السؤال:
أليس في الآية 61 من سورة الزخرف دلالة على أن النبي عيسى عليه السلام علامة من علامات يوم القيامة؟ فعند النظر إلى هذه الآية، يبدو أن عودة عيسى إلى الأرض في آخر الزمان من أكبر المؤشرات على قرب قيام الساعة. فكيف يجب أن نفهم هذه الآية؟
الجواب:
الآية المشار إليها في السؤال هي كما يلي:
﴿وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ﴾ [الزخرف: 61]
في هذه الآية، يخبر الله تعالى أن عيسى عليه السلام يُعدّ علمًا ليوم القيامة. ولفهم معنى أنه علم للساعة، ينبغي النظر إلى خلق عيسى عليه السلام؛ فقد وُلد من غير أب، فكان خلقه آية للناس [مريم: 21]، وقد أخبر الله تعالى أن خلقه يشبه خلق آدم عليه السلام:
﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [آل عمران: 59]
لقد خُلق آدم عليه السلام من تراب، ولم تكن له أمٌّ كما لم يكن له أب. فلماذا شبّه الله تعالى خلق عيسى بخلق آدم؟ لأن الأرض كانت وعاءً لخلق آدم ، كما كانت مريم عليها السلام وعاءً لخلق عيسى،. فالقاسم المشترك بينهما هو أنهما وُلدا بغير أب.
وكذلك سيكون حال البعث يوم القيامة، إذ سيُخلق الناس مجددًا من الأرض، كما خُلق آدم من التراب. لهذا، فإن عيسى عليه السلام يعدّ علمًا على يوم القيامة، أي أن الله سبحانه وتعالى يضرب المثل به للذين يُنكرون البعث ويستبعدونه، تمامًا كما شبّه خلق آدم بعيسى، ليكون خلقهما دليلاً على إمكان البعث من جديد.
وكما هو واضح، فإنه لا يمكن الاستدلال بهذه الآية على عودة المسيح إلى الدنيا قبل يوم القيامة، لأن المسيح قد أدى الأمانة وتوفاه الله ورفعه إليه، وهو لا يعلم ما أحدث الناس بعده، وعندما يسأله الله تعالى _يوم القيامة_ إن كان قال للناس أن يتخذوه وأمه إلهين من دون الله سيظهر من جوابه أنه لم يعرف ما أحدثه الناس من تأليهٍ له ولأمه، فلو قُدِّرت له العودة إلى الدنيا قبل يوم القيامة لعلم هذا الحال. يقول الله تعالى:
﴿وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ. مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾ [المائدة: 116-117]
*وللمزيد حول مسألة نزول عيسى عليه السلام قبل يوم القيامة، ننصح بالاطلاع على المقالات التالية:
عقيدة نزول المسيح في آخر الزمان