مبادئ التشريع الجنائي
قال الله تعالى: « فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ» (البقرة، 2/194).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس يوم النحر فقال: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ قَالُوا يَوْمٌ حَرَامٌ. قَالَ فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟ قَالُوا بَلَدٌ حَرَامٌ. قَالَ فَأَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟ قَالُوا شَهْرٌ حَرَامٌ. قَالَ: فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فَأَعَادَهَا مِرَارًا ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ»[1]
حرمة النفس والمال والحياة الخاصة… وإن حدث الاعتداء على أي منها، يعاقب المعتدي بمثل ما اعتدي، وهذا بعد اصلاح ما افسد المعتدي باعتدائه، وهذا معنى العقاب بمثله. كما هي من المبادئ الأساسية في التشريع الجنائي. وقد دلت عليها هذه الآيات الثلاث: قال الله تعالى:«وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ» (النحل، 16/126). « ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ» (الحج، 22/60). «وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ» (الشورى، 42/40).
وكل جريمة في التشريع الجنائي الإسلامي لها أبعادها الأخروية أيضا، فلا يكفي تطبيق الجزاء المدني على المجرم ليتخلص من العقاب الأخروي إلا بالتوبة. قال الله تعالى: « وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا» (النساء، 4/110).
وهذه هي المبادئ العامة، في بيان حرمة النفس والمال والحياة الشخصية. وهناك آيات وأحاديث كثيرة متعلقة بالموضوع التي بينت جزاء من انتهك حرمتها طبقا لتلك المبادئ العامة.
أ. انتهاك حرمة النفس
انتهاك حرمة النفس، أي قتل النفس، إن كان خطأ يجب فيه الدية. أما إذا كام عمدا فجزاءه جهنم خالدا فيها.
ب. الدية والكفارة
قال الله تعالى: «وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا» (النساء، 4/92).
قتل النفس هو عصيان الله تعالى؛ لأن الله هو الذي أعطاها وحرم قتلها. والرقيق كالميت. وتحريره كان بمثابة إحياء الميت. فتحرير رقبة مؤمنة قام مقام اعادة ما أفسد. وإذا لم يستطع تحرير رقبة فعليه بصيام شهرين متتابعين. لأن الله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها. وهي كفارة، والكفارة ستر جريمة، تستر الجريمة وتكون سبباً لأن تغفر. فلا يحمل المجرم جريمته إلى يوم القيامة.
والجزاء المثلي على قتل النفس، هو الدية المسلمة إلى أهل المقتول، وهي مال يناله أهل المقتول مقابل من فقدوه من أفراد الأسرة، كما تتلاشى بها الشعور العدائية تجاه عائلة القاتل.
ت. القصاص والخلود في جهنم
وجزاء من قتل نفسا متعمدا هو الخلود في جهنم بعد أن يقتص منه. ومن تعمد انهاء حياة مؤمن لن ينال السعادة الأبدية. وقد بين هذا الحكم قوله تعالى: «وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا» (النساء، 4/93).
وهذا بعد أن يقتص منه جزاء مثليا بما ارتكب من قتل النفس. كما قال الله تعالى: « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى» (البقرة، 2/178).
و القرار الأخير لأقارب المقتول في اقتصاص من القاتل أو العفو عنه. قال الله تعالى: «وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا» (الاسراء، 17/33).
ويجوز لعائلة المقتول أن تعفوا عن القاتل قال الله تعالى: «فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ» (القرة، 2/178).
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم الدية المسلَّمة؛ فقال: «مَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَإِنَّهُ يُدْفَعُ إِلَى أَوْلِيَاءِ الْقَتِيلِ فَإِنْ شَاءُوا قَتَلُوا وَإِنْ شَاءُوا أَخَذُوا الدِّيَةَ وَهِيَ ثَلَاثُونَ حِقَّةً وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً وَأَرْبَعُونَ خَلِفَةً فَذَلِكَ عَقْلُ الْعَمْدِ وَمَا صَالَحُوا عَلَيْهِ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ لَهُمْ وَذَلِكَ شَدِيدُ الْعَقْلِ وَعَقْلُ شِبْهِ الْعَمْدِ مُغَلَّظَةٌ»[2]
ويمكن للقاتل أن يتوب، لأنه ما من ذنب إلا ويغفر بالتوبة. قال الله تعالى: «قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ» (الزمر، 39/53-54).
وقال تعالى: «وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا. يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا. إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا» (الفرقان، 25/68-70).
ث. انتهاك حرمة المال
مثل جريمة السرقة. والسرقة هي: أخذ ما ليس لك أخذه في خفاء، وصار ذلك في الشرع لتناول الشيء من موضع مخصوص، وقدر مخصوص.[3] وفي هذه الحالة تقطع يد السارق.
- 1. سرقة المال من مكان حرز
ويعاد المال الذي سرق من مكان حرز. لأن السرقة ليست طريقاً لكسب المال. قال الله تعالى: «وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقاً مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ» (البقرة، 2/ 188).
والذي يسرق مالا من مكانه المحرز قد ارتكب ثلاث جرائم؛ ارتكبها في صاحب المال والمجتمع وفي الله تعالى. وجزاء تلك الجريمة هو قطع يد مرتكبها. وقطع يد السارق يكون عبرة للمعتبرين. والله تعال يقول: « وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ» (المائدة، 5/38).
النكال: يقال: نكل عن الشيء: ضعف وعجز، ونكلته: قيدته، والنكل: قيد الدابة، وحديدة اللجام؛ لكونهما مانعين، والجمع: الأنكال. قال تعالى: «إن لدينا أنكالا وجحيما» (المزمل، 73/12) وهذا يدل على أن الجزاء يكون مانعا من يعود إلى ارتكاب جريمة ثانية. ولو أن المجرم استسلم واعترف لسقط عنه النكال، فيحكم عليه بدفع الغرامة. قال الله تعالى: « فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» (المائدة، 5/39).
فجزاءه أن يعيد ما سرق أو مثله لو أتلفه. وسنقف على هذا الموضوع بالتفصيل في الصفحات التالية.
- 2. أخذ مال غير محرز
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ فَقَالَ مَنْ أَصَابَ بِفِيهِ مِنْ ذِي حَاجَةٍ غَيْرَ مُتَّخِذٍ خُبْنَةً فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَمَنْ خَرَجَ بِشَيْءٍ مِنْهُ فَعَلَيْهِ غَرَامَةُ مِثْلَيْهِ وَالْعُقُوبَةُ»[4].
والذي يأخذ خبنة قد ارتكب ثلاث جرائم باعتدائه على صاحب الثمر، وفي حق المجتمع، وعصى الله تعالى بالثالثة. ويعيد إلى صاحب الثمر مثلي ما أخذ، أي أنه لو أخذ 2 كيلو من الثمر فعليه أن يعيد بـ 4 كلو. وقد ارتكب جريمة على المجتمع بانتهاك حرمة المال وإخلال نظام الأمن، فجزائه حسب ما ترى السلطة. وقد خالف بتلك الجريمة أمر الله تعالى فهو عاصي يجب أن يتوب والله يغفر الذنوب جميعاً.
- 3. اعادة اللقطة إلى صاحبها
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ضَالَّةُ الْإِبِلِ الْمَكْتُومَةُ غَرَامَتُهَا وَمِثْلُهَا مَعَهَا»[5]
والجريمة هنا هو أخذ هذا الإبل بنية التملك. أما إذا ربطه لأن لا يهرب فلا شيء عليه. هذا من تطبيق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، كما ذهب إليه أحمد بن حنبل رحمه الله. أما بقية الفقهاء ليسوا على هذا الرأي.[6]
ج. انتهاك حرمة الحياة الخاصة
قال الله تعالى: «وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ» (النور، 24/4).
حد جريمة الزنا مائة جلدة. وبمجرد التهمة بالزنا تصبح المرأة متهمة وتفقد كرامتها. وقد تكون هي ارتكبت جريمة الزنا وقد لا تكون. وفي حالة اثبات الزنا تعاقب. وإلا وقع على المتهم جزاءً أقل من جزاء الزنا وهو جزاء القذف. أي: يجلد القاذف بـ ثمانين جلدة. وهو جزاء ما ارتكب من هتك العرض. إلا أن يأتي بأربع شهداء يصبح مع نفسه خمسة. وعلى هذا يكون نصيب كل شاهد 20جلدة، ويستثني نصيبه، ويطبق عليه نصيب الشهداء الأربعة الذين لم يستطع أن يحضرهم.
وجزاء المدعي المتهم هو عدم قبول شهادته إلا أن يتوب ويصلح حاله فَيُرفع عنه العقاب. أي تقبل شهادته إذا تاب وأصلح حاله. كما أن المقذوفة تبقى متهمة إلى أن تموت فترفع التهمة عنها التهمة، إذا علم أنها تابت وأصلحت حالها. ويدل على ذلك قوله تعالى: «إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» (النور، 24/5).
ح. النواحي الأخرى للتشريع الجنائي
1. جريمة الزنا
يفقد الزاني حق الزواج ممن هي عفيفة؛ جزاء بما كسب من الجريمة. قال الله تعالى: «الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ». (النور، 24/3).
فحد الزنا مائة جلدة. وسنذكر الموضوع مفصلا فيما يأتي. قال الله تعالى: « الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ» (النور، 24/2).
ولا يمكن فهم سبب ضرب الزاني بمئة جلدة؛ لذا بين الله تعالى أن واضع هذا الجزاء هو الله تعالى. فأغلق بذلك باب النقاش حول هذا الموضوع. ولو تاب الزاني وأصلح حاله فيمكن له الزواج من المؤمنة العفيفة الصالحة. قال الله تعالى:« إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» (النور، 24/5).
والله يبدل سيئات هؤلاء برحمته الوافرة إلى حسنات. قال الله تعالى: «وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا. يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا. إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا. وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا» (الفرقان، 25/68-71).
2. علاقة المسلم بغير المسلم
قال الله تعالى: «لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ. إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ» (الممتحنة، 60/8-9).
ونفهم من الآيتين السابقتين أن هناك حدود ثلاثة يجب على غير المسلم مراعاتها لاقامة علاقة جيدة مع المسلمين وهي:
1. عدم القتال بالمسلمين في الدين.
2. عدم إخراجهم من ديارهم.
3. عدم معونة من يخرجهم من ديارهم ا.
وفي حالة تعدة تلك الحدود الثلاثة فلا يجوز للمسلمين مودتهم. والله تعالى يقول: «وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ. فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ. وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ» (البقرة، 2/190-193).
وقد حارب المسلمون مشركي مكة ، في بدر وأحد ويوم الخندق وحققوا انتصارات عظيمة بإذن الله تعالى. وكان سبب تلك الحروب اعتداء أهل مكة على المسلمين وإخراجهم من ديارهم. وفي عام السادس الهجري، عقد المسلمون ومشركي مكة الصلح لمدة عشر سنوات في الحديبية. ولكن أهل مكة نبذوا الصلح. وعلى اثره قام النبي صلى الله عليه وسلم بفتح مكة المكرمة في العام الثامن الهجري. ووأعطى لأهل مكة مهلة خمسة عشر شهرا. وكانت الآيات التي نزلت في موسم الحج في العام التاسع الهجري إنذارا لهم كما قال الله تعالى: «بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ. فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ. وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ. إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ. فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» (التوبة، 9/1-5).
وكثير من العلماء يرى أن الآية الأخيرة من الآيات المذكورة نسخت الآية الثامنة والتاسعة من سورة الممتحة. لذا لم تؤخذ الآيتنين في بيان علاقة المسلم مع غيره من المشركين وغيرهم ممن لا يعتنق بالإسلام. ونحن نرى عدم النسخ، وكل من يتدبر الآيات المتعلقة بالموضوع يفهم ذلك بسهولة. ومن الممكن أن فكرة النسخ نشأت بسبب الضغوط السياسية. وعلى أية حال لا يمكن قبول فكرة النسخ.
3. الردَّة
وقد اتفقت المذاهب على قتل من ارتد عن دين الإسلام أو قال كلمة تدل على الشتم أو الإساءة للنبي صلى الله عليه وسلم. وما يتعلق بشتم النبي صلى الله عليه وسلم نبينها فيما بعد إن شاء الله. وقال الله تعالى فيمن ارتد عن دينه: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ» (المائدة، 5/54).
و قال مقاتل بن سليمان أن اثنى عشر رجلاً ارتدوا عن الإسلام ، وخرجوا من المدينة شاردي الذهن ، ثم قصدوا طريق مكة والتحقوا بكفارها ، منهم طعمة بن أبيرق الأنصارى ، ومقيس بن ضبابة الليثى ، وعبد الله بن أنس بن خطل من بنى تيم بن مرة القرشى، ابن الأسلت الأنصارى، وأبو عامر بن النعمان الراهب ، والحارث بن سويد بن الصامت الأنصارى من بنى عمرو بن عوف أخو الجلاس بن سويد بن الصامت . ثم إن الحارث ندم فرجع تائباً من ضرار، ثم أرسل إلى أخيه الجلاس: إنى قد رجعت تائباً، فسل النبى صلى الله عليه وسلم هل لى من توبة وإلا لحقت بالشام. فانطلق الجلاس إلى النبى صلى الله عليه وسلم، فأخبره فلم يرد عليه شيئاً ، فأنزل الله عز وجل: «كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ. أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ. خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ. إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» (آل عمران، 3/86-89).[7]
وعلى ما سبق نفهم أن جزاء من ارتد عن الإسلام أن عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، ومن تاب فقد نجا. ومع وضوح حكم المرتد في القرآن الكريم فإن المذاهب قد اتفقت على قتل المرتد، وهذا أمر عجيب يدعو إلى الحيرة. ودليل الحنفية في هذا الموضوع قوله تعالى: «قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا» (الفتح، 48/16).
أما ما يدل على الشتم والتحقير فليس من الحدود الثلاثة المذكورة، لذا لم يأت بما يُفعل تجاه تلك المعاملات إلا الصبر والحذر والعزم.
واستدل الأحناف على وجوب قتل المرتد بقوله تعالى «تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ» [8] ولكنه استدلال غير صحيح.
4. الاعتداء على الدين
الدّين هه الساحة الأساسية للإمتحان ، والإنسان حر في قبول دين أو رده. وعليه ذنبه لو أخطأ في الإختيار. وللوصول إلى مهو صحيح فلا بد من التفكير والتدبر والمجادلة. وهو أمر لا يدخل في ساحة التشريع الجنائي. فيجب تحمل العواقب. يقول الله تعالى: «لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ» (آل عمران، 3/186).
فالذين يهجمون النبي صلى الله عليه أو الإسلامي بالشتم والإساءة للنبي أوالدين، يكتفى بالصبر والصمود في طريق الدعوة. لأنها ليست من الحدود الثلاثة الحمراء.
قال الله تعالى في المنفقين الذين آمنوا ثم كفروا، وآذوا النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين: «إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ. اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ. ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ. وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ. سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ. هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ. يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ» (المنافقون، 63/1-8).
قال زيد بن أرقم كنا مع رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في غزوة، فقال عبد الله بن أُبيّ بن سلول: «لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا»، وقال «لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأعَزُّ مِنْهَا الأذَلَّ» قال: سمعته فأتيت رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فذكرت ذلك، فحلف عبد الله بن أُبيّ إنه لم يكن شيء من ذلك، قال: فلامني قومي وقالوا : ما أردتّ إلى هذا، قال: فانطلقت فنمت كئيبًا أو حزينًا، قال: فأتاني رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أو بلغني ، فأتيت النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فقال: “إنَّ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدْ صَدَّقَكَ وَعَذَرَكَ” قال: فنزلت الآية «هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ» … الآية.[9]
وقال ألماليلي محمد حمدي يازر: كان عبد الله في قومه صاحب وجه. جاء أسيد بن الحضير وقال: يا رسول الله! فاصفح عنه ولا تغضب، والله حين بعثك الله رسولا كان قومه يريدون أن يجعلوه ملكا عليهم. فهو يرى أنك أخذت الملكية منه.
وكان ابن عبدالله بن أبي مؤمنا صالحا. وحين عرف ما فعله أبوه جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: «يا رسول الله سمعت أنك تريد قتل عبد الله بن أبي بما قاله فيك، لو تريد أن تفعل هذا حقا فأمرني آتي إليك برأسه، والله إن الخزرجين كلهم يعرفون لا يوجد فيهم من هو أشد احتراما لأبيه مني. فإني أخاف لو أنك تأمر غيري بقتله فلا أتحمل أن يمشي قاتل أبي بين الناس فأقتله وأدخل النار بسبب أنني قتلت مؤمنا مقابل كافر.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا، فنحسن إليه المعاملة ما دام فينا».[10] بالرغم من سوء موقف عبد الله بن أبي بن سلول تجاه النبي صلى الله عليه وسلم فهو لم يتجاوز الحدود الثلاثة الحمراء، لذا كانت معاملة النبي صلى الله عليه وسلم له معاملة حسنة.
وأكثر ما يزعج مثل هؤلاء هو قول الحق. وحسن المعاملة لهم بالرغم معاملاتهم السيئة تجاه النبي صلى الله. وبهاذا كوَّن النبي صلى الله عليه وسلم الرأي العام الذي جعل بن سلول معزولا. كما أسلم كثير ممن حوله بسبب حسن معاملة النبي صلى الله عليه وسلم له.
[1] البخاري، الحج، 132.
[2] مسند أحمد بن حنبل، 2/217.
[3] مفردات ألفاظ القرآن مادة: سرق.
[4] أبو داوود اللقطة ،1.
[5] سنن أبي داود اللقطة ،1.
[6] أنظر معالم السنن للخطابي ، 2/339.
[7] تفسير مقاتل بن سليمان تحقيق أحمد فريد، بيروت، 1424/2002، 1/180-181.
[8] البدائع الصنائع، 7/111.
[9] تفسير البخاري، عند تفسير سورة المنافقون.
[10] حق ديلي قرآن ديني لألماليلي محمد حمدي يازر. بالتصرف والاقتصار.
أضف تعليقا