السؤال:
دائمًا ما تؤكدون على العمل الجماعي في شرح القرآن بالقرآن واستنباط الحكمة. حسنًا، هل الطريقة التي اتبعها رسول الله في استنباط “الحكمة” هي نفسها؟ أم أن الرسول كان لديه ميزة خاصة في هذا الشأن؟
الجواب:
رسول الله هو قدوة لنا في استنباط الحكمة وتطبيق الأحكام. ومن المعروف أنه في الفترة المكية كان يقرأ القرآن مع مجموعة من الصحابة ليلًا، وكانت تلك القراءات تعتمد طريقة “الترتيل” (التركيز على المعنى من خلال جمع الآيات ذات الموضوع الواحد) كما ورد في الآيات الأولى من سورة المزمل، وقد استمرت هذه العادة لفترة طويلة كما ورد في الآية الأخيرة من نفس السورة التي نزلت في المدينة. لو لم يكن الأمر كذلك، لما وُجد من يعرف الحكمة ويُعلِّمها بعد وفاته عليه السلام! بل إن الواقع يحكي أن علماء الصحابة قد استمروا في تعليم الناس الحكمة بذات منهج النبي عليه السلام.
ومع ذلك، نرى أن بعض الأخطاء في الاستنباط أو التطبيق التي صدرت من النبي وأصحابه تم تصحيحها أحيانًا بواسطة الوحي، لأن عملية الوحي كانت مستمرة خلال حياته، وهذه هي الميزة التي أتيحت للناس في عصر النبوة، لكننا لا نمتلك هذه الإمكانية، فالذين سيصححون أخطاءنا هم أيضًا من يبذلون جهدًا لاستخراج الحكمة مثلنا. وهذا يحتم على المهتمين بعلم الكتاب أن يبذلوا جهودا مستمرة في الاستنباط والتصحيح، وكلما كان الجهد جماعيا كان أقرب إلى الصواب وأبعد عن الخطأ، لأن العقل الواحد قد تفوته فكرة أو دلالة آية ذات صلة وهكذا.
والآية التالية واضحة الدلالة على توجيه المؤمنين للعمل بشكل جماعي لفهم القرآن واستنباط الحكمة منه:
﴿كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ [فصلت: 3]
﴿وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ [الأنعام: 105]
*وللمزيد حول الموضوع ننصح بقراءة المقالات المتعلقة التالية:
الكتاب والحكمة https://www.hablullah.com/?p=1293
الحكمة في القرآن وطريقة الوصول إليها https://www.hablullah.com/?p=2691