السؤال:
هل هناك ضرر في حضور النساء صلاة الجنازة؟ النساء اللاتي يأتين إلى باحة المسجد لحضور الجنازة ينتظرن في الغالب على الهامش ولا يشاركن في الصلاة. فهل هناك آية أو حديث يمنع ذلك؟
الجواب:
عندما فرض الله تعالى الصلاة على المؤمنين قَالَ سُبْحَانَهُ:
﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ النساء (103)
حيث لا توجد صلاة خاصة بالرجال دون النساء.
فالصلاة هي العبادة التي لا تسقط عن الإنسان مهما كانت حالته، يؤديها الإنسان حال الصحة والمرض قائمًا أو قاعدًا، يؤديها في الحرب أو الخوف أو السفر راكبًا أو ماشيًا، وجميع الأحكام المتعلقة بالصلاة في كتاب الله تعالى أنزلت في حق المؤمنين رجالًا ونساء.
وصلاة الجنازة ضمن هذه الصلوات التي يؤديها الرجال والنساء على حد سواء، وينطبق عليها ما ينطبق على غيرها، فإن حضرت النساء الجنازة فيصلين مع الرجال، ولا ينبغي لهن أن يقفن متفرجات على المصلين أو أن يقفن بعيدًا حتى ينتهي الرجال من آدائها كأن الصلاة كتبت عليهم ولم تكتب عليهن.
وإن خافت بعض النساء من الازدحام أو لم يكن لهن مكان داخل ساحة المسجد فليصلين واقفات في أماكنهن حتى لو كن بعيدات عن المسجد.
وإن صعب عليهن الوضوء فليتيممن ولا حرج عليهن انطلاقًا من قوله تعالى:
﴿مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ، وَلَٰكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ، وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ المائدة (6)
وقد يسر تعالى صلاة الجنازة بكونها لا ركوع فيها ولا سجود، كما يسر أمر الوضوء وجعل التيمم بديلا عنه عند عدم وجود الماء في متناول اليد، وما يسره الله تعالى لعباده عند إقامة الصلوات لا يدع فرصة للمؤمن رجلًا كان أو امرأة أن تفوته صلاة أو يتخلف عن إقامتها في وقتها.
فأين يوجد الضرر من حضور النساء صلاة الجنازة؟ خاصة أن فيها من الفضل الذي يعود المصلى عليه وعلى أهل الميت وعلى المصلي نفسه، وذلك بالدعاء بالرحمة للميت، وبإضفاء السكينة على أهل الميت وتثبيتهم من مهابة مشهد الموت وصلاة الجنازة وبث الرضا في قلوب المؤمنين بقضائه تعالى والتسليم بقدر ربهم عليهم مصداقًا لقوله:
﴿الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾ البقرة (157).
وفي الوقت نفسه فإن في صلاة الجنازة تذكرة للمصليين أنه إن كان اليوم يُصِلي واقفًا على الميت فغداً سيكون هو من يُصَلى عليه، وهذا مدعاة أن يعيد التفكير في نفسه وعمله قبل ذلك اليوم، يوم يرجع إلى ربه:
﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ، ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾ البقرة (281)
الباحثة: شيماء أبو زيد