السؤال: يروى عن عبد الله بن مسعود أنه قال (ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف) هل يعني هذا أن صلاة الجماعة لا تسقط حتى عن المريض والعاجز؟.
الجواب: بُعث النبي صلى الله عليه وسلم بالحنيفية السمحاء، وكان من مقاصد رسالة الإسلام التيسير ورفع الحرج، ولا شك أن المريض ومن في حكمه كالعاجز وأصحاب الإعاقات الحركية قد رفع عنهم الحرج. قال الله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا} (الفتح، 17) {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ} (النور، 61) أية الفتح رفعت الحرج عنهم في المشاركة في الجهاد بينما رفعت آية النور الحرج عنهم مطلقا في كل أمر يُشكّل لهم حرجا وعناءً كحضور الجمع والجماعات وصلاة العيدين.
ولما مرض النبي صلى الله عليه وسلم مرضه الذي قُبض فيه لم يخرج لصلاة الجماعة أياما فقد روي عن أنس بن مالك قال: (لم يخرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا، فأقيمت الصلاة ، فذهب أبو بكر يصلى بالناس ، فرفع النبي صلى الله عليه وسلم الحجاب فما رأينا منظرا أعجب إلينا منه ، حيث وضح لنا وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأومأ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر أن تقدم، وأرخى نبي الله صلى الله عليه وسلم الحجاب فلم نوصل إليه حتى مات صلى الله عليه وسلم)[1]
أما قول عبد الله بن مسعود الذي ذكرته في سؤالك (ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف) إنما فيه حكاية الحال الذي كان عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حيث حرصهم على حضور الجماعة، ولا يفهم منه لزوم حضورها للمريض والعاجز لما أسلفنا.
[1] صحيح ابن خزيمة، 5/409 روي هذا الحديث في الصحيحين وكتب السنن ولم يُذكر عدد الايام في الروايات لكن كلها تشير أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحضر الجماعة حين كان يشتد مرضه.
أضف تعليقا