سوق الأوراق المالية
المكان الذي يتم فيه شراء الأوراق المالية وبيعها يسمى سوق الأوراق المالية. ويشمل الأوراق المالية والسندات، وأذون الخزانة والأسهم.
وقد ذكرنا فيما سبق أن شراء وبيع السندات وأذون الخزانة يعتبر من المعاملات الربوية. ونتحدث هنا عن شراء وبيع الأسهم من قبل الشركات. ونبدأ الكلام عن الشركات المساهمة و هياكلها الأساسية لأن حق شراء وبيع الأسهم مأذون لها فقط. ثم نواصل الحديث عن سوق الأوراق المالية.
الشركات المساهمة
الشركة المساهمة، هي شركة لها عنوان خاص (أي اسم تعرف به) ورأس مالها الأصلي معلوم ومقسوم إلى الأسهم، ومسؤولة بنفسها عن ديونها بما تمتلك من رأس المال. ومسؤولية الشركاء مسؤولية محدودة بالأسهم التي يمتلكونها من رأس المال.
الشركة المساهمة لديها شخصيتها القانونية. ونعني بالشخصية القانونية، أنها تملك حقوقا وتتحمل المسئوليات كالإنسان بالرغم أنها ليست بإنسان. لها حقها في الملكية، ولديها السلطة لعقد الصفقات وتحمل المسؤوليات.
وهي تلد وتعيش. كما أن ممتكات الشخص المتوفى تنتقل إلى الوارث، وكذلك ممتلكات الشركة المتصفية تنتقل إلى الشركاء. ولا شيء للشركاء إذا كان ما على الشركة من الدين مساويا لرأس المال أو أكثر منه. وليس الشركاء مسؤولين عن الديون الزائدة عن رأسمال الشركة. وتقتصر مسؤوليتهم على رأس المال الخاص بهم.
والمجلس الإداري هو بمثابة الدماغ للشخصية القانونية. والمجلس الإداري مسؤول تجاه المجلس العام. ورئيس المجلس العام هو المهيمن على الشركة المساهمة.
المسؤولية
وبموجب المادة 336 من القانون التجاري التركي فإن أعضاء المجلس الإداري ليسوا بمسؤولين شخصيا عما يقومون به من العقود والمعاملات بإسم الشركة بالرغم من أن الشركة تتم إدارتها من قبل هؤلاء الأشخاص.
وتنص المادة 321 من نفس القانون أن الشركة المساهمة هي المسؤولة عن الأخطاء التي تصدر عن الأشخاص الذين لهم حق التمثيل أو الإدارة في الشركة خلال قيامهم بواجباتهم. ويستفيد بعض الأشخاص في الشركة المساهمة بما يحصلون عليه عن طريق الشركة؛ ومع ذلك لا يتحملون الأخطاء التي يتسببون في حدوثها. ومن الجدير ذكره أن الشركة لديها الحق في الرجوع إليهم، إلا أن هذا يتوقف على قرار المجلس العام للشركة. ولا يخفى أن هذا قد يفتح الباب إلى كثير من المظالم.
مساهمو الشركة الذين لهم التأثير على المجلس العام من شأنهم السيطرة على الشركة سيطرة تامة. وفي المادة 363 من القانون التجاري التركي: أن المساهمين ليس لهم الحق في معرفة أسرار الشركة. وكذلك لا يمكن تفتيش السجلات التجارية للشركة من قبل المساهمين إلا بالسماح الصريح أو القرار الصدار المنوط به من قبل المجلس الإداري.
لا يمكن لأصحاب الأسهم القليلة الحصول على المعلومات عن الشركة المساهمة إلا بموافقة المجلس العام أو المجلس الإداري.
ومن حق المجلس العام عقد اجتماع مع من يملك الربع من أسهم الشركة على الأقل إلا أن يكون في الشروط الواردة في العقد ما يستدعي خلاف ذلك. وتتخذ القرارات بتصويت أغلبية الأعضاء الحاضرين.
ولتصفية الشركة المساهمة بعد تأسيسها لا بد من وجود أسباب الفسخ التي ذكرت في المادة 434 من القانون التجاري التركي. فلا يحق للمساهمين أن ينفصلوا من الشركة بأخذ أموالهم الموجودة في الشركة. ولكن يمكن بيع سندات الأسهم الخاصة لهم إلى شخص آخر، فيخرج بذلك من المشاركة. وتكون قيمة الأسهم بالسعر التخميني لأنه لا يعرف القيمة الحقيقية للأسهم ولا من يشتريها.
وسندات الأسهم تكون مكتوبة باسم الشخص أو باسم من يحملها، ويمكن تحويل سندات الأسهم المكتوبة باسم حاملها خلاف السندات التي كان مكتوبة باسم الشخص فلا يمكن تحويلها. إلا أن يكون في العقد الأصلي ما يجيز خلاف ذلك.
يمكن تقسيم أسهم الشركة إلى مجموعة مختلفة مثل مجموعة أ ومجموعة ب ومجموعة ت. ويمكن قيد الصفقة الأصلية بشروط من قبل المجلس الإداري كإشتراط أنه لا يمكن لأي من الشركاء بيع سهمه الخاص كليا أو جزئيا إلا بموافقة المجلس الإداري. وأنه إذا أراد أحد الشركاء بيع سهمه فعليه أن يعرض على الشركاء الآخرين، وفي حالة عدم رغبتهم في الشراء يمكن له بيعه لمشتر آخر. وهي شروط تحدد حق المساهمين في بيع أسهمهم. وهذه الشروط ليست من الضروري أن تكون موجودة في الصفقة الأصلية. ولكن الشركاء الذين لهم التأثير على المجلس العام يمكن لهم تغيير الصفقة إلى ما ذكر من الشروط.
وبسبب تلك الأشياء التي حددها القانون قد تم التخلي عن صغار المساهمين إلى رحمة كبار المساهمين. فلا يحدث في الشركة مشاكل كبيرة إذا كان كبار المساهمين ملتزمين بالمعاملة العادلة والمنصفة؛ علما أن هيكل الشركة في حد ذاته لا يجبرهم على القيام بالمعاملة العادلة والمنصفة.
ثم إنه من الصعب اثبات صحة دعوى أحد من صغار المساهمين بأنه لاقى المظالم من قبل كبار المساهمين لأن تثبيت ذلك يحتاج إلى شروط يصعب توفيرها. حتى إن المساهمين الكبار الذين يسيطرون على مجلس المساهمين قد أعطي لهم كل الفرص ليسحقوا صغار المساهمين. ومن الممكن الإبقاء على إدارة الشركة لمن لا يملك كمية كبيرة من رأس المال؛ ويكون هذا بإدارج بعض البنود في العقد الأساسي.
وعلى سبيل المثال: من الممكن أن يكون بند ينص على أن مجموعة من المساهمين (أ) تختار أربعة أعضاء للمجلس الإداري، ويُخْتار العضو الخامس من بين المجموعة (ب) من المساهمين. ومن المحتمل أن يملك المجموعة (أ) 10%، أو 20% من مجموع رأسمال الشركة. وعلى أية حال من شأن هذا البنود في الصفقة يعطي فرصة لمجموعة من الأقلية ليمسكوا زمام الأمر في الشركة.
المظالم التي يمكن صدورها من المساهمين الكبار
يقوم النظام الرأسمالي على طراز رجل اقتصادي لا يفكر إلا بنفسه فقط. ومن جهة أخرى نرى أن بعض الكتاب من المسلمين يكشفون عن طراز رجل مسلم. ولكن الشريعة الإسلامية والإقتصاد الإسلامي لا يقومان على طراز رجل مسلم. أي أن الأحكام في الإسلام لا تقوم على طراز رجل صالح يجتنب الظلم ويرضى ما استحق له. لأنه قد جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية القواعد التي تمنع المظالم إذا ما روعيت في العقود بين الناس..
قال الله تعالى: “وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ” (إبراهيم، 14/ 34).
وقال تعالى: “وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا” (الإسراء، 17/ 83).
في الواقع ، الناس قاسية جدا ، وناكرة للجميل .
قال تعالى: “وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ” (الحج، 22/ 66).
وقال تعالى: “إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا. إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا. وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا” (المعارج، 70/ 19-21).
وقال تعالى: “كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى. أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى (العلق، 96/ 6،7).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ ادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ وَلَكِنْ الْيَمِين عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ”.[1]
ومن أجل ذلك قد منع الفقهاء الإتيان في العقد بشروط تؤدي إلى المظالم، وهي الشروط التي يفسخ بها العقد. والشركة المساهمة لا تخلو من تلك الشروط. والمهم توفير الفرص لدى الإنسان لارتكاب المظالم؛ أي أن القانون الصادر في خصوص الشركة المساهمة يعطي الفرص للمساهمين الكبار لإرتكاب المظالم. كما نرى ذلك في الأمثلة التالية.
عدم إعطاء الحصة من الأرباح
توزيع الأرباح في الشركة الساهمة المحدودة بين الأشخاص المعينين يتوقف على موافقة المجلس العام. فلا يمكن توزيع الأرباح إلا بقرار يصدرهه المجلس العام. نفترض أن هناك شركة مساهمة يملك شخصان 49% من رأسمالها وثلاثة أشخاص يملكون 51% مثلا، وقد زاد دخل الشركة بما بذله الأشخاص الثلاثة من المجهودات ومع ذلك لم يستفيد أصحاب 49% من رأسمال الشركة؛ لأن المجلس العام لم يقبل في اجتماعه السنوي توزيع الأرباح. شيء وحيد يمكن لهم أن يفعلوه هو بيع الأسهم الخاصة بهم. ويزداد الأمر تعقيدا وأزمة إذا كان من حق المجلس العام للشركة منع بيع الأسهم الخاصة لشخص ما. وأصحاب تلك الأسهم لا يستفدون من ثرواتهم مع كثرتها. ويجب عليهم الزكاة إن كانوا مسلمين. ومن المكن أن يصبح هؤلاء الشركاء الذين يملكون ثروة تساوي ملايين الليرات مكلفين لأداء الزكاة من جهة وفقراء محتاجين إلى لقمة عيش من جهة أخرى.
والذي يسيطرون على الشركة من المساهمين يتمتعون بالثروة التي يحصلون عليها عن طريق الرواتب وما يأخذونه مقابل خدمات إضافية.
الإستيلاء على أموال المساهمين الصغار
المساهم الصغير ليس له حق الكلام في المجلس الإداري لأنه ليس ممن يسيطر على المجلس الإداري. والذي يملك 49% رأسمال الشركة يعتبر المساهم الصغير، لأن الذي يملك 51% هو الذي يسيطر على جميع أمور الشركة عادة. ومن الممكن أن تغتصب أموال المساهمين الصغار بطرق مختلفة. ونذكر مثالين اثنين على ذلك:
التخفيض من أسهم المساهمين الصغار
وقد ﺫكرنا فيما سبق أن شركة أصبحت غنية بجهود موظفيها المخلصين. وقد أسست على رأسمال قدره 100 مليون ليرة. ومع إعادة تقييم القيمة ظهر أنها وصلت إلى مليار ليرة. ومن حق المساهمين الكبار إصدار السندات بقدر 900 دولار وتوزيعها إلى المساهمين / الشركاء بدون البدل إﺫا أرادوا ﺫلك. وكذلك من حقهم أن يضموها إلى رأسمال الشركة، لأنهم ليسوا مجبرين على توزيعها. وبإصدار القرار لزيادة رأس المال من 100 مليون ليرة إلى مليار ليرة يحدث الرجحان لكل شريك من الشركاء. ونعني بالرجحان حق الترجيح. وهو أن من حق كل شريك أن يأخذ حصته من الأسهم الجديدة للشركة. وهذا الحق أي حق الترجيح يكون في فترة محددة، فيحافظ الشريك على حصته في الشركة لو استعمل حق الترجيح قبل مضي تلك الفترة وإلا فسيلحقه خسائر كبيرة.
وكل من استعمل من الشركاء حقه في الترجيح قد اشترى أمواله الخاصة لأن مقدار رأسمال مليار واحد. ويضطر من يملك 49% من رأسمال الشركة أن يدفع 441 مليون ليرة. ومن ناحية أحرى من الممكن أن المساهمين الكبار يأخذون كل أموالهم بدون أي دفع. ولإجراء هذه الأمور يكفي مجرد اعطاء التعليمات للمحاسبة. وليس من الصعب أن تكتب في السجلات بأنهم أعطوا النقود وأخذوا السندات. وإذا لم يأخذ المساهمين الصغار حصتهم من الأسهم فمن الممكن يأخذها المساهمين الكبار بنفس الطريقة. وحين يأخذ المساهمون الكبار 50% من الأسهم الجديدة من الشركاء فإن الأسهم الخاصة للمساهمين الصغار ستنزل من 49% إلى 4.9%. أي أن هذه الحالة ستؤدي إلى أن يملك المساهمين الكبار عُشر رأسمال الشركة بطريقة قانونية. ومن حق الشركاء المهيمنين على المجلس العام، أن يشتروا السندات الجديدة مقابل الدفع. كما يسهل لهم شراء جميع سندات الأسهم الجديدة لأهداف زيادة رأس المال مع مراعاة شروط الدفع الخاصة لهم. وفي هذه الحالة ستصبح قيمة رأسمال الشركة مليار و تسعمائة مليون ليرة. وفي حالة استمرار الزيادة في رأس المال في سنوات لاحقة على نفس المنوال ربما نزلت حصة المساهمين الصغار من الأسهم إلى 0%. وليس هناك مقام يمكن لهم تقديم شكواهم. كما هو معروف، إن سنوات التأسيس للشركة سنوات يتقاسم فيها الشركاء المشاكل الكبيرة. ومن الضروري الإنتظار مدة طويلة لكسب الأرباح. والمستثمر المننتظر للربح لا يقبل أن يظلمه الأشرار الذين يسيطرون على الشركة من خلال استخدام بعض الطرق القانونية. هذه الحالة تتسبب بكثير من الإضطرابات، والمشاجرة، والعداوة بين أفراد المجتمع. فلا بد أن نأخذ بعين الإعتبار في تشريع القوانين أن من الناس من يتصرفون بنية خبيثة، ومن واجبات القانون أن يعطي الفرصة للمظلومين للمطالبة بحقوقهم.
تهريب أموال الشركة
يمكن لمن يسيطر على الشركة اختلاس أموال الشركة بطرق مختلفة. نفترض أن الشركة تملك مصنعا، والآلات المختلفة، والوسائل النقلية والأراضي؛ فيمكن للمساهمين الكبار تأسيس شركة أخرى ونقل أموال الشركة إلى الشركة الثانية. وعلى سبيل المثال: من الممكن بيع الوسائل النقلية الخاصة للشركة الأولى إلى الشركة الثانية بأسعار رخيصة. أو بيعها لشخص ثالث بأسعار رخيصة ثم شراؤها للشركة الجديدة. وهذا ينطبق على الأموال الأخرى للشركة مثل الآلات المختلفة والأراضي. وبعد فترة تصبح الشركة فارغة فتصدر المحكة قرارا لتصفيتها. فيصبح المساهمون الصغار الذين كانوا يملكون من قبل مليار ليرة مساكين محتاجين إلى لقمة عيش. ثم يلتمسون حقوقهم على أبواب المحاكم مدة من الزمن، وفي نهاية المطاف يرجعون إلى بيوتهم خاسرين ومفلسين.
والأسهم التي انتقلت إلى المساهمين الصغار عن طريق الميراث فإنه يمكن تدميرها من قبل الأشرار من الناس باستخدام الطرق القانونية المذكورة.
وهناك طريقة أخرى وهي نقل أرباح الشركة إلى شركة أخرى. وهي تعتمد على أصول شتى كسابقاتها. وعلى سبيل المثال: يمكن الحصول على قروض من البنوك ثم تدفع فائدة القرض من هذه الشركة. ولكن يمكن استخدام القرض في شركة ثانية من قبل المساهمين الكبار بدون الفائدة. أي تكون الأرباح للشركة وتكون المخاطر والأضرار على الشركة الأخرى.
حق الشكاوى للمساهمين الصغار
المادة 341 والمواد التي تليها من القانون التجاري التركي تفرض على الشركات أن تكون فيها لجنة للرقابة. ويمكن لكل واحد من الشركاء تقديم الشكوى إليها عن أحد من أعضاء المجلس الإداري أو المديرين. وعلى المراقبين مراجعة الشكاوى المقدمة إليهم. ويكتبون معلومات عن الشكوى في التقرير السنوي إذا ثبت حقية مقدم الشكوى. ويقرأ التقرير في المجلس العام. والذي يملك 1/ 10 من أسهم رأسمال الشركة يعتبر من الأقليات. وفي هذه الحالة يجب على لجنة الرقابة كتابة الأفكار والآراء المتعلقة بالشكوى في التقرير وعقد اجتماع طارئ للمجلس العام إذا لزم ذلك. ولكن لا بد من تحقيق ذلك أن يراهن من يملك 10 % من الأسهم العامة سهمهم في البنك. ويبقى هذا السهم في البنك حتى ينعقد الإجتماع الأول للمجلس العام.
ولا جدوى من الشكوى إلا أن يأخذها المجلس العام بعين الإعتبار. ففي هذه الحالة يعضل المساهمين الصغار من قبل المساهمين الكبار وتنبذ شكواهم بدلا من إنصافهم.
وبناء على المادة 348 من القانون التجاري التركي، فإنه من الممكن طلب تشكيل اللجنة الرقابية الخاصة من المجلس العام لتحقيق صدق الدعوى المقدمة من الذي ثبت أنه يملك سهما يساوي 1/ 10 % من رأسمال الشركة على الأقل، قبل حلول موعد انعقاد اجتماع المجلس العام بستة شهور على وقوع الفساد في المعاملات المتعلقة بهيكل الشركة أو إدارتها، أو حدوث الإجراءات المخالفة للقانون أو المعاهدة الأساسية في غضون العامين الماضيين. وفي حالة رفض هذا الطلب على الشركاء دفع المصاريف في الحال، كما أن لهم الحق في رفع الدعوى بشرط توديع ما يملكون من الأسهم رهنا في أحد البنوك المعتمدة حتى تنتهي الدعوى. ولا بد من الأدلة التي تثبت صدق المدعي حتى يقبل الطلب لدى المحكمة.
الشركاء الصغار يواجهون الآن ما لا طاقة لهم. لأن المادة 363 من القانون التجاري التركي تنص على أنه لا يمكن القيام بتحقيق سجلات الشركة إلا بعد موافقة المجلس العام صراحة أوبقرار من المجلس الإداري. كما أنه لا حق لأي من الشركاء لأن يطلع على الأمور السرية للشركة. ففي هذه الحالة لا يمكن للشركاء الذين رفعوا الدعوى إلى المحكمة الإتيان بالأدلة والوثائق اللازمة. وبالتالي أصبح القانون معطيا بالملعقة وآخذا بالمغرف، وأتعب المساهمين الصغار في دائرة ضيقة وفاسدة.
تأسيس الشركة القابضة
إذا نظرنا في الكتب الفقهية نجد أن رأسمال الشركة لا بد أن يكون نقدا. وما لم يكن نقدا لا يمكن أن يكون رأسمال. ولكن في القانون التجاري التركي لا تشترط النقدية لرأس المال. وبالتالي يمكن أن تكون سندات أسهم الشركة رأس مال الشركة الأخرى، أي يمكن تأسيس شركة برأس مال الشركة الأخرى. وكذلك يمكن تأسيس شركة ثالثة بسندات أسهم الشركة الثانية. وتأسيس شركة رابعة بسندات أسهم الشركة الثالثة. كما يمكن تأسيس شركة خامسة بجمع سندات أسهم الشركات المتعددة.
والهدف من تأسيس الشركة القابضة هو إدارة شركات متعددة بيد واحدة. وعرض سندات الشركة كرأسمال شركة أخرى هو في الحقيقة يؤدي إلى تظاهر أصحاب الأموال القليلة من الأشخاص أو الأسر كأصحاب رأسمال كبير أو أصحاب أعمال الكبيرة. وهو تظاهر كاذب لا يتوافق مع آداب التجارة. وعلى سبيل المثال: أن أسرة تملك 51 مليون ليرة من أسهم الشركة التي تملك رأسمال قدره 100 مليون ليرة، فيمكن لها تأسيس شركة قابضة باستعمال سندات الأسهم التي تملكها الشركة الأولى. وكذلك يمكن تأسيس شركة صغيرة ثالثة بما يحصلون عليها من الأموال ببيع جزء من أسهم الشركة القابضة للأقارب والأصدقاء؛ ويمكن أن تزداد عدد الشركات على هذا النحو. ومجموع رأسمال كل شركة من الشركات السابقة هو 51 مليون ليرة؛ ولكن الأسرة التي تملك 51 مليون ليرة فقط تظهر أمام المجتمع أنها تدير شركة تملك رأسمال قدره 300 مليون ليرة. وهذا التظاهر يخدع من يريد شراء سندات الأسهم. وقد أوضح هذا الموضوع الأستاذ محرم كارسلي قائلا:
“أسرة سانجاقتار، تملك 51.000 سهما بقيمة إسمية قدرها 51 مليون ليرة. من أسهم شركة صناعة الدهان ورأسمالها 100 مليون ليرة. ونفترض أن هذه القيمة الإسمية البالغة 51 مليون ليرة قد تم تقييم هذه الأسهم من قبل المحكمة 102 مليون ليرة. تقوم أسرة سانجاقتار بتأسيس شركة قابضة برأسمال قدره 200 مليون ليرة، وتأخذ سندات الأسهم (وقد تم التقييم على أنها 102 مليون ليرة) الخاصة لشركة صناعة الدهان للشركة القابضة. وستبيع الشركة القابضة الأسهم المتبقية وقدرها 49 %. وأسس بـ 98 مليون ليرة التي حصل عليه مقابل ما باع من الأسهم، شركة صناعة الورنيش والراتينج ويحول 51% منها إلى سجلات الشركة القابضة والتي يقدر رأسمالها بـ 192 مليون ليرة. ثم يبيعون الأسهم المتبقية للشركة الجديدة إلى من يريد من الشركات القاضة أو المستثمرين أو أي شخص من الناس.
وبالتالي، قد أصبحت أسرة سانجاقتار صاحبا ومهيمنا على شركتين وشركة قابضة بدون صرف قرش من عندها”.
ولكن لو كان رأسمال الشركة نقديا عند تأسيسها لما تظاهرت أسرة سانجاقتار أنها مالكة في الشركة لأسهم مقدارها 492 مليون ليرة في حين أن مقدار رأسمالها الحقيقي 51 مليون ليرة. ولم ينخدع الناس مقابل هذا التظاهر. كما لم تستطع أسرة سانجاقتار الحصول على الأموال عن طريق الغش.
الخاتمة
ونتيجة لذلك لا يجوز شراء وبيع سندات الأسهم من البورصة تجاه الهيكل الحالي للشركات المساهمة وطريقة أدائها في البورصة. لأنه أكل أموال الناس بغير حق. يقول الله تعالى:
” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا” (النساء، 4/ 30). وهذه الآية تعتبر العمود الفقري للإقتصاد.
أضف تعليقا