32. المذاهب
المُريد : قد ذكرتَ أنَّ ما في الطرق مما قد يخالف بعض الاجتهادات كالحنفيَّة أو الشَّافعية أو المالكيَّة أو الأشعريَّة أو الماتريديَّة لا تتعقبه، فهل يعني هذا أنَّكَ لا تُقدِّرُ المذاهب؟
بايندر : المذهب هو رأيُ عالم وتفسيرُه في موضوعٍ ما، واليوم حين نذكر المذهب نقصد به مجموعةً من الآراء الفقهيَّة التي يتبعها العلماء معتمدين منهجيَّةً واحدةً، وحيثما كان العملُ العلميُّ كان المذهب، وعدم الاهتمام بالمذهب يعني عدم الاهتمام بالعمل العملي، وأنا لا يُظنُّ بي مثلُ هذا الفكر، وإنَّما أريدُ أن أؤكِّدَ على ما يقتضي عدمَ تقديس العلماء وعلى عظمة الحريَّة العلميَّة.
وليس الخلافُ بين المذاهب خلافَ تضاد، بل هو سبب توسع وتقدم إذا كنَّا لا نفرط في القرآن الذي نحكِّمه فيما بيننا، وإلا فإنَّه يجب التسامح في المواضع التي لا يقع أصحابها في مخالفة النصوص القرآنية المحكمة، قال الله تعالى:
– «محَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ» (الفتح، 48/29).
– وقال: «فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ. إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ. وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ» (المائدة، 5/54-56).
أضف تعليقا