السؤال:
هل يتدخل الله في اختيارات الناس لصالحهم؟ مثلاً هل يمكن أن يمنع من ينوي ارتكاب معصية من ارتكاب تلك المعصية من خلال خلق أحداث مختلفة؟ وإذا كان الأمر كذلك، فهل هناك شرط للقيام بذلك، أي على أي أساس؟ لماذا يساعد الله تعالى هذا الشخص؟.
الجواب:
يريد الله تعالى من كل الناس أن يكونوا على الصراط المستقيم، وهذه الإرادة عامة ومبدئية، يقول الله تعالى:
﴿يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [النساء: 26]
ولتحقيق هذه الإرادة فقد ألهم الله تعالى الإنسان القدرة الذاتية على تمييز الخير من الشر:
﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا. فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا﴾ [الشمس: 7-8]
وهذا يعني أن الإنسان إذا فعل الصواب يشعر بالرضا والطمأنينة، وإذا فعل المنكر يشعر بأثره السيء في نفسه، حتى لو اعتاد عليه وأصبح جزءا من سلوكه إلا أنه يعلم بقرارة نفسه خطأ مسلكه.
إذا أراد الإنسان العودة إلى صراط الله تعالى فإنه سبحانه يعينه على ذلك ويفتح له الطريق، بعكس ما إذا أراد الخروج عن الحق فإنه يضع العراقيل أمامه ليعيق مضيه نحو الباطل، لكن الإنسان إذا أصر على المضي قدما نحو الباطل فسيقع فيه بعد أن أعذر الله تعالى له، يقول الله تعالى:
﴿فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ، وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ، كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ [الأنعام: 125]
إرادة الله تعالى المذكورة في هذه الآية هي إرادته الخاصة لإنسان بعينه، حيث تتكون بناء على ما يبديه هذا الإنسان من رغبة في الخير أو الشر.
نفهم مما سبق أن التدخل الإلهي في قرارات الإنسان المتعلقة بالهدى والضلال هو تدخل يصب في مصلحة الإنسان، لكن هذا التدخل التوجيهي يبقى في حدود لا تلغي التكليف، بحيث يظل الإنسان بعدها مسؤولا عن قراراته وأفعاله. قال الله تعالى:
﴿يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾ [النحل: 111]