السؤال: يُقال أنّ هناك تطورا في مجال التَّحكُّم بجينات الجنين في بطن أمِّه، حيث يمكن تحديد جنسه من خلال تدخُّل مخبريّ. فهل يمكن للزَّوجين أن يطلبا تحديد جنس الجنين، وخاصَّة أنَّ بعض الأسر يكون لديها ذكور بدون إناث، أو إناث بدون ذكور، فيرغبون بتنويع أولادهم بين الذُّكور والإناث. فهل هناك مشكلة من النَّاحية الدِّينيَّة.
الجواب: من الظاهر أنَّ هذا الإجراء يخلُّ بالتَّوازن الذي قدَّره الله تعالى في الأشياء، ومعلوم أنَّ تدخُّل الإنسان في التَّوازن الطبيعيِّ للأشياء يؤدِّي إلى نتائج وخيمة. يقول الله تعالى:
{إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} (القمر 49)
إذا لم تفسد المقادير والموازين فإنَّ كلَّ شيء سيبقى جميلا. يقول الله تعالى:
{الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ. ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ. ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ} (السجدة 7- 9)
المخلوق الوحيد الذي يُفسد التَّوازن هو الإنسان. يقول الله تعالى:
{ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} (الروم 41)
كما هو معروف ، فإن الله قد وضع خيارين أمام النَّاس، الأول هو التَّصرف وفقًا للقوانين الإلهية، والثَّاني هو العمل ضدَّها. ولأنَّ خالق الطبيعة هو الله، فكلُّ ما نسمِّيه “قانون الطَّبيعة” هو قانون إلهي.
لقد أعطى اللهُ تعالى الشَّيطانَ القدرةَ على الدِّعاية ضدَّ الشَّرائع الإلهيَّة. فكان من أهم أعماله تشجيع النَّاس على إفساد الطَّبيعة. يقول الله تعالى:
{… وَقَالَ (الشيطان) لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا. وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ، وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} (النساء 119)
لكلِّ هذه الأسباب، لا يجوز التدخل في الجينات من أجل تحديد جنس الجنين حتى لو كان بنيَّة تنويع الأولاد، لأنَّ في ذلك تعطيلا للتَّوازن الطَّبيعي. يقول الله تعالى:
{لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ، يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ} (الشورى 49)
ولو تصوَّرنا إمكانيَّة التَّحديد والإفتاء بجوازه وإقرار الجهات الرَّسميَّة به، فمن المؤكَّد حصول خلل كبير في أعداد الجنسين ولو بعد حين، وكفى بذلك من مفسدة تمنع من القول بجوزاه.