حبل الله
هل أغرت حواءُ آدمَ بالأكل من الشجرة؟

هل أغرت حواءُ آدمَ بالأكل من الشجرة؟

السؤال:

ما صحة الحديث الذي سأعرضه بارك الله فيكم:

“عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهُما، قالَ: لمَّا أَكَلَ آدمُ مِنَ الشَّجرةِ الَّتي نُهِيَ عنها، قالَ اللهُ عزَّ وجلَّ: ما حَمَلَكَ على أنْ عَصيْتَني؟ قالَ: ربِّ زيَّنَتْهُ لي حوَّاءُ . قالَ: فإنِّي أَعقبتُها أن لا تَحمِلَ إلَّا كَرْهًا ولا تَضَعَ إلَّا كَرْهًا، ودَمَيْتُها في الشَّهرِ مرَّتينِ. فلمَّا سَمِعَتْ حوَّاءُ ذلك رَنَّتْ، فقالَ لها: عليكِ الرَّنَّةُ وعلى بناتِكِ”.

الجواب:

هذه الرواية موقوفة على ابن عباس، أي أن ابن عباس لم ينسبها إلى النبي عليه السلام، وفي إحدى الروايات نسب القول إلى الله تعالى مباشرة دون ذكر النبي فيه.

وقد تساهل قوم فقالوا بصحة إسناد هذا الرواية عن ابن عباس، كما فعل الحاكم في المستدرك، إلا أن غالبية علماء الحديث قالوا بضعف إسنادها. والحق أن ابن عباس لا يمكن أن يقول شيئا كهذا، فيبقى الاحتمال الوحيد هو افتراء هذا القول على ابن عباس رضي الله عنهما.

أما متن الحديث فلا يمكن أن يكون صحيحا، لأنه يخالف القرآن الكريم والفطرة.

أما مخالفته للقرآن فلأنه يدعي أن حواء هي التي أغرت آدم بالأكل من الشجرة، بينما يؤكد القرن أن إبليس هو الذي أغرى آدم وحواء بالأكل منها، وبالتالي فإن هذه الرواية تتساوق مع بعض الإسرائيليات الواردة في هذا الشأن. قال الله تعالى:

﴿وَيَاآدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ. ‌فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ. وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ. فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾ [الأعراف: 19-22] 

كما أن الرواية مخالفة لمبدأ قرآني عام، وهو أن الله تعالى لا يعذب إنسانا بذنب غيره، فلو افترضنا جدلا أن حواء هي التي وسوست لآدم فما ذنب بناتها إلى قيام الساعة؟!. قال الله تعالى:

﴿وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا، وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ ‌وِزْرَ ‌أُخْرَى، ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾ [الأنعام: 164] 

أما مخالفته للفطرة فإن المرأة لا تحيض مرتين في الشهر كما زعمت الرواية.

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.