حبل الله
زعم الشيعة بأن الإمامة تكون بالنص الديني.

زعم الشيعة بأن الإمامة تكون بالنص الديني.

يقول محمد رضا المظفر: “إنَّ الإمامةَ لا تكون إلَّا بالنصَّ من الله تعالى على لسان النَّبيِّ أو لسان الإمام الذي قبله، وليست هي بالاختيار والانتخاب من النَّاس، فليس لهم إذا شاءوا أن يُنصِّبوا أحداً نصَّبوه، وإذا شاءوا أن يُعيِّنوا إماماً لهم عيَّنوه” [1]

هناك آلاف الروايات التي تتحدث بإسهاب عن مسألة الإمامة، فتبدي ما للأئمة من علوم شمولية وقدرات خارقة لم تعرف حتى للنبي عليه الصلاة والسلام، فمثلاً عقد الكليني في الكافي فصلا أطلق عليه (كتاب الحجة) ويحوي أكثر من ألف حديث يفيد هذا المعنى[2].

والإمام عند الشيعة واجب الطاعة وأقواله تنزل منزلة النص الديني، يقول المظفر:

“أنّ أمرَهم أمرُ الله تعالى، ونهيَهم نهيُه، وطاعتَهم طاعتُه، ومعصيتَهم معصيتُه، ووليَّهم وليُّه، وعدوَّهم عدوُّه، ولا يجوز الردُّ عليهم، والرادُّ عليهم كالرادِّ على الرَّسول والرادُّ على الرسول كالرادِّ على الله تعالى. فيجب التسليم لهم والانقياد لأمرهم والأخذُ بقولهم”[3].

ومَنْ يُحقِّقُ في دعاوى الشِّيعة في هذا الصَّدد فلنْ يجدَ آيةً واحدة تؤيد دعواهم، بل إنَّ قولَهم هذا مُنافٍ للمنطق ومُخالِفٌ للفِطرة. فكان من الضروري لهم اختراع مصادر دينية جديدة لتمرير معتقداتهم، كـ (أقوال النبي) المزعومة و (أقوال الإمام) الذي هو بمقام النبي عندهم أو أرفع. و(القياس) الذي بموجبه يقيس مقام الولي على مقام النبي ، ثم يدعي العصمة للنبي التي ليس عليها دليل من كتاب الله تعالى[4] ويقيس عليها عصمة الولي.

يقول التستري: “الإمام قائم مقام النبي عليه السلام، و له الولاية العامة في الدين و الدنيا و ساد مسده ، فكما أنه شرط في النبي اتفاقاً فكذا في الإمام إلزاما”[5].

و قد برر الخميني الاعتقاد بعصمة الأئمة بقوله: “لأن عصمة المعصوم إنما كانت بسبب المنزلة العالية والمقام المحمود الذي لا يبلغه ملك مقرب و لا نبي مرسل، و أيضاً بسبب خلافته التكوينية التي تخضع لولاياتها و سيطرتها جميع ذرات هذا الكون”[6].

وليس كل الشيعة يعدون الأئمة معصومين، فهناك من يعتبرهم علماء أبرار افترض الله طاعتهم مع عدم الاعتقاد بعصمتهم[7].

وإن كان هذا الرأي أهون من سابقة إلا أن زعم طاعتهم دون تقييده بالمعروف فيه تجاوز لحقيقة قرآنية ثابتة، وهي أن الطاعة المطلقة لا تصح إلا لله تعالى ولكتابه، وقد أوجب الله تعالى طاعة رسوله فيما يبلغ من شريعة الله مطلقا لأن طاعته عندئذ هي طاعة لله تعالى، قال الله تعالى:

﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ﴾ (النساء،80).

أي من يطع الرسول فيما يبلغ عن الله من القرآن فقد أطاع الله، أو من يطع ما تقتضيه الرسالة (القرآن) فقد أطاع الله، لأنَّه يتعذَّر معرفة أوامر الله تعالى ونواهيه بدون الرِّسالة وهي لا تأتينا إلا عبر الرَّسول. والرَّسولُ لا يزيد ولا ينقص في كلام الله. قال تعالى:

﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ. لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ. ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ. فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ﴾ (الحاقه 44-47)

وعندما تتحدَّث الآيات عن محمَّد صلى الله عليه وسلم بوصفه نبيَّا تقيِّد وجوب طاعته بالمعروف، كما جاء في قوله تعالى:

﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (الممتحنة، 12)

قيَّدت الآية وجوب طاعة النَّبي بالمعروف لأنَّه بهذه الصفة قد يخطئ لأنَّه بشر،  وقد وردت كثير من الآيات تعاتب النَّبي على بعض الأخطاء. والآيات التي  تُبيِّن خطأه لا تستخدمُ كلمةَ رسول أبداً. فقد جاء في حقِّ أسرى بدر قوله تعالى:

﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ. لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ (الأنفال 67-68)

لقد أراد زيد بن حارثة أن يطلق زوجته زينب، وقد خشي نبينا أن يأمره الله تعالى بالزواج منها في حال طلاقها، لأنه سيكون القدوة في إنهاء اعتبار المتبنى كالابن الحقيقي، ذلك أنه كان من غير المقبول في مجتمع النبي أن يتزوج  الرجل من زوجة متبناه المطلقة، حيث كان الابن والمتبنى يعتبران نفس الشيء.

لقد حاول نبينا منع زيد من طلاق زوجته لكن زيدا لم يصغ له ومضى بتطليقها، وقد حصل ما خاف منه النبي وهو أن الله تعالى زوجه من زينب، علمنا هذا من قوله تعالى:

﴿وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ، وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ، وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ ، فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا، وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا﴾ (الأحزاب 37)

لم يطع زيد بن حارثة أمر النبي بإمساك زينب، لأن الطاعة له لا تكون إلا بالمعروف، وأمر النبي إياه بإمساك زينب لم يوافق المعروف، لأن الطلاق مشروع في كتاب الله تعالى وهو حق الرجل في إنهاء الحياة الزوجية بعد تعذر الحياة بين الزوجين، لهذا فإن الآية لم تعتبر زيدا عاصيا، بالرغم من عدم طاعته للنبي، فإذا كانت الطاعة المطلقة لا تجوز للنبي صلى الله عليه وسلم فكيف تصح لمن دونه؟!

إن التناقض الذي تحمله عقيدة الطاعة للمعصوم عند الشيعة لا يمكن تبريرها إلا بالروايات المنسوجة على قدر المسألة، لأن كتاب الله تعالى لا يسعفهم أبدا فيما ذهبوا إليه من عصمة الأئمة ووجوب طاعتهم.

*ما ورد أعلاه هو جزء من مقالة الشيعة في ميزان القرآن ولقراءة المقالة كاملة يرجى الضغط على العنوان المرفق؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1]  المصدر السابق، ص 65

[2]  يحيى محمد، الحديث الشيعي ومشكلة العقيدة، موقع فهم الدين  https://www.fahmaldin.net/index.php?id=100

[3]  محمد رضا المظفر، العقائد الإمامية، ص 65

[4]  جمال نجم،  قتل النبيين والنبوة /ادعاء عصمة الأنبياء  https://www.hablullah.com/?p=3106

[5]  الصوارم المهرقة في جواب الصواعق المحرقة ، ص 50.

[6]  الخميني، الحكومة الإسلامية ، ص47.

[7]  بحر العلوم، الفوائد الرجالية، ج3، ص220

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.