السؤال:
أخي استأجر بيتا منذ زمن بعيد، وخالتي اشترت هذا البيت فأصبح أخي مستأجرا منها. أصدرت الحكومة قانونا بعد فترة طويلة يقضي بأن البيوت ذات الإجارات القديمة إن أراد صاحبها أن يبيعها فيلزم أن يكون البيع كالتالي: يأخذ صاحب البيت ٦٠% والمستأجر ٤٠% كون البيوت ارتفعت منذ خمسين عاما، فراعت حق مالك المنزل والمستأجر، وقد بيعت كثير من البيوت على هذا النحو. ومنها البيت الذي يسكنه أخي بالاتفاق مع خالتي. فهل هذا يجوز شرعا خاصة أن أخي لا يملك بيتا وخرج أيام الحرب من سوريا والأوضاع كانت كارثية. أرجو إفادتي بالحكم الشرعي في ذلك. وجزاكم الله عنا كل خير
الجواب:
هذه المسألة تتعلق بالعقود على المنافع، ولإعطاء الحكم الشرعي في هذه المسألة فلا بد من مراعة عدة أمور، منها:
1_ حق المالك في التصرف في ملكه: في الأصل، البيت ملكٌ لخالتكِ، وهي حرة في بيعه أو إبقائه، وهذا يعني أن المستأجر لا يصبح مالكا أو شريكا حتى لو طال بقاؤه في البيت.
2_ حقوق المستأجر طويل الأمد: في بعض الأنظمة ذات الميول الاشتراكية، يمنح القانون المستأجر القديم بعض الحقوق؛ نظرًا لأنه استأجر لفترة طويلة بسعر منخفض، ومن الصعب عليه إيجاد بديل بنفس الظروف.
وهذا القانون غير معتبر شرعا لأن فيه هضما لحق المالك ومنعا له من حرية التصرف في ملكه، فضلا عن الظلم الذي يلحق بالمالك نتيجة الأجرة الزهيدة التي يتقاضاها بناء على المسمى في العقد القديم حيث أن القوانين في بعض البلدان لا تنص على الزيادة المقرونة بالتضخم، فتجد البيت الذي يؤجر اليوم بـ 500 دولار _مثلا_ لا تتعدى أجرته في العقد القديم بضعة دولارات، وهذا ظلم للمالك وأكل لماله من غير وجه حق، قال الله تعالى:
﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 188]
3_ التراضي بين الطرفين: الأصل أن البيت لمالكه يبيعه متى شاء بالسعر المتداول والمتعارف عليه، ولا يجوز لطرف أن يفرض عليه نسبة من السعر ليعطيها للمستأجر، ومع ذلك إذا رضي صاحب البيت بمحض إرادته أن يعطي المستأجر جزءا من ثمن البيت تسهيلا عليه ومراعاة لظروفه فهذا من الإحسان والتعاون على البر، وله فيه أجر عظيم، لكنه لا يُلزم به كما ذكرنا.
فإذا كان الاتفاق بين خالتكِ وأخيكِ تمَّ برضاهما، ولم يُجبر أحدهما على ذلك، فلا حرج في ذلك، لأن المسألة حينها تكون تراضيا بين الطرفين، وليس إجبارًا على أمر محرم.
4_ المدة المعلومة في عقد الإجارة: لا بد أن تكون المدة التي سيمكثها المستأجر في العين المؤجرة معلومة ومتفقا عليها بين طرفي العقد، كأن تكون 5 سنوات أو 10 مثلا، فإذا انقضت المدة فيمكن لصاحب البيت أن يطلب من المستأجر مغادرة البيت قبل مدة معقولة من انتهاء العقد تمكِّن المستأجر من البحث عن بيت جديد. لذا فإن عقود الإجارة المطلقة عن المدة هي مخالفة لأصول العقود في الشريعة الإسلامية.