حبل الله
صيام الست من شوال

صيام الست من شوال

السؤال:

هناك حديث يقول: “من صام ستة أيام من شوال، فكأنما صام سنة كاملة”. ما مدى صحة هذا الحديث؟ سمعت أن أبا حنيفة والإمام مالك قالا إن هذا الصيام مكروه. كما أود أن أسأل: لماذا نحصل على أجر سنة كاملة بمجرد صيام ستة أيام فقط؟ هل يمكنكم شرح ذلك؟

الجواب:

السؤال يتكون من شقين:

الأول: عن حكم صيام الستة في شهر شوال وصحة الحديث المروي في هذا الباب.

وقد وردت عدة أحاديث عن صيام ستة أيام من شوال، ومنها:

“من صام رمضان ثم أتبعه ستًا من شوال كان كصيام الدهر” (رواه مسلم، كتاب الصيام، 204/1164).

“من صام رمضان ثم أتبعه بستة أيام من شوال فكأنما صام الدهر كله” (رواه الترمذي، كتاب الصيام، 53).

“من صام رمضان، ثم أتبعه بست من شوال، كان كصيام السنة كلها” (رواه أبو داود، كتاب الصيام، 58).

“من صام رمضان وأتبع ذلك بست من شوال، كان كصيام الدهر. ومن عمل حسنة فله عشر أمثالها” (رواه ابن ماجه، كتاب الصيام، 33).

رأي العلماء حول صيام ستة أيام من شوال:

الإمام الشافعي وأحمد بن حنبل وداود الظاهري وغيرهم من العلماء قالوا باستحباب صيام هذه الأيام. أما الإمام أبو حنيفة والإمام مالك رأوا أن صيامها مكروه.

سبب الكراهة عند الإمام مالك:

بحسب ما ورد في كتاب “الموطأ”، فإن الإمام مالك لم يكن يرى أن أحدًا من السلف قد صام هذه الأيام، ولذلك اعتبرها بدعة، كما كان يخشى أن يظن الناس أنها جزء من صيام رمضان نفسه.

قال الإمام مالك في كتابه الموطأ:

“لم أرَ أحدًا من أهل العلم والفقه يصوم هذه الأيام بعد رمضان، ولم يأتني عن أحد من السلف أنه فعل ذلك. وإنما كرهها العلماء لأن بعض العوام قد يظنون أنها جزء من صيام رمضان، فيؤدي ذلك إلى إدخال بدعة في الدين.” (الموطأ، باب الصيام).

آراء أخرى في المذهب الحنفي والمالكي:

في بعض كتب الحنفية والمالكية، نجد أن هناك من قال بأن هذا الصيام مستحب، استنادا إلى الأحاديث المروية.

وفي حاشية “مراقي الفلاح”، نقل الطحطاوي أن الإمام أبا حنيفة كان يرى كراهة صيامها سواء متتابعة أو متفرقة، لكن بعض العلماء المتأخرين رأوا أنه لا بأس بها.

كما ذكر ابن عابدين أن كثيرًا من فقهاء الحنفية المتأخرين لم يجدوا مانعًا من صيامها.

أما بخصوص الشق الثاني من السؤال:

يرى بعض العلماء أن إضافة ستة أيام من شوال إلى صيام رمضان يجعله كصيام السنة كلها، لأن الأعمال تضاعف عشر مرات.”

فإذا حسبنا:

صيام رمضان (30 يومًا) مضروبًا في عشرة، يكون كصيام 10 أشهر.

صيام ستة أيام من شوال مضروبًا في عشرة، يكون كصيام 60 يومًا (أي شهرين).

وبذلك، يصبح مجموع الأيام كصيام 12 شهرًا (سنة كاملة).

هذا الشرح يتماشى مع ما ورد في القرآن الكريم، حيث قال الله تعالى:

“من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها، ومن جاء بالسيئة فلا يُجزى إلا مثلها وهم لا يُظلمون” (الأنعام: 160).

وقد استلهم العلماء ذلك من الحديث الذي أوردناه في الشق الأول من الإجابة؛ حيث يعلل صيام الستة من شوال لتمام كمال صيام السنة من حيث الأجر:

“من صام رمضان وأتبع ذلك بست من شوال، كان كصيام الدهر. ومن عمل حسنة فله عشر أمثالها” (رواه ابن ماجه، كتاب الصيام، 33).

الخلاصة:

_غالبية العلماء يرون أن صيام ستة أيام من شوال مندوب ومستحب، سواء متتابعة أو متفرقة.

_بعض فقهاء المالكية والحنفية رأوا كراهتها خشية أن تُعتبر جزءًا من رمضان.

_لكن كثيرًا من العلماء المتأخرين رفعوا الكراهة عنها، خصوصًا إذا لم تُعتقد على أنها فرض.

_يعلل صيام الستة من شوال لتمام كمال صيام السنة من حيث الأجر.

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.