضا بتحريف الجملة ليحصل على الأرقام المطلوبة، فهو يعد التاء المربوطة مرة 5 ومرة أخرى يحسبها 450 مع حركاتها (إعرابها). كما أن هناك شيئا يلفت النظر وهو أنه يحذف حرف الكاف من كلمة “كمشكاة” في القسم الأول من الجملة الأولى. ويأتي بهذه الكلمة على “مشكاة فيها مصباح” ثم ادعى أنها تشير إلى رسالة النور. ولم يحسب حركة (إعراب) التاء المربوطة. أي أنه اعتبر الحرف هنا 450 وفي مكان آخر حسبها 400 كذلك حسب حرف الكاف الذي أعطى له قيمة رقمية قدرها 20.
يقول النورسي: جملة “كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد ” القيمة الرقمية لها 1345. وهي توافق تماما إلى انتشار رسائل النور واشتهارها وإضائتها وتاريخ تأليفها. لأن الراء المشددة والنون المشددة والزاي بإعتبارها الأصلية يعتبر لاما وزايا والتاء المربوطة في “زجاجة” الأولى ” تحسب تاء مربوطة لأنها ليست في مكان الوقف. أما في “الزجاجة” الثانية تحسب هاء لأنها في مكان الوقف.
وقد وقف النورسي على جملة ” المصباح في الزجاجة” في الفصل الأول بهدف آخر. وهو يقول: لو حسبنا الزاي المشددة زاءين فعندئذ يكون 1322. فهي توافق تماما مع تاريخ بدأ فيه مؤلف رسائل النور استعداده لتأليف كتب النور.[9] وقد سبق أنه حسب الزاي المشددة زايا ولاما وأعطى لها القيمة الرقمية 37. وهنا يعطي نفس الحروف قيمة رقمية وهي 14. وإذا دلّ هذا إلى شيء إنما يدلّ على أنه لا يوجد عنده ضوابط معينة يستند إليها في إعطاء القيمة الرقمية للأحرف؛ وإنما يتم إعطاء الأرقام للحروف حسب ما يتطلب الأمر للوصول إلى أرقام معينة.
ث. الإشارات إلى قيمة رسائل النور
يقول سعيد النّورسي: وجود الإنسجام القوي بين رسائل النّور والقرآن الكريم من أوجه كثيرة تدلّ بالإتفاق على أنها ليست مجرد إشارة ولا علامة ولكنها دلالة قوية. بل إنها تبين دلالة إلى العلاقة المعنوية للقرآن الكريم مع اختراع الكهرباء وظهور رسائل النور. وأحد المعاني الدقيقة لهذه الآية أنّها تخبر بالمعجزة الغيبية عن اختراع الكهرباء وظهور رسائل النور. كما تخبر تاريخ ظهورهما وما يحدث بظهورهما وكذلك تبين موقفهما المثالي تجاه الأحداث.[10]
مثلا قوله تعالى: “زيتونة لا شرقية ولا غربية” تدل على أنّ المادة القيمة للكهرباء لم تستورد من الغرب ولا من الشرق. وهي نزلت من الأعلى من الفضاء من خزينة الرحمة من السماء. وهي أموال جميع الأماكن. ولا حاجة للبحث في مكان آخر. وكذلك رسائل النور التي هي كهرباء معنوي لم تكن مستوردة من الثقافة الشرقية وعلومها ولا من الفلسفة الغربية وفنونها. بل هي أخذت من مكانها العالي عند العرش الذي هو فوق شرق القرآن السماوي وغربه.[11]
في البداية يستخرج سعيد النورسي من الآية إشارات عن طريق التحريف ويقول إنّها دلالة قوية. ثم يزعم أنّه وصل إلى الخبر الغيبي المعجزي الذي يخبر عن الكهرباء وعن كتبه. ويقول إنّ الكهرباء تنزل من الفضاء لأنّه لا يعرف كيفية توليد الكهرباء؛ كما نزلت كتبه – رسائل النور – من السماء أي من العرش الذي نزل منه القرآن. وقد زعم هذا فيما سبق. أي يدعي صراحة أنّ رسائل النّور نزلت من العرش الذي نزل منه القرآن. وقد نزل القرآن من قبلُ من العرش ثمّ نزل منه رسائل النور، ومعنى ذلك أنّ رسائل النور أحدث كتاب نزل من العرش، وقد بشرت الآية السابقة به وبمن يبلغه حسب زعمه.
ج. الإشارات إلى قرَاء رسائل النور
ولم ينس سعيد النورسي طلابه. فاستخرج من الآية ما يشير إليهم قائلا: إنّ قوله تعالى: “يكاد زيتها يضيئ ولو لم تمسسه نار نور” عبارة “نور” فيها تشير إلى أن المصابيح المعلقة في السقف في القرن 13 و القرن 14 تستضيئ وتنير بدون حاجة إلى نار. ووقته قريب أي أنه يكون في 1280.
هذه الجملة تشير إلى الوضع الإستثنائي للكهرباء وتبين مستقبله عن طريق الإشارة كما تبين رسائل النور التي هي طاقة معنوية ومع أنها علم عميق يمكن لكل واحد حسب قدرته أن يفهم ويستوعب بدون حاجة إلى تكاليف التعليم أو الدراسة أو أن يتتلمذ إلى أحد من العلماء وتلقي الدروس منهم؛ ويصبح بفهم رسائل النّور عالما حقيقيا وباحثا كبيرا.[12]
وموضع آخر يقول النّورسي: والذي يقرأ هذه الرسائل وهذه الدروس مع الفهم ويقبلها يصبح عالما حقا في هذا العصر. وإذا قرأ دون أن يفهم فهو عالم العصر أيضا لأنّه شخصية معنوية من طلبة النور.[13]
يقول النّورسي: إنّ رسائل النّور كتاب يوضح طلاسم القرآن وغموضه، ويُعجز أعند الكافرين.[14] ربما يقصد بالطلاسم والغموض ما حاول شرحه عن طريق الحسابات الأبجدية والجفرية. وغالبا ما يستعملها الشيعة والسحرة؛ وذلك بإعطاء قيمة رقمية معينة لكل حرف من الحروف الهجائية، للوصول إلى الإشارت التي يزعم أنّها من معاني الآيات. كما بينّاه سابقا. وهذا باطل وإثم عظيم. قال الله تعالى: «وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنْ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنْ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ» (آل عمران، 3 / 78).
كما يدّعي النّورسي أنّ رسائل النّور تلزم أعتى الفلاسفة وتسكتهم وقد أذهلت الآلاف من العلماء. ولكن لم يُعرف أحدٌ من هؤلاء الفلاسفة والعلماء.[15] لو أنه ذكر اسم واحد منهم وأخبرنا بأي علم أسكته وأذهله، فنستطيع بذلك تقييم قدرته وبراعته في العلم ومدى حقيقة ذهول الفلاسفة والعلماء أمامه. والحقيقة أنّه يعطي أسماء بعض العلماء والفلاسفة الذين ذهلوا أمام رسائل النور، ولكنّهم قد ماتوا قبل مولد النّورسي وتأليفه لرسائل النور بعصور طويلة. وهو يقول مثلا: لو أمكن عرض علم رسائل النور على أشهر فلاسفة الإسلام كابن سينا والفارابي وابن رشد؛ لخرّوا أمامها راكعين ولاعتنوا بدراستها.[16]
[1] Şualar, Birinci Şua, a.g.e, c. I, 831.
[2] Mustafa Uzun, “Ebced”, DİA, c. X, s. 6870; Metin Yurdagür, “Cefr”, DİA, c. VII, s. 215218.
[3] Şualar, Birinci Şua, a.g.e, c. I, s. 832.
[4] Şualar, Birinci Şua, a.g.e, c. I, s. 832.
[5] Kastamonu Lahikası, a.g.e, c. II, s. 1609
[6] Şualar, Birinci Şua, a.g.e, c. I, s. 833.
[7] Şualar, Birinci Şua, a.g.e, c. I, s. 833.
[8] Said Nursî, Sözler, Sözler Yayınevi, İstanbul 1993, s. 726.
[9] Şualar, Birinci Şua, a.g.e, c. I, s. 832
[10] Şualar, Birinci Şua, a.g.e, c. I, s. 833
[11] Şualar, Birinci Şua, a.g.e, c. I, s. 833.
[12] Şualar, Birinci Şua, a.g.e, c. I, s. 833.
[13] Said Nursî, Lem’alar, Yirmi Birinci Lem’a, a.g.e, c. I, 672.
[14] Emirdağ Lâhikası (1), Mektup No: 24, a.g.e, c. I, s.1695.
[15] Şualar, On Dördüncü Şua, a.g.e, c. I, s. 1037.
[16] Sikkei Tasdiki Gaybî, a.g.e, c. II, s. 2104.
أضف تعليقا