الخصائص والميزات التي عُزيت لسعيد النورسي
تؤمن جماعة النور بعقيدة النور المحمدي والحقيقة المحمدية، كما يؤمن بها الكثير من الطرق الصوفية. يدعي سعيد النورسي – بشكل غير مباشر – أنه يمثل الحقيقة المحمدية. وهو يرى أن منبع رسائل النور هو النور المحمدي.[1] ويقول عن نفسه؛ إنه الشخصية الحقيقة الروحية لرسائل النور.[2] أي أنّ النور المحمدي أو الحقيقة المحمدية هو ما يمثله حقيقة. ونجد في رسائل النور عبارات تدل على أنه أعطي هذه الخصائص والميزات..
أنه في مقام الفردية
والذي يمثل الحقيقة المحمدية يعتبر في مقام الفردية لأن الحقيقة المحمدية تمثل مع الله تعالى وجهين لحقيقة واحدة. يقول سعيد النورسي: قد اضطررت أن أبوح بسر لم يكن قد خطر على بالي إفشاؤه من قبل، وهو أنّ الشخصية الروحية لرسائل النّور (سعيد النورسي) ومن يمثلها من تلاميذه الخصوصيين قد شُرِّفوا بمقام الفردية؛ لذلك ليس عليهم من سلطة سواء أكان من قطب ديار أم القطب الأعظم الذي يمضى معظم أوقاته في منطقة الحجاز. ولهذا السبب ليس من الضرورة أن يدخلوا – أي طلبة النور – تحت أمر أحد حتى ولو كان قطبا أعظم. كما لا يجب أن يعرفوه مثل الإمامين في كل عصر من العصور. كما أظن أن الشخصية الروحية لرسائل النور (سعيد النورسي) هو أحد هذين الإمامين. ولكنّي الآن عرفت أنّ رسائل النور والتي ارتبط بها الطلاب في الآونة الأخيرة قد تشرفت بمقام الفردية.
وعلى هذا السر الذي يجدر أن يبقى خفيا؛ لو حدث في مكة المكرمة شيء غريب، أي ظهر قطب أعظم واعترض على رسائل النور فعلى طلبة رسائل النور أن يثبتوا، وأن يعتبروا معارضة القطب الأعظم المبارك كتحية ود. وأن يشرحوا النقاط التي كانت محل اعتراضهم ويقبلوا يديه لجلب اهتمامه لرسائل النور.[3] ويعرف القطب بأنه أكبر ولي. وترى الطرق الصوفية أنّه يملك حقَّ التصرف في الكون. ويلي القطب إمامان أحدهما إمام اليمين والآخر إمام اليسار. ويُعتقد أنّ إمام اليمين مطلع على أحكام القطب وإمام اليسار على حقيقته. أي يعرف أحدهما القرارات التي يصدرها القطب والآخر حقيقة ذاته. وإذا مات القطب ينوبه إمام اليسار. ويتشكل من القطب والإمامين أقانيما ثلاث.[4]
وكان سعيد النّورسي يظنّ أنّه أحد هذين الإمامين، كما أشرنا إليه سابقا. والقطب ليس واحدا بل هناك أقطاب. ويقال قطب الأقطاب أي القطب الرئيسي، ويقال عنه كذلك الغوث أو الغوث الأعظم، بمعنى المغيث لمن يستغيثه. وقد قال سعيد النورسي عنه نفسه بأنه الغوث الأعظم. ويرى المنتسبون للمذهب النورسي؛ بأنّ القطب هو الشخص الذي تتجلى فيه الحقيقة المحمدية. وقد استعمل فيزخان في الأبيات التي كتبها لسعيد النورسي وسمّاها القصيدة النّورانية استعمل فيها هذه العبارات: لأنك مدلل لمن كان رحمة للعالمين في هذا العصر، ولأنّك وارث لشفيع المذنبين. أغثنا يا غياث المستغيثين! ودعاء آخر له؛ يا رسائل النّور! يا شعلة محمد الذي هو رحمة للعالمين![5] ولهذا المقام رأسان؛ أحدهما قطب الإرشاد والثاني قطب الوجود. ويرون أنّ قطب الإرشاد يمثل الجهة الباطنية للنّبوة. أمّا قطب الوجود يمثل الجهة الباطنية للحقيقة المحمّدية.[6] وقد نقلنا سابقا ما قاله الإمام الرباني في قطب الإرشاد. ويرون أنّ قطب الإرشاد يكون واحدا في كل فترة؛ أي أنّه مقام فردي. ويدعي سعيد النورسي أنه وصل إلى هذا المقام الفردي. وقد اصطحب طلبة رسائل النور عنده. كما يعتقد أهل الطرقات الصوفيّة أنّه يلي الإمامين، الأوتاد (وعددهم أربعة) الذين يتصرفون في جهات الأربع من الكون، والأبدال الأخيار (وعددهم سبعة) الذي يتصرفون في الأقاليم السبعة، والنجباء (وعددهم أربعون) الذين يعينون الناس، والنقباء (وعددهم ثلاث مائة) الذين يراقبون النّاس وأحوالهم. ويزعم سعيد النّورسي أنّ مقام القطب الأعظم الذي هو فوق المتصرفين في الأرض أقل بكثير من مقام طلبة رسائل النور. لذا ليس من الضروري لهم أن يدخلوا تحت أمر القطب الأعظم، والذي من الممكن أنه لم يستوعب رسائل النور بعد. فيُتوقع من مثل هذا الشخص أن يعترض على رسائل النّور. فعلى طلبة رسائل النّور أن يثبتوا، وأن يعتبروا معارضة القطب الأعظم المبارك كتحية ود. وأن يشرحوا النقاط التي كانت محل اعتراضهم ويقبلوا يديه لجلب اهتمامه لرسائل النور.[7]
قال الله تعالى: «وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ. إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ. وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ» (البقرة، 2 / 167).
أنه بديع الزمان
كلمة “بديع” من بدع؛ فيها أصلان: أحدهما ابتداء الشيء وصنعه لا عن مثال. وهو صفة يختص بها الله تعالى.[8] قال الله تعالى: «بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ» (البقرة، 2 / 117). والآخر الكائن الوحيد الذي لا مثيل له. وعلى هذا أن بديع الزمان؛ يعني الرجل الوحيد الذي لا نظير له في عصره. وهي ميزة تتناسب تماما مع مفهوم “الإنسان الكامل والحقيقة المحمدية. قال حسن فيضي واصفا سعيد النورسي في قصيدة أطلق عليها القصيدة النورانية:
أنت المصدر الأول! للعسل والسكر، والبحر وجميع العلوم والبراعة، فلم يظهر في العالم ما يماثل أثرك، يا مرآة من كان رحمة للعالمين رسائل النور![9]
ورسائل النور هنا تعني الرسالة بمعنى رسول النور. وفي مواضع كثيرة يُقصد برسائل النور ذات الشخصية المعنوية لسعيد النورسي. فيظهر لنا أنه يعني برسالة النّور رسول النّور. يدّعي النّورسيّون أنّ لقب بديع الزمان قد أُعطي له في عنفوان عمره من قبل كبار العلماء حين رأوا غزارة علمه مثل المحيط الأطلسي وما يملكه من الخصائص فوق العادة.[10]
أنه رحمة للعاملين
قال الله تعالى مخاطبا نبيه صلى الله عليه وسلم: «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ» (الأنبياء، 21 / 107). أمّا حسن فيضي فقد قال شعرا يدعي فيه أنّ هذه الآية تشير إلى سعيد النّورسي. كما قال فيه سعيد النّورسي لم أُبدِ رأيا بهذه المدائح الرائعة اعتقادا بأنها تُعطى بعض الخصائص للحقيقة المحمدية لوارثه الجزئي بالمعنى المجازي، لأن رسائل النور مظهر ومثال لتلك الرحمة الكلية، ولكن لا تُضاف إليها بعض الكلمات للدلالة على الفرق بين الحقيقة الأحمدية وما انعكس في المرآة.[11]ونكتفي بنقل ترجمة بعض أجزاء للشعر لأنه طويل:
أي رسالة النور! أنت رحمة للعالمين في هذا العصر،
فما سعد العالم اليوم إلا بك.
وهذه القلوب المرضى قد أصبحت مدمرة،
فهل لديك آية من لقمان،
تعال واشفِ يا محبوب ذا شأن،
ويا مدلل من كان رحمة للعالمين.
فخر عالم نزل من العرش إلى الأرض،
وسلطان الولاية (علي) ركب البراق،
وقد قيل اليوم لـ “ذو الفقار” نورا
أي رسالة النور! أنت رحمة للعالمين في هذا العصر،
طريقنا طريق نوراني من هذا النور،
وجميعنا عبد لهذا النور،
ما أسعد من مشى في طريق النور،
أي رسالة النور! أنت مثال لمن كان رحمة للعالمين.
أنت جوهر في هذا العالم،
أنت عين كلية تنظر من كل الذرات،
وأنت الوجه الذي يُعجب به الكون،
أي رسالة النور! أنت مثال لمن كان رحمة للعالمين.[12]
أنه يغيث الملهوف
جاء في الشعر الذي كتبه حسن فيضي وأعجب به سعيد النورسي العبارات التالية:
نحترق بذنوبنا مثل الأفران،
ونئن كل يوم من القلق أنينا،
فاغفر لنا فأنت محبوبنا دائما،
أي رسالة النور! أنت مثال لمن كان رحمة للعالمين.
أنزلت السماء آفات وأخرجت الأرض آفات،
يا ويلتا قد اضطربنا من الآلام من كل النواحي،
فارحم للعالمين يا نور مولى،
أي رسالة النور! يا مدلل من كان رحمة للعالمين.
قد أحيط هذا العالم العظيم بنار،
قد سجرت البحار كالجحيم،
أغثنا يا سلطان الأولياء،
أي رسالة النور! أنت رحمة لهذا العصر.[13]
أنه يحمل القرآن الكريم وصفات الله تعالى
وقد قال سعيد النورسي تعليقا على قصيدة كتبها حسن فيضي:
وقد كتب حسن فيضي الذي هو من الطلبة الخصوصيّين القدماء لرسائل النور هذه القصيدة بكل إخلاصه وقناعته واعتماده القوي وعلمه العميق وإيمانه النوراني وبإلهام من السكة التصديقية الغيبية.[14] كتب هذه القصيدة ليعرف كنه رسائل النور ونور محمد الذي هو مصدر ذلك النور وحقائق القرآن وأسرار الإيمان.[15]
وقوله ” ونور محمد الذي مصدر ذلك النور وحقائق القرآن وأسرار الإيمان” مهم جدا. لأنه يرى أن هذه الخصائص قد أعطيت له بسبب كونه الشخص الحقيقي والمعنوي لرسائل النور. وهذا الزعم ينطبق تماما مع العقيدة الحقيقة المحمدية. لأنههم يزعمون أنّ الحقيقة المحمدية هي المصدر الذي أخذ منه جميع الأنبياء والأولياء علما لدنيا وباطنيا، كما أنه وسيلة لتوصيل الفيض من الحق إلى الخلق.[16] ومن أجل ذلك يعتبر سعيد النورسي ورسائل النور أصل القرآن الكريم وحقيقته وأسرار أسرار الإيمان.
وقد صرح بذلك حسن فيضي حيث قال:
أنت دواء للأمراض ومحبوب للأنفس،
أنت القرآن وجامع الأسماء ،
أي رسالة النور! يا رحمة العالمين![17]
أنه يظهر في كل عصر في صورة أشخاص مختلفة
الحقيقة المحمدية لا تعني الشخصية التاريخية لمحمد صلى الله عليه وسلم. فهم يرون أنها تظهر في كل عصر بشخصيات وأسماء مختلفة، نبيا حينا ووليا حينا آخر.[18] ويؤمن سعيد النورسي بكونه يمتلك هذه الأوصاف والخصائص. كما يظهر هذا من قوله:
“أنا تولدت الآن من ثمانين سعيدا تمخضوا في أربعين سنة بقيامات مسلسلة واستنساخات متسلسلة فهذا السعيد حي ناطق ميتون لو بالانجماد تماسك ماء الزمان وتمثل أولئك السعيدون وترآوا لما تعارفوا. تدحرجت عليهم في الأطوار فتفرق مني ما زان وأخذت منهم ما شان فكما أن أنا الآن هو أنا في هاتيك المراحل كذلك أنا أنا فيما يأتي بموتي من المنازل إلا أنه في كل سنة بمهاجرة إثنين لساكني تلك البلاد يجدد أنا لباسه فيلبس السعيد الجديد ويخلع العتيق.[19]
وقوله “أنا تولدت الآن من ثمانين سعيدا” مهم؛ فقد جاء في التوراة أنه قد مضى من موت آدم عليه السلام إلى وفاة يعقوب عليه السلام 2413 سنة. وقد عاش يوسف عليه السلام 110 أعوام. وعاش آدم عليه السلام 130 عاما.[20] وكان ما بين يعقوب وميلاد عيسى عليه السلام 1600 سنة. وعلى هذا فمجموع السنوات من آدم عليه السلام إلى مولد عيسى عليه السلام تكون 4000 سنة. وعلى أنّ سعيد النورسي مات في عام 1960 فتكون مجموع السنوات من آدم إلى موت سعيد النورسي 5960 سنة. لو قمنا بتقسيم هذه السنوات على 80 فيكون عمر كل جسد ممن دخل فيهم السعيد 75 عاما. فيكون “قوله إنّه في بدنه الثمانين” نتيجة هذه الحسابات حسب ما جاء في التوراة من القصص المتعلقة بالأنبياء وأعمارهم.
وهي عقيدة تناسخ الأرواح المعروفة في الديانة الهندوسية. ويرى سعيد النّورسي أنه فوق الثمانين ويبقى فوقهم حتى قيام الساعة. أي أنّه النّبي المرسل والمرشد الأعلى في كل عصر، وهو المجدد والمهدي والمسيح المنتظر.
ونود أن نورد ما يتعلق بهذا الموضوع كما جاء في رسائل النور:
“بذلك النور حمى الحوت يونس، وبه أُهلك قوم لوط”.
وبذلك النور قد اقتنع كثير من الأولياء،
وبذلك النّور أصبح كثير من الأزلاء كرماء.
انفتحت السماء على الفور، وتلألأت رسائل النور التي نبعت من النور، فأسعد بها الخالق الرحمان الخلق.
وطالما طلعت الشمس على البلاد،
يسعد أصحاب القلوب المنكسرة ويفرحون.
أي برهان القرآن الذي نبع من النور الأصيل،
أي حجة الإيمان الذي صدر من أسرار الفرقان.
أنت مطلوبنا ومنك الموعود،
فكلنا اليوم مسعود وقوي في ظلك الوارف.
الدنيا في كل لحظة كانت تنتظرك وتردد اسمك،
وقد أظهر اليوم الحق نفسه وتحقق الحلم،
منذ 1300 عام قد عاد الملايين إلى التراب،
ما برح المؤمن الموحد في انتظارك يا حبيب!
فكل لم يكن يتلفظ الحديث إلا عنك،
والله! وقد حفظت وأردد ذاك الحديث،
المجدد الكبير الأخير والله! هو رسالة النور.
فاعف عني يا رسالة النور فعفوك وكرمك عظيمان،
لا تجعلني يا ربنا منك مهجورا لحظة.
من أجل النور ومن أجل الحق ومن أجل الصداقة يا نور!
سرني اليوم بنورك وسرك .[21]
تلميذك العاجز حسن فيضي.
أنّه المرشد الأعظم
تُعرِّف جماعةُ النّور سعيدَ النورسي على النحو التالي: ينادي بديع الزمان سعيد النورسي واقفا على منار القرن الرابع عشر الهجري والقرن العشرين الميلادي مسلمي عصره وإنسانه؛ وتحدث مع من اصطف بعدهم من أهل العصور ومن وقف في صفوف الأجيال القادمة كأعظم مرشد ومجدد.[22]
أنّه المهدي المنتظر
إنّ قسماً من طلاب النّور الذين لهم أهمية، يظنون بك، أنك الشخص الذي سيأتي في آخر الزمان من آل البيت، ويصرّون على ظنهم هذا، ولكنّك ترفض بإصرار أيضاً ما يدور في أذهانهم، وتتحرز منه وتتجنبه. وهذا في ذاته تناقض وتضاد. نريد حلّه.
ثم يردف إزاء سؤالهم هذا بقوله: “إنّ الشخص المعنوى الذي يمثل مهدي الرسول المنتظر له ثلاث وظائف. وأهم تلك الوظائف هي إنقاذ الإيمان، ثمّ إحياء الشعائر الإسلامية باسم الخلافة المحمّدية، ويسعى ذلك الشخص لإنجاز هذه المهمة نظراً لتعطل كثير من أحكام القرآن وقوانين الشريعة المحمدية.
هذا وإنّ طلاب النور يرون أنّ الوظيفة الأولى كلياً في عهدة رسائل النور. أمّا الوظيفتان التاليتان فهما بالنسبة للأولى ثانوية وثالثية. لذا يتقبلون الشخص المعنوي لرسائل النور أنه نوع من المهدي حقاً، ويُعطى ذلك الإسم أحياناً إلى هذا الضعيف العاجز الذى يعتقد قسم منهم أنه يمثل ذلك الشخص المعنوي. حتى إن قسماً من الأولياء يرون في كراماتهم الغيبية أنّ رسائل النّور هي مهدي آخر الزمان ومرشده. وهم يقولون: إنّ هذا الأمر يفهم بالتحقيق والتأويل.
ولكن هناك إلتباس في نقطتين، لا بد من التأويل:
الأولى: إنّ الوظيفتين الأخيرتين، رغم أنّهما ليستا بأهمية الوظيفة الأولى من زاوية الحقيقة، إلاّ أنّ الخلافة المحمدية والإتحاد الإسلامي هما لدى عامة الناس وأهل السياسة ولاسيما في أفكار هذا العصر_ أهمّ من الوظيفة الأولى بألف مرة. وعلى الرغم من أنّ الله يبعث في كل عصر مهدياً ومرشداً _وقد بعث فعلاً_ إلاّ أنهم لم يحرزوا لقب المهدى الأكبر لآخر الزمان، حيث إنّهم ادّوا في جهة من الجهات وظيفة واحدة من تلك الوظائف الثلاث.
الثانية: إن ذلك الشخص العظيم الذي سيظهر في آخر الزمان هو من آل البيت، وإني وإن كنت بمثابة ولد معنوي لسيدنا علي رضي الله عنه حيث تلقيت منه درس الحقيقة، وأنّ طلاب النّور الحقيقيين _في معنى من المعاني_ يعتبرون من آل محمد ، وأُعدّ من هذه الجهة من آل البيت.[23]
إنّ الولي عثمان الخالدي الذي كان يأكل خبزا أربعين يوما ولا يأكل غيرها، وشُكري طوبال العالم المشهور من علماء اسبارطة، كلاهما قد شاهد حقيقة؛ وهي: أنهم قد رأوا الوظائف كلَّها في رسائل النور. لأنّ الذي تنتظره الأمة وسيأتي في آخر الزمان، له مهام ثلاثة، وأنّ أهم وظيفة من هذه الوظائف الثلاث وأعظمها وأجلها هي نشر الإيمان الحقيقي وإنقاذ الإيمان من الضلالة. ومن أجل ذلك فإنّ عليا رضي الله عنه وعبد القادر الجيلاني وعثمان الخالدي قد أشاروا – إشارة تفيد يقين- إلى أن مقام الشخص المنتظر في الشخص المعنوي لرسائل النور (أي في سعيد النورسي). وتدل هذه الحقيقة إلى أنّ الشخص المنتظر يطبق رسائل النور كبرنامجه الخاص.[24]
سعيد النورسي هو عيسى المنتظر نزوله، وذلك حسب ما صرحت به رسائل النّور. لأنّ الذين ينتظرون نزول عيسى، يؤمنون أنّه سيقتل الدجال.[25] قد أشارت إليه القصيدة – التي قال عنها سعيد النورسي أنها قصيدة نورانية- . كما جاء فيها:
نورك يطفئ كل حريق، ويحول نورك كل مكان حديقة ورد.
ويأتي يوما يقتل فيه نورك الدّجّال، أي رسالة النّور! أنت نور من كان رحمة للعالمين.[26]
أنه منقذٌ لمن دخل في إطار رسائل النور
يؤمن جماعة النور أنّ سعيد النورسي ينقذهم من البلايا في هذه الدنيا. كما جاء ذلك في القصيدة – التي قال عنها سعيد النورسي أنها قصيدة نورانية-:
ليشفي جرحنا الآن قليلا، وليروج نقودنا التي أصبحت قديمة.
أنشر نورك يجعل السواد بياضا، أي رسالة النّور! يا ضياء رحمة للعالمين.
يا صرخة العاشقين التي بلغت العرش، تُبكي هؤلاء الأجداد أصحاب الروح النظيفة.
أغثنا لوجه الله، أي رسالة النور! يا رحمة المحتاجين.
أنزلت السماء بلاء وأخرجت الأرض بلاء، ياويلتا! إهتز العالم بألم.
يا نور مولانا رحمة العالمين، يا مُدلّل من كان رحمة للعالمين.
هناك فيضانات والدم من ناحية أخرى يتدفق، ونار تلك البلايا تحرق العالم.
والناس يبكون وإليك تنظر، أي رسالة النور! نموذج من كان رحمة للعالمين.
قد أحيط العالم بالنار، فالبحار سجرت مثل الجحيم.
أغثنا يا سلطان الأولياء! أي رسالة النّور! في عصرنا أنت رحمة للعالمين.
على من يُستغاث بسعيد النورسي. من هو الذي جعل البحار تسجر، وأحاط العالم بالنار؟ والشخص الذي يُستغاث به على الله ألا يلزم له أن يكون أقوى من الله؟ وأرحم منه تعالى؟ وأعرف بأحوال الناس؟ كيف يرتكب المسلم الذي يقول في صلواته الخمسة “إياك نعبد وإياك نستعين” هذا الإثم الكبير؟!.
أنه شفيع لطلاب النّور
تؤمن جماعة النّور أنّ سعيد النّورسي شفيع لهم. وهذا بعض ما يتعلق بالموضوع من أقوالهم:
بقبول هذا الدعاء، دعاء سيعد النورسي، الشخص المعنوي المبارك لذلك النور وترجمانه المحترم: “انقذنا، وآباءنا وأمهاتنا، وطلبة رسائل النور وآباءهم وأمهاتهم من النار.” وأمثاله من الأدعية وبشفاعته وأجله، فأنت حين تدخل ذاك الإطار المبارك مثل هؤلاء الطلبة المحترمين تفلح وتنجى من الهول المحيط بالعالم ومن النار في الآخرة،كما نجى وأفلح طلبة رسائل النور وخادميها والمحلات التي تحميها، وكذلك تُنجي أحباءك من عائلتك بسبب كونك راعيا لهم. وكلكم تبلغون إلى الفلاح المعنوي والمادي.[27] يا طلاب النّور! تنقذكم شفاعة النور وصلاته وهمته.[28]
[1] Emirdağ Lâhikası (1) Mektup No: 71, a.g.e, c. II, s.1725
[2] Emirdağ Lâhikası (1) Mektup No: 71, a.g.e, c. II, s.1725
[3] Lâhikası Mektup No: 121, a.g.e, c. II, s. 1644.
[4] Kamil YILMAZ, Altınoluk Mecmuası, Aralık 1995.
[5] Sikkei Tasdiki Gaybî, a.g.e, c. II, s.2102
[6] Hasan Kamil YILMAZ, “Ricâl’ulGayb”, Altınoluk Mecmuası, Aralık1995.
[7] Lâhikası Mektup No: 121, a.g.e, c. II, s. 1644.
[8] Şemseddin Sami, Kamusi Türkî, İstanbul 1317 tarihli nüshadan ofset baskı, İstanbul, 1999.
[9] Sikkei Tasdiki Gaybî, a.g.e, c. II, s. 2102.
[10] Tarihçei Hayat, İlk Hayatı, a.g.e, c. II, s. 2129.
[11] Sikkei Tasdiki Gaybî, a.g.e, c. II, s. 2101–2102. Yazı sadeleştirilmiştir,
[12] Sikkei Tasdiki Gaybî, a.g.e, c. II, s.21022103.
[13] Sikkei Tasdiki Gaybî, a.g.e, c. II, s.2102
[14] Sikkei Tasdiki Gaybî, Said Nursî’nin kitaplarından birinin adıdır.
[15] Emirdağ Lâhikası (1), Mektup No: 71, a.g.e, c. II, s. 1725.
[16] Mehmet DEMİRCİ, “Hakikati Muhammediye”, DİA, c. XV, s. 179180.
[17] Şiirin tamamı için bkz. Sikkei TasdikiGaybî, a.g.e, c. II, s.2102–2103.
[18] Hasan Kâmil YILMAZ, “İnsânı Kâmil, Altınoluk Mecmuası”, Temmuz 1996, sayı: 125, s. 31.
[19] Said Nursî, İşârât, a.g.e, c. II, s. 2340.
[20] Bakınız, Tevrat, Yaradılış, Bap 646.
[21] Emirdağ Lâhikası (1), Sıra No: 72, a.g.e, c. II, s.1725 vd.
[22] Tarihçei Hayat, Barla Hayatı, s.2144
[23] Şuâlar, On Dördüncü Şuâ, a.g.e, c. II, s.1064.
[24] Sikkei Tasdiki Gaybî, a.g.e, c. II, s. 2061
[25] Bkz. Kastamonu Lahikası, Yirmi Yedinci Mek, a.g.e, c. II, s. 1601.
[26] Sikkei Tasdiki Gaybî, a.g.e, c. II, s. 2102
[27] Emirdağ Lâhikası (1 Mektup No: 81), a.g.e, c. II, , s. 1733.
[28] Emirdağ Lâhikası (1), Mektup No: 81, a.g.e, c. II, s.1733.
نعوذ بالله من هذا الضلال ربنا لاتزغ قلوبنا بعد اذهديتنا وهب لنا من لدنك رحمة انك انت الوهاب