لي صديقة وكلانا ندرس في مدينة أخرى بعيدا عن أهالينا. ولنا بعض التحفظات كوضع اليد في اليد لأننا نعلم بأن ديننا يمنع من هذا ما دمنا غير متزوجين. فأردنا أن نعقد زواجا عرفيا ولا نستطيع أن نخبر أهاليَنا لأنهم حسب ظننا لا يسمحون لنا بذلك حتى نكمل دراستنا. فهل يصح لنا أن نتزوج عرفيا دون علم أهالينا؟ وإذا صح لنا هذا فما حكمه بعد أن ننهي دراستنا ونعقد نكاحا من جديد؟
الزواج العرفي عقد يبرم تحت إشراف شخص أو مؤسسة رسمية كبلدية أو محافظة أو دائرة على اختلاف البلدان ونظمها وتسمياتها. وأول من له الحق في الإشراف على النكاح في ديننا أهلُ المرأة المخطوبة، فكان واجبا عليهم استشارتُها ومعرفةُ رضاها أو عدم رضاها. وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: " أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها وشاهدي عدل فنكاحها باطل…". إلا أن أهلها إذا رفضوا زواجها بغير سبب معقول انتقل الإشراف إلى مؤسسة رسمية كالبلديات عندنا اليوم في تركيا.
وعلى هذا فإن اتفاق رجل وامرأة على النكاح لا معنى له إذ يجب إبرام عقد النكاح بإشراف مشرفين، فلا يُترَك دون مراقبة وتوجيه، ثم يُعلَن للناس فلا يكون سرا ألبتة. فأول ما يجب على من ينوي الزواج أو على أهله أن يخطبوا الفتاة من أهلها، فإذا رضوا به أقاموا وليمة يدعون الناس إليها ليتحقق الزواج . أما إذا رفضوا الخاطب لأسباب ظالمة باطلة، وكانت سن الفتاة قد تجاوز الـ 18 سنة فإن الإشراف ينتقل إلى السلطات الرسمية التي تعقد الزواج رسميا.
هذا، والزواج في نفسه عقد. فمفهوم الزواج العرفي لا موضع له في ديننا، وإنما ظهر كردَّ فعل لمفهوم الزواج الكنَسي المعقود في الكنيسة. ولا بد من عقده وتسجيله رسميا تحت إشراف ومراقبة السلطات الرسمية.
ويبقى أن الحنفية قد أخطؤوا خطئا عظيما حين جوزوا من عندهم عقد الزواج بشاهدين فقط، فلا يجوز في دين الله العمل به ألبتة. وهو مخالف للقرآن والسنة ولعمل الصحابة رضي الله عنهم وعلى رأسهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي جلد من سعى في زواج من غير ولي. على أن الحنفية لا يجيزون نكاحا سريا، بل يعدونه باطلا.
أضف تعليقا