السؤال:
رغم أن قلبي يتمزق على ما يحدث في غزة! لكن ليسوا لأنهم مسلمين أو مسيحين بل لأنهم مظلومون! لماذا يعتبر المسلمون أن اليهود ام الشرور مثلا أو ما يحدث في فلسطين أسوء نكبة ؟ هل سمعت يوما عن الحاكم البلجيكي الذي قتل ٢٠ مليون أفريقي ؟! كم عدد من قُتل من الهنود الحمر على يد الرجل الأبيض ؟ كم عدد من قتل جنكيز خان ! كم عدد من قتلهم الإنجليز عند احتلالهم أمركيا الجنوبية ! إن التاريخ مليء بالفظائع المهولة ! كم عدد من قتل اليهود في فلسطين مقارنة بهذا العدد مثلا ؟ حتى شهداء الجزائر أكثر من شهداء فلسطين! حتى شهداء محرقة هتلر أكثر من شهداء فلسطين من بداية النكبة ! فلماذا تحرير فلسطين وحده مرتبط بيوم القيامة؟ ألا يوجد قيمة سوى لحياة المسلم حتى في نظر الله تعالى؟ ألا تعتقد أن ثمة فظائع حدثت في العالم تفوق ما يحدث في فلسطين؟ ألا يجب أن تكون قيمة روح الإنسان بغض النظر عن دينه أو عرقه متساوية على الأقل من وجهة نظر الله تعالى حتى يحين وقت حسابه؟ إن الغرب يتعامل معنا على أننا أقل من البشر ونحن أيضا نعتبرهم حطب جهنم فلماذا لا نعتبر أنفسنا أيضا عنصريين نعتقد أنفسنا فوق البشر! إن قلبي ليتمزق على كل إنسان مظلوم ولا أهتم لدينه ولا عرقه، لم أعد أفهم هل أنا على صواب أم على خطأ! أرجو أن تنشروا سؤالي وجوابه.
الجواب:
قتل الأبرياء حرام في دين الله تعالى بغض النظر عن الدين أو العرق، فنفس الإنسان معصومة لا يصح الاعتداء عليها، قال الله تعالى:
﴿وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ، ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ [الأنعام: 151]
النفس كلمة عامة تنطبق على كل إنسان، وفي هذا رد على من توهم أن العصمة لدم المسلم فقط، بل إن الله تعالى كلف المسلمين بنصرة المظلومين حتى لو كانوا غير مسلمين، قال الله تعالى:
﴿وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا﴾ [النساء: 75]
الفظائع التي قام بها هتلر أو جنكيز خان أو غيرهما لا تبرر لأحد أن يقوم بفظائع حتى لو أقل مما فعلوه، فالقتل هو القتل، ومن كان يتجرأ على قتل الآلاف فإنه لا يتردد في قتل الملايين لو كانت الظروف تسمح له بذلك. يقول الله تعالى:
﴿مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ﴾ [المائدة: 32]
ما يفعله الصهاينة في غزة من قتل وتدمير هو مؤشر على همجية هؤلاء القوم التي تفوق ربما همجية جنكيزخان إلا أن الأخير سمحت له الظروف بذلك لاختلاف أحوال زمانه، والفارق الوحيد بينهما أن جنكيز خان لم يدَّع أنه من دعاة الحرية وحقوق الإنسان بعكس الصهاينة الذين يزعمون أنهم جزء من العالم المتنور المؤمن بالمساواة وحقوق الإنسان بينما ضحاياهم متوحشون، وهم بذلك يسيرون على خطى نظرائهم الإنجليز والفرنسيين والأمريكيين الذين قتلوا الملايين في الحربين العالميتين الأولى والثانية وغيرهما من حروبهم التي لا تنتهي، وفي الوقت نفسه يصدعون رؤوسنا في التنظير لحقوق الإنسان والمساواة والديمقراطية وغير ذلك من الشعارات.
هناك واجب أخلاقي يقع على الناس الأسوياء لا سيما المسلمين منهم يقضي بوجوب نصرة المظلومين في غزة، حيث إنهم يتعرضون لأعظم مذبحة في العصر الحديث، على مرأى وسمع العالم وفي البث الحي الموثق الذي لا يحتمل النقض أو التزوير، فآلة الحرب الصهيونية لا تبقي ولا تذر فتعمل في الناس قتلا وفي المباني هدما وفي الطبيعة إفسادا.
لقد تحدثت الآيات الأولى من سورة الإسراء عن إفساد بني إسرائيل في الأرض، وأن نهاية كل إفساد ستكون وخيمة عليهم، والطريقة الوحيدة التي تمكنهم من تفادي العقوبة هي رجوعهم إلى الحق [الإسراء: 1- 9] .
وأخيرا ننوه أنه لا علاقة لتحرير فلسطين بقيام القيامة، فهذا مما علق بأذهان المسلمين بغير دليل، فهي مما استأثر الله علمها لنفسه، يقول الله تعالى مخاطبا نبيه الخاتم:
﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا، قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ، ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً، يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا، قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ، وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: 187]
