السؤال:
نِعمَ الكلام كلامكم ونعم التفسير، قد عرضت مقالاتكم التي تنشرونها في موقعكم هذا على بعض الإخوة المسلمين السنة الذين يقولون أن للإسلام كتابين، القرآن والسنة، وقد اتهموني بأني من القرآنيين الذين لا يتبعون قول الله:
﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا. وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا﴾ [النساء: 80-81]
ويقولون أن الوحي نزل مرتين، وحي القرآن ووحي السنة، ومثال ذلك أن الله أخبر في القرآن أنه يحرم علينا أكل الميتة كلها، أما الرسول فقد حلل أكل السمك الميت..
ويأتونك بالكثير من المحرمات التي حرمها الكتاب وحللها الرسول والعكس، فكيف نستطيع الرد أو اقناع من هو مقتنع على أن كتب الحديث والتفسير هي قرآن ثان؟
وعند عرض بعض مقالاتكم كان ردهم كيف نتبع منهجا يتبع أحد الأتباع؟ بحجة أن مذهب السليمانية أي يتبعون شخصا سُمّوا إزاءه، وليسوا يتبعون إسلاما كالسنة الذين سُمّوا إزاء السنة النبوية.
أرجو التوضيح.
الجواب:
من يقول أن للإسلام قرآنين فعليه أن يأتي بالقرآن الثاني، وإن قال أن الثاني هو السنة فقد كذب مقولته الأولى، أي اعترف بأنها ليست بقرآن ثان.
ومن قال بأن نبينا تلقى وحيين فعليه أن يجيب على الأسئلة التالية:
لماذا لم يذكر القرآن أن هناك وحيا ثانيا غير القرآن؟
وهل يبتلي الله تعالى عباده بين وحيين أثبت أحدهما بكتاب يتلى إلى يوم القيامة وبوحي ثان لم يُكتب ولم يحفظ ولم يُجمع إلا بعد ثلاثة قرون من وفاة النبي عليه الصلاة والسلام.
ولماذا لم يحفظ الوحي الثاني كما حفظ الأول؟
وهل يمكن أن يحرم الوحي الأول شيئا ثم يحلله الوحي الثاني أو العكس؟
وماذا لو لم يقم البخاري ومسلم والترمذي وأبو داوود وغيرهم بجمع الحديث وتوثيقه في الكتب هل كانوا سيأثمون؟
إن قيل نعم، فهل سيأثم النبي والصحابة والتابعون وتابعوهم لأنهم لم يقوموا بهذا؟
وإن قيل لا يأثمون، فقد فعل علماء الحديث ما ليس بواجب إذن.
أما قولهم بأن هناك مذهبا اسمه مذهب السليمانية نسبة لشخص بهذا الاسم فقد تقولوا بما لم يعلموا.
فنحن لا نتبع مذهبا بهذا الاسم، أما اسم الوقف الذي نعمل فيه فهو من اسم المكان (حي السليمانية في اسطنبول)
والحقيقة أننا نتبع كتاب ربنا جل شأنه، ونرى أن السنة هي سنة الله التي أثبتها في كتابه التي هي سنة رسوله أيضا الذي هو أولى الناس باتباعها.
أما الروايات الصحيحة المنضبطة بميزان كتاب الله تعالى فإنها تمثل التطبيق العملي للقرآن الكريم، فهي ليست بوحي ثان وإنما الصورة العملية والتطبيق الحي لكتاب الله تعالى، ومن هنا كان نبينا الكريم أسوة حسنة لنا في تطبيق القرآن والعمل به. وبالتالي فإن اتباع الرسول المأمور به في القرآن هو اتباع الرسالة التي جاء بها من ربه (القرآن الكريم).
أما اتباع النبي فهو الاقتداء به في استنباط الحكمة من كتاب الله والجهاد به ودعوة الناس إليه.
أما قوله تعالى:
﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ﴾
فهو تأكيد على وجوب طاعة الرسول فيما يبلغ عن الله من الرسالة، ولم يُسمَّ الرسول رسولا إلا لأنه يحمل الرسالة، فطاعة الرسول هنا هي طاعة الله الذي أرسله، لأن رسالة الله لا تأتينا إلا من خلاله.
*وللمزيد حول هذا الموضوع ننصح بقراءة المقالات التالية:
كفاية القرآن https://www.hablullah.com/?p=3353
مصطلح السُّنَّة بحسب القرآن والتراث https://www.hablullah.com/?p=5877
هل تُعدُّ أحاديث النَّبيِّ من الوحي https://www.hablullah.com/?p=3032
متى تكون الرواية عن النبي حجة ملزمة https://www.hablullah.com/?p=5191
تقييد السنة بالكتاب https://www.hablullah.com/?p=2244