12. الأرواح العلويَّة والسُّفليِّة
طبعاً من الصَّعب أنْ تُقدِّسَ الأحياء، ولكنْ يسهُلُ لكثيرٍ من النَّاس تقديسُ الأموات الذين تركوا أثراً طيِّباً في قلوبهم، كما أنَّ الأمواتَ لا يطلبون منهم مقابلاً للتَّقديس؛ على عكس الأحياء فإنَّهم إذا عرفوا أنَّ لهم مكانةً عند النَّاس سيبدؤون بمحاولة السَّيطرة عليهم، والمقصودُ بالأرواح العلويَّة هؤلاء الأموات، ويُقالُ لها أيضاً المُقدَّسة أو الطَّاهرة. وأمَّا الأرواحُ الشِّرِّيرة فهي السُّفليَّة، ويُقالُ لها أيضاً الأرواحُ الخبيثة، ومنها شياطينُ الجنِّ والإنس.
المُريد : يقولُ أحدُ شيوخنا في هذه المسألة:
” في حين أنَّ من وظائف الأرواح العلويَّة الطَّاهرة حمايةَ النَّاس، فإنَّ الأرواحَ الشِّريرةَ الخبيثةَ تضرُّ النَّاسَ بكلِّ ما تملكُ من قوَّةٍ، وهي لهم خصمٌ وعدوٌّ، والأرواحُ الخبيثةُ تحملُ في طبيعتها كلَّ أنواع الشَّرِّ. والنَّاسُ الضُّعفاء في إراداتهم وعقولهم وتديُّنِهم يجدون أنفسَهم تحت قبضتهم وتصرُّفهم”[1].
بايندر : هذا زعمٌ باطلٌ، والخيرُ والشَّرُّ بيد الله تعالى، وقولُكم هذا في الأرواح العلويَّة الطَّاهرة، وفي الأرواح الشِّرِّيرة الخبيثة يدلُّ على أنَّكم ترجون من الأرواح العلويَّة أن تجلبَ لكم الخيرَ وتخافون الأرواح السَّفليَّةَ من أن تجلبَ عليكم الشَّرَّ، ولكنَّ تلكَ الأرواحَ المزعومةَ لا تنفعُ ولا تضرُّ، قالَ اللهُ تعالى: « وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ» (البقرة، 2/188).
واللهُ هو القاهرُ فوق عباده، لم يكلْ لأحدٍ أمانةَ حفظهم، وفي آية الكرسيِّ التي نقرؤها دُبُرَ كلِّ صلاةٍ يقولُ تعالى: « وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ » (البقرة، 2/255).
ويقولُ أيضاً: « وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا» (الإسراء، 17/111).
فاللهُ تعالى غنيٌّ عن كلِّ وليٍّ، وليسَ له حاجةٌ إلى أحد، ورجاءُ الخير من طائفةٍ روحانيِّةٍ وحذرُ الشَّرِّ من طائفةٍ شريرة يُشبهُ دينَ الذين يُؤمنون بآلهة الخير وآلهة الشَّرِّ، ولننظرْ في الآيات التي جاءَ فيها ذكرُ الرُّسل، ولنُقارِن بها كلامَ الشَّيخ لتعرفَ الحقيقة.
أضف تعليقا