16. كونُ الوليّ وارثاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم
المُريد : الأولياءُ من عباد الله وهم خلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الشَّيخ أفندي : أولياءُ الله هم ورثةُ الأنبياء، فما يجوزُ في حق الأنبياء يجوز في حقِّ الأولياء.
بايندر : يبدو أنَّكم لم تفهموا معنى وراثة الأنبياء، ومن المعلوم أنَّ الرسالة قديماً لم تنقطع حلقاتها، فإبراهيم عمُّ لوط وأبو إسماعيل وإسحاق وجدُّ يعقوب ويوسف بن يعقوب، وقد أرسل اللهُ تعالى العديد من الرُّسل في مكانٍ واحدٍ وفي زمنٍ واحدٍ.
مثلاً يحيى ابن زكريا، وهو أكبرُ من عيسى بعشرة أشهر عليهم الصَّلاة والسَّلام وزكريا عليه السَّلام الذي تكفَّلَ بمريم عاشوا كلُهم في القدس.
وقد انقطعت الرِّسالةُ الإلهيَّةُ بعد عيسى عليه الصَّلاة والسَّلام حتى بعثة محمد بن عبد الله خاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم.
ثمَّ لم يكن الرُّسلُ يتصرَّفون في أمر الرسالة حسب الهوى، ولم يكن لهم سلطانٌ بأن يأتوا بآيةٍ إلَّا بإذن الله تعالى، فوظيفةُ الرُّسل هي تبليغ ما أوحاه الله إليهم بدون أيِّ زيادة أو نقصان. ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم من هؤلاء الرسل فهو مأمورٌ أن يبلِّغَ ما أُنزِل إليه. كما قالَ الله تعالى: «يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ» (المائدة، 5/67). وقال تعالى بياناً لوظيفة الرُّسل: «فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ» (النحل، 16/35). وقال أيضاً: « وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ» (الأنعام، 6/48).
وقد أُغلِقَ بابُ الوحي وانتهى عصر المعجزات، لأنَّ الرِّسالةَ قد خُتِمَتْ ببعثة محمد بن عبد الله رسولاً للنَّاس كافَّة، وبالرَّغم من ذلك فأنتم تدَّعون تلقِّيَ الوحي من جهة، ثمَّ تُحاولون إظهارَه بصبغ الكرامة من جهةٍ أُخرى. وإذ لم تجرؤوا على ادعاء المعجزة قلتم بالكرامة، ثمَّ ها أنتم تقولون: “الأولياء من عباد الله ورثة الأنبياء، وما يجوز للأنبياء يجوز للأولياء”. فالرَّجاء منكم أن تقفوا عند حدودكم.
أضف تعليقا