قتل المعتدي في حال الدفاع عن النفس

السؤال: قد يواجه الانسان من يعتدي عليه ولا يبقى أمامه سوى الدفاع عن نفسه، وقد يؤدي الدفاع عن النفس الى قتل المعتدي. فما حكم ذلك في الاسلام؟

الجواب : قال الله تعالى {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} (الإسراء، 33) وقد اعتبر من قتل نفسا بغير حق كمن قتل الناس جميعا. قال تعالى {مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا} (المائدة، 32) ولذلك أعتبر قتل النفس بغير حق من أكبر الكبائر.

وقتل الانسان بحق يكون في حال القصاص وهو واضح من خلال الآية 32 من سورة المائدة التي ذكرناها آنفا. أما القتل في حال الدفاع عن النفس فيمكننا مناقشته من خلال استقراء الآيات التالية:

1 – قال الله تعالى  {وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ} (البقرة ،191) أعطت الآية الحق للمسلمين بأن يقاتلوا من اعتدى عليهم في الأشهر الحرم وفي المسجد الحرام، علما بأن القتال فيهما غير جائز، وإنما أبيح دفاعا عن النفس، وإعمالا للقاعدة القرآنية { وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} (الشورى،40) وتكملة الآية {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} ولا شك أنه لا مجال للعفو عندما يكون الشخص تحت طائلة الموت، فلا يبقى أمامه سوى الانتصار لنفسه وقد يؤدي به إلى قتل المعتدي.

2 – قال الله تعالى {الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} (البقرة، 194) وهذه الآية أيضا تقرر لمبدأ الدفاع عن النفس ولكن بحدود الخطر الذي يواجهه الانسان.

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم ” وَمَنْ قُتِلَ دُونَ نَفْسِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ “[1] ونفهم من الحديث جواز أن يدافع الانسان عن نفسه عندما يكون تحت طائلة التهديد، والدفاع عن النفس قد يستوجب رد المعتدي بقتله إن لم يُجدِ دفعُه بدون ذلك.

وما ينبغي الاشارة إليه أنه ليس كل اعتداء يبيح قتل المعتدي، وإنما هو مقيد بالمثل، {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} ولا يجوز الزيادة فلو قتل المعتدي وكان يستطيع رده بدون القتل، اعتبر قاتلا ويتحمل تبعات فعتله .