الذين يخالفون الفطرة
قال الله تعالى: «الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيء، سبحانه وتعالى عما يشركون. ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون. قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبةُ الذين من قبلُ، كان أكثرهم مشركين. فأقم وجهك للدين القيم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله، يومئذ يصَّدَّعون. من كفر فعليه كفره، ومن عمل صالحا فلأنفسهم يَمْهَدُوْنَ» (الروم، 30/40-44).
إن أكثر الناس مشركون لأنهم يخالفون الفطرة. ويقال لمن أشرك بالله مشركا، وتكون الشراكة بين اثنين على الأقل؛ أحدهما يكون دائما هو الله تعالى الإله الحق، والثاني يختلف أي: ما يُتخذ إلهاً من دونه.
قد يكون ما يُتخذ إلها من دون الله ما يُعظِّمونه من الموجودات، وقد يكون هذا كائناً روحانياً، ويُعطَى من الأوصاف ما يختص به الله تعالى، ويزعمون أنهم وسطاء بينهم وبين الله تعالى في حل المشاكل التي لا تحل إلا بالله[1]. وبهذا يصبح الإنسان عبداً لهم قبل أن يكون عبدا لله. وبعض المشركين يجعلون الوسطاء من البشر لأنهم يعتقدون أن لديهم خصائص لاهوتية.
وقد قرر المسيحيون في مجمع الخلقيدونية الذي عقد عام 451م وهو المجمع المسكوني الرابع: بأن لعيسى (عليه الصلاة والسلام) طبيعتين اللاهوتية والناسوتية وهو إنسان حق وإله حق[2]. وهذا زعم لا تقبله الفطرة ولا العقل، ولذلك لا يريد أصحاب تلك الأفكار والمعتقدات استعمال عقولهم، وهم دائما يرفضون منطق الفطرة والعقل ليسهل لهم بعد ذلك السيطرة على عقول الناس بالإدعاءات المزعومة، والتقاليد الباطلة، والضغوط الروحانية. ومن الناس من يؤلِّه نفسه فيكون عبدا لها قبل أن يكون عبدا لله.
1. الذين أصبحوا عبيداً لأنفسهم
هم الذين يحبون أن يعيشوا كما تهوى أنفسهم وتلذُّ أعينهم، وينزعجون إذا جاءهم رسول بأمر من الله؛ لأنهم يقتصرون على علاقتهم بالله بإكرامه لهم وتفضله عليهم دون أن يطيعوه في أوامره ونهيه، قال الله تعالى: «إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعضٍ ونكفر ببعضٍ ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلاً أولئك هم الكافرون حقاً وأعتدنا للكافرين عذاباً مهيناً» (النساء، 4/150-151).
وقد جرى بيني وبين أحد من الذين لا يقبلون أمر رسول الله الحوار التالي:
قال: أنا أؤمن بالله يقينا.
قلت: كل إنسان لا بد وأن يؤمن.
قال: التجئ إليه وأستعين به حينا بعد حين، فيطمئن قلبي وأحس بالسعادة.
قلت: كل واحد يقوم بما تقوم به أنت، المهم؛ هل أنت تطيع وتتبع ما جاء به الرسول من أمر الله تعالى. أم تريد العيش حسب هواك بدلاً من طاعة الرسول؟
قال: طبعاً، الحياة حياتي؛ من يتدخل في حياتي؟
قلت: ألا يتدخل بحياتك من وهبك الحياة؟
ومنهم من يجعل أوامر الله أقساما يقبل بعضا منها ويرفض البعض الآخر. ومنهم من يدعي عدم وجود الله؛ وهم ينقسمون إلى فريقين. فريق لا يؤمن بوجوده أصلا. وفريق آخر يؤمن بوجوده ولكنهم يقولون بأن هذا الإله لا دخل له في حياتنا.
ويسمى الفريق الذي لا يؤمن بوجود إله بـ “الملاحدة”. وهؤلاء منهم الزعماء ومنهم الأتباع، والزعماء يأتون بأفكار ونظريات ليجعلوا الفطرة تابعة لأهوائهم بدلا من أن يتبعوها. والبعض يتعاطفون مع الملاحدة خوفاً من أن يفقدوا نفوذهم. والنقطة المشتركة بينهم أنهم يريدون أن يعيشوا أو يبنوا الحياة حسبما تهوى أنفسهم. قال الله تعالى: «أفرأيت من اتخذ إلهَََََهُ هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوةً فمن يهديهِ من بعد الله أفلا تذكُّرون» (الجاثية، 45/23).
وهؤلاء الناس قد أفرطوا في حب النفس، واعتبروا أنفسهم مركزا للكون وأفكارهم أفكارا عالمية، لأنهم يعيشون في عالم ضيق. كما أنهم متوترون وسريعوا الغضب لأنه لا قدرة لديهم لحل مشاكلهم، كما أنها الحالة الطبيعية لمن يفقد الأمن نتيجة الخروج الفاضح عن فطرة الله التي فطر الناس عليها. قال الله تعالى: «أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام[3] بل هم أضل سبيلا» (الفرقان، 25/43-44).
والذي يتمسك بفكرة الإلحاد خوفاً من أن يفقد منصبه، فقد وقع في أشد مأزق لا مناص منه. وكلما رأوا آية تدحضهم ازدادوا توتراً. كما نرى ذلك جلياً من موقف فرعون _ وهو واحد من رموز الإلحاد _ من رسالة موسى عليه السلام؛ حيث رفض الإيمان وأنكر الواحد الديَّان بالرغم من أنه لا يشك بكون موسى رسولاً من الله. ويخبرنا الله عنه بقوله: «فلما جاءتهم آياتُنَا مبصرةً قالوا هذا سحرٌ مبين، وجحدوا بها واستَيْقَنَتْهَا أنفُسُهُم ظلماً وعلواً، فانظرْ كيف كان عاقبة المفسدين» (النمل، 27/13-14).
ويخبرنا الله تعالى في الآيات التالية بأن فرعون كان ملحداً: «وقال موسى يا فرعون إني رسولٌ من رب العالمين حقيق على ألا أقول على الله إلا الحق قد جئتكم ببينة من ربكم فأرسل معي بني إسرائيل» (الأعراف، 7/104-105). «قال فرعون وما رب العالمين قال رب السماوات والأرض إن كنتم موقنين قال لمن حوله ألا تستمعون قال ربكم ورب آبائكم الأولين قال إنَّ رسولَكم الذي أُرْسِلَ إليكم لمجنون قال رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون قال لئن اتخذت إلهاً غيري لأجعلنك من المسجونين» (الشعراء، 26/23-29).
في بداية الأمر حاول فرعون أن يجيب موسى (عليه الصلاة والسلام) ويتظاهر بأنه عاقل، وحكيم، وصابر، وحازم، ولكن عندما فشل أخذه التوتر والإضطراب وبدأ يهدد موسى (عليه الصلاة والسلام). قال الله تعالى: «ولقد أريناه آياتنا كلها فكذب وأبى، قال أجئتنا لتخرجنا من أرضنا بسحرك يا موسى، فلنأتينك بسحر مثله فاجعل بيننا وبينك موعدا لا نخلفه نحن ولا أنت مكانا سوى قال موعدكم يوم الزينة وأن يحشر الناس ضحى» (طه، 20/56-59). «وقال فرعون ائتوني بكل ساحر عليم» (يونس، 10/79). «فجمع السحرة لميقات يوم معلوم» (الشعراء، 26/38).
واجتمع الناس والسحرة، وبدأ الإستعراض.. و«قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون فألقوا حبالهم وعصيهم وقالوا بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون» (الشعراء، 26/43-44). «فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى» (طه، 20/66). «فألقى موسى عصاه فإذا هي تلقف ما يأفكون» (الشعراء، 26/45). «فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين» (الأعراف، 7/118-119). «فألقي السحرة ساجدين قالوا آمنا برب العالمين رب موسى وهارون قال آمنتم له قبل أن آذن لكم إنه لكبيركم الذي علمكم السحر فلسوف تعلمون لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم أجمعين» (الشعراء، 26/46-49). «قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فاقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر والله خير وأبقى» (طه، 20/72-73). «وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربه إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد وقال موسى إني عذت بربي وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب» (غافر، 40/26-27).
وهم يعلمون وجود الله ولكنهم يجحدون. فإذا وقع عليهم العذاب وانقطعت عنهم الأسباب يقولوا آمنا.. كما أخبر القرآن الكريم عن قول فرعون حين أخذه الغرق؛: «آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين» (يونس، 10/90).
والذين اتبعوا فرعون كان عاقبتهم كعاقبته، قال الله تعالى: «فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوما فاسقين» (الزخرف، 43/54).
وكل من يؤله نفسه يعرف حقيقة وجود الله، وكذلك الذين ينكرون وجود الله _ أي الملاحدة _ يعرفون حقيقة وجوده سبحانه، والفرق بينهما في الظاهر فقط والحقيقة واحدة. إنّ أول من ألَّه نفسه هو إبليس، وذلك أنه لما أمره الله تعالى أن يسجد لآدم لم يسجد لأنه رأى أنَّ هذا الأمر لا يوافق هواه. قال الله تعالى: «وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشراً من صلصالٍ من حمأٍ مسنون، فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين، فسجد الملائكةُ كلُّهم أجمعون، إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين، قال يا إبليس مالك ألا تكون مع الساجدين، قال لم أكن لأسجدَ لبشرٍ خلقته من صلصالٍ من حمأٍ مسنونٍ، قال فاخرج منها فإنك رجيم» (الحجر، 15/28-34). «إلا إبليسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ» (البقرة، 2/34).
و عصيان إبليس كان لأمر الله ولم يكن لآدم، لأن ما خالف هواه هو أمر الله تعالى وليس مجرد خلق آدم. لذا قال الله تعالى له: «.. فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ» (الأعراف، 7/13). لم ينكر إبليس وجود الله ووحدانيته أبدا؛ لذا قال بعد أن أضل الناس وأغواهم: «إني أخاف الله والله شديد العقاب» (الأنفال، 8/48).
كما أنه يؤمن باليوم الآخر فها هو يتمنى على الله البقاء ليوم البعث بقوله: «رب فأنظرني إلى يوم يبعثون» (الحجر، 15/36).
ولكن قد بدأ كفر إبليس بإعتراضه على أمر الله تعالى بالسجود لآدم، ثم ازداد كفراً كلما عصى أمراً من أوامر الله تعالى. والسبب في الحكم عليه بالكفر والخروج من الإيمان أنه سوَّى نفسه مع الله بالإعتراض عليه واستعلائه على أمره، وبالتالي فإنه قد ألَّه نفسه من دون الله تعالى.
2. تأليه العظماء
إنّ كل من بلغه القرآن ولم يؤمن به، وكذلك الذي خالف الفطرة ممن لم يبلغه القرآن، فقد ألّه نفسه أو غيره؛ أي أصبح عبداً لنفسه أو لغيره. ومن كان هذا شأنه فلا يقبل أن يكون وحيداً ولذلك يبدأ في البحث عن المعاونين من أمثاله ليقوٍّي بهم عضده، إذ أن الخطأ المشترك بينهم يجمعهم ويوحدهم، وتلك الخصائص موجودة في الوثنية، كما أخبرنا القرآن الكريم عن ذلك بقوله: «إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودةَ بينكم في الحياة الدنيا» (العنكبوت، 29/25).
إن الأديان الموجودة اليوم وإن كانت بعيدة عن حقيقة الوحي الإلهي إلا أنها تعتمد على دعوة رسول من رسل الله، لأنه ما من أمة إلا قد أرسل الله فيها رسولاً. قال الله تعالى: «ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت، فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة، فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين» (النحل، 16/36). وقال «إنا أرسلناك بالحق بشيراً ونذيراً وإن من أمة إلا خلا فيها نذير» (فاطر، 35/24). كما أن أهل مكة كانوا يدّعون تمسكهم بدين إبراهيم عليه الصلاة والسلام[4]. وكانوا يقومون بعمارة المسجد الحرام وسقاية الحاجّ. ومع ذلك اعتبرهم القرآن مشركين ودعاهم إلى ملة أبيهم. قال الله تعالى: وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (الحج، 22/78)
وقد بيّن الله تعالى كيفية التحريف والفساد في الأديان في خطابه لأهل الكتاب قائلا: «يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى بن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرًا لكم إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد. له ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا» (النساء، 4/171).
وقد بدأت اليهود الغلو في الدين ثم تبعتهم النصارى. قال الله تعالى: «قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل. لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داودَ وعيسَى بنِ مريمَ ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون» (المائدة، 5/77-78).
وبلغ غلو اليهود والنصارى في دينهم أن اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله. قال الله تعالى: «إتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون» (التوبة، 9/31).
عن عَدِي بن حاتم قال: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي عُنُقِي صَلِيبٌ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ: يَا عَدِيُّ اطْرَحْ عَنْكَ هَذَا الْوَثَنَ، وَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ فِي سُورَةِ بَرَاءَةٌ «اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ» قَالَ: أَمَا إِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْبُدُونَهُمْ وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا أَحَلُّوا لَهُمْ شَيْئًا اسْتَحَلُّوهُ وَإِذَا حَرَّمُوا عَلَيْهِمْ شَيْئًا حَرَّمُوهُ.[5] وبهذا اتخذوهم أربابا من دون الله.
ونرى الكثير من المسلمين قد وقعوا في مثل هذا الخطأ. وللوقوف على مثل هذه الأخطاء يرجى مراجعة موضوعي “الإشراف على النكاح” و “الطلاق”. من هذا الكتاب.
وخلاصة القول إن التدين الصحيح يتطلب استعمال العقل واتباع ما أوحى الله تعالى. أما الذين غلوا في الدين فيدَّعون أنّ الدِّين لا يفهم بالعقل، ويرجحون اتباع العظماء بدلاً من اتباع كتاب الله. ومثل هذا ما يقوله الكاثوليك: «إن الإيمان ليس سببه فهم الحقائق ولا رؤيتها على وجهها الحقيقي[6]. الإيمان هو عمل الكنيسة. إيمان الكنيسة مقدم على إيماننا، وهي تحمل إيماننا وتُنَمّيه[7].
قال الله تعالى مخاطبا اليهود والنصارى الذي حادوا عن الصراط المستقيم: «قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا، فلا تأس على القوم الكافرين» (المائدة، 5/68).
وقد وجَّه الله تعالى هذا الإنذار إلى المسلمين أيضا فقال: «ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون» (الزخرف، 43/36-37).
إن رسالة القرآن رسالة عالمية لأنها تعِّبر عن الفطرة؛ وهي سهلة الفهم والإستيعاب، لأنها نتائج الآيات الفطرية التي يشاهدها الإنسان في نفسه والآفاق من حوله. أما تفاسير القرآن الكريم فتعتبر محلية أي أنها ليست عالمية؛ لأن التفسير ما هو إلا فهم المفسر للآية، وكذلك آراء المذاهب وأفكار العلماء كلها تحمل في طياتها عناصر محلية. لذا يجب تبليغ القرآن الكريم الذي هو أساس رسالة الإسلام، وهو الذي ينظم حياة البشرية تنظيما صحيحا. قال الله تعالى: «إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشرُ المؤمنين الذين يعملون الصالحات أنّ لهم أجرا كبيرا وأنّ الذين لا يؤمنون بالآخرة أعتدنا لهم عذابا أليما» (الإسراء، 17/9-10).
[1] محمد بن عبد الله هاني، (المترجم: عبد القادر آقجيجك) اسطنبول، 1396/1976، ص. 172.
[2] التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية.
[3] الأنعام لفظ يجمع الإبل والبقر والضأن والمعز.
[4] سيرة النبي لابن هشام تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، 1/216، بيروت، 1401هـ/1981م.
[5] سنن الترمذي، من سورة التوبة، الحديث 3020.
[6] التعليم المسيحي للكنيسة الماثوليكية، الفصل. 156.
[7] التعليم المسيحي للكنيسة الماثوليكية، الفصل. 181.
أضف تعليقا