السؤال:
كنت أتسأل ما معنى كلمة موقوتا في قوله تعالى “إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا” هل معناها أنها مرتبطة بميعاد إذا انقضى لا يمكن تعويضها؟
وهل هناك فعلا ما يمنع من صلاة العصر قضاءً مع المغرب؟
وشكرا لسعة صدركم
الجواب:
إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا أي محددا بأوقات معلومة لا يجوز تجاوزها، وهي لا تسقط عن المكلف لأي سبب وفي أي ظرف، ولا تُصلى خارجه إلا بعذري النوم والنسيان، فإن نام العبد عن صلاة أو نسيها فإنه يصليها حينما يصحو إن كان نائما وحين يفطن إن كان ناسيا.
ولا يجب على المقصر أن يقضي ما فاته من الصلاة، لأن الصلاة وجبت على المؤمنين بأوقات محددة لا تُقضى خارجها. يقول الله تعالى:
﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: 103]
وعند النظر في نصوص القرآن فإننا لا نجد ما يجيز قضاء الصلاة خارج وقتها، عدا الحالتين المذكورتين، حيث يصبح وقت تذكرهم أو تمكنهم من إقامة الصلاة هو وقت تلك الصلاة، فيكون بالنسبة لهم أداء في الوقت وليس خارج الوقت.
ومثاله ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نام عن صلاة الفجر، وكذلك نسيانه صلاة العصر في غزوة الخندق؛ فقد صلى الفجر عند استيقاظه كما صلى العصر عند تذكره.
روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الصدد أنه قال:
«لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ إِنَّمَا التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ حَتَّى يَجِيءَ وَقْتُ صَلَاةٍ أُخْرَى»[1]
وروي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال:
«من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك»[2]
ولا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها عند التمكن من أدائها ولو قاعدا أو مستلقيا، لهذا لما اشتكى أحد الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم مرضه، قال له:
«صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب»[3].
وينبغي التنبيه أن تأخير صلاة الظهر حتى وقت صلاة العصر لا يعد أداء للصلاة في غير وقتها، لأن وقتي الظهر والعصر هما في الحقيقة وقت واحد يمتد من دلوك الشمس حتى قبيل غروبها، لكنه ينبغي أداء الظهر أولا والعصر تاليا، وهذا ما يفسر جواز الجمع بين هاتين الصلاتين في بعض الأحيان، لكن صلاتهما متباعدتين هو ما واظب عليه نبينا وكان أغلب حاله.
وما قيل في صلاتي الظهر والعصر يقال أيضا في صلاتي المغرب والعشاء، فلو أخر شخص صلاة المغرب حتى دخل وقت العشاء فإنه يصليها قبل أن يصلي العشاء ولا حرج عليه، على أن لا يتخذ ذلك عادة، لأن نبينا الكريم قد اعتاد على التفريق بين الصلاتين بفاصل زمني وهو الزمن بين أذان المغرب وأذان العشاء[4].
أما لو أخر شخص صلاة العصر حتى دخل وقت المغرب فهنا لا يصح له قضاء الصلاة لأنه قد خرج وقتها، وكذلك لو أخر العشاء حتى دخل وقت الصبح، وكذلك لو أخر صلاة الصبح حتى طلعت الشمس، على أن يكون هذا التأخير من غير عذر (نوم أو نسيان)، ومثل هذا تلزمه التوبة النصوح.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] أخرجه مسلم في المساجد: باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها،(681) وأبو داود (441) والترمذي في الصلاة: باب ما جاء في النوم عن الصلاة (177) والنسائي في المواقيت: باب فيمن نام عن الصلاة،1/294
[2] أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، برقم (597)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684)، وأبو يعلى في مسنده، ج 5، ص 409، برقم (3086).
[3] أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب، برقم (1117)
[4] انظر (الجمع بين الصلوات: الظهر مع العصر والمغرب مع العشاء) https://www.hablullah.com/?p=2211
