حبل الله
الصيغة الصحيحة للتشهد

الصيغة الصحيحة للتشهد

السؤال: ما هي الصيغة الصحيحة للتشهد، وما قولكم باختلاف صيغة السلام على النبي من المُخاطَب إلى الغائب بعد وفاته كما جاء في بعض الروايات؟

الجواب: التشهد هو أحد الأذكار التي يقولها المسلم في صلاته. قال الله تعالى {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ } (النساء، 103) وقوله تعالى {وَقُعُودًا} يشير إلى ضرورة ذكر الله تعالى في القعود[1] أثناء الصلاة. والتشهد هو الذكر الخاص بالجلوس الأول وأحد الذكرين في الجلوس الأخير.

والذكر الذي درج النبي عليه في الجلوسين هو التشهد، الذي تعلَّمه من أمين الوحي لما صلى به عند البيت مرتين[2]. وهو داخل في دلالة قوله تعالى {عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى} (النجم، 5)  وقوله تعالى {وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا} (النساء، 113).

وقد تناقل المسلمون ما تعلموه من النبي جيلا بعد جيل حتى يومنا هذا، وهو ما عبَّر عنه ابن مسعود رضي الله عنه بقوله: «علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد كفي بين كفيه كما يعلمني السورة من القرآن: التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله»[3]

وقد وردت روايات أخرى في التشهد كلها متقاربة ولا تخرج عن معنى ما رواه ابن مسعود، إلا أن روايته الأكثر صحة وشهرة بين المسلمين. وفي هذا يقول الترمذي: حديث ابن مسعود أصح حديث في التشهد، والعمل عليه عند أكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين.

وفي رواية للبخاري زاد ابن مسعود بعد أن ساق الحديث : “وَهُوَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْنَا، فَلَمَّا قُبِضَ قُلْنَا: السَّلاَمُ  عَلَى النَّبِيِّ”[4]

قَالَ ابن حجر في فتح الباري: هذه الزيادة ظاهرها أنهم كانوا يقولون: “السلام عليك أيها النبي” بكاف الخطاب في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، فلما مات تركوا الخطاب، وذكروه بلفظ الغيبة، فصاروا يقولون: “السلام على النبي”[5]

وهذه الصيغة متوافقة مع السلامة اللغوية، وتعفينا من القول بالمجاز، كما فيها تنزيه للمسلم عن نوازع الشرك خاصة إذا رافقه الاعتقاد أن النبي يسمع السلام ويردُّ عليه.



[1]  أي الجلوس الأول والأخير وجلوس ما بين السجدتين

[2]  انظر سنن أبي داوود، باب المواقيت، 393

[3]  أخرجه أحمد 1 / 422، والبخاري 7 / 135، 136، ومسلم (402) والنسائي (1171)

[4]  صحيح البخاري، باب الأخذ باليدين،  6265

[5]  فتح الباري شرح صحيح البخاري ابن حجر العسقلاني ، دار المعرفة – بيروت، 1379، 11/56

التعليقات

    • الجواب:

      روى البخاري ومسلم عن كعب بن عجرة رضي الله عنه، أن الصحابة سألوا النبي ﷺ:

      يا رسول الله، قد علمنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك؟
      فقال ﷺ: “قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد”.

      وقد اختلف العلماء في حكم قراءتها في الصلاة على قولين:

      الوجوب: وهو مذهب الإمام الشافعي وأحمد في رواية، واستدلوا بأن النبي ﷺ أمر بها، كما في حديث ابن مسعود رضي الله عنه:

      “إذا تشهد أحدكم فليقل: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد…” (رواه مسلم).

      الأمر في الحديث يدل على الوجوب عندهم، فمن تركها عمدًا بطلت صلاته، ومن نسيها فصلاته صحيحة لكنه يُستحب له سجود السهو.

      الندب: وهو مذهب الإمام أبي حنيفة ومالك، فقالوا إنها مستحبة وليست فرضًا، فمن تركها عمدًا أو نسيانًا فصلاته صحيحة، لكن فاتته الفضيلة.

      والراجح لدينا هو الرأي الثاني الذي يقول بالندب

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.