مقدمة
النقود المدخرة تسمى ملكا (ويقصد بالملك هنا رأس المال الذي يمكن ادخاره في البنوك سواء كان ذاك المال قليلا أو كثيرا). والبنوك بدورها تقوم بتحصيل النقود من الطرف الأول مقابل عائد شهري، ومن ثمّ تقرضه إلى طرف ثالث بشرط عائد شهري كذلك، وتسمى هذه المعاملة بنظام الإئتمان.
ونظام الإئتمان هذا يعتبر أصلا في جمع الأموال في النظام الإقتصادي المعاصر. وكثيرا ما تقوم البنوك اليوم بهذه المعاملة.
ويمكن الحصول على رأس مال كبير بجمع الأموال عن طريق الشركاء. ويمكن أن نعبر عن هذا بنظام “المشاركة أو المساهمة”. وعادة ما يكون الإئتمان مشروطا بالربا. ومدة الإستخدام مشروطة بمدة المشروع الإقتصادي. أما المشاركة فلا يشترط فيها الضمان للربح، فهو (أي ضمان الربح) يتوقف على إتمام المشروع بنجاح.
ثم إن إقراض100 ليرة بشرط إعادتها 110 ليرات، أي الإئتمان المشروط ( الربا )، ليس بمشروع تجاري. والمشروع التجاري يبدأ باستخدام المال المقترض. وهذا المشروع لا ضمان فيه إلى أن ينتهي في المدة المحددة، كما لا يضمن الربح في النهاية، فمن الممكن أن ينتهي المشروع بالخسارة، لذا يمكننا القول بأن الربا حائل أمام التقدم الإقتصادي.
والنقود في حد ذاتها لا تسد الحاجة. فهي لا تؤكل ولا تشرب ولا تلبس، ولكنها وسيلة في سد الحاجات، وبلوغ الغايات. فالنقود هي بمثابة دم في العروق لا بد له من حركة. كذلك لا فائدة من النقود المدخرة الراكدة في البنوك.
والقرآن الكريم يأمر بالإنفاق ويمنع كنز الأموال. ويقال في اللغة العربية؛ لـ “الممر تحت الأرض” نفقا، وعلى هذا؛ فالإنفاق هو تمرير الشيء في النفق. كما أنّ جريان الدم في العروق يمد الجسم بالحيوية كذلك النقود لا بد لها من الحركة عن طريق الإنفاق لتأمين الحيوية للمجتمع البشري. وإلا سيصاب المجتمع بالشلل، كالعضو المصاب بالشلل في جسم الإنسان بسبب عدم وصول الدم إليه.
والنقود المتحركة المتداولة بين الناس بالإنفاق، تسد حاجة المحتاجين. كأداء الدين، وشراء الإحتياجات اليومية واللوازم البيتية. كما تستعمل تلك النقود في إقامة المصانع وفي أداء رواتب العاملين إلخ… فهي تخدم في رفع معدل الإنتاج وتوفير فرص العمل. وباختصار فإن النقود المتحركة المتداولة بين الناس تقوم بأشياء كثيرة، ومع ذلك لا يزيد مقدار تلك النقود ولا ينقص.
والنقود المتداولة في الأسواق تزيد من النشاطات الإقتصادية. أما المعاملة بالقرض الربوي فهي تؤدي إلى الجمود. كما أنها تقلل مقدار النقود المتداولة في السوق بسبب سحبها منه أي من الأسواق لأجل سد الديون. ويترتب على ذلك فقد الأسواق نشاطها السابق. ولا بد من النقود الجديدة لتنشيطها. فيأتي الرأسماليون لينتهزوا الفرصة فيخرجوا النقود إلى الأسواق بالقرض الربوي، فيصبح الموقف أسوأ مما كان، لأنه سبب آخر لسحب النقود المتداولة في الأسواق من جديد؛ وكلما تكررت تلك الأفعال فإن حالة الأسواق تزداد سوءا. وفي النهاية تنهار كثير من المؤسسات التجارية الصغيرة. ومن المعلوم أن عدد المستثمرين في المجتمع قليل، ويزداد هذا العدد قلة بسبب المخاطرة المحتملة في سد الديون، وأضف على ذلك شرط إبراز التأمين في الحصول على القروض.
وهذا يجعل البعض يملكون كمية كبيرة من رأس المال من ناحية، ومن ناحية أخرى فهم يحملون أثقالا مما يدفعون مقابل الربا. ومن أجل أن يحملوها على عاتق الشعب فإنهم يحاولون السيطرة على الأسواق بفتح مكاتب كبيرة وبإعلانات مغرية بزعم أن قيام تلك المكاتب من الأعمال الناجحة في الساحة الإقتصادية.. وبعد حين تغلق المكاتب الصغيرة وتنحصر المعاملة التجارية بين من يقرض وبين من يقترض عن طريق الربا. فالذي يعجز عن سد الديون الناتجة عن الربا فإنه يتلاشى كما يتلاشى البالون حين يفرغ الهواء من داخله. وتتضرر المؤسسات من القروض الربوية، وتتفاقم المشاكل الإقتصادية والاجتماعية في كل ناحية. يقول الله تعالى: « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ. وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ» (البقرة، 2/ 275-280).
القروض الربوية معاملة معروفة منذ عهد قديم. إلا أنه كان لا يمكن المعاملة بها إلا لمن يملك كمية كبيرة من رأس المال. ولكن بتأسيس البنوك الربوية أصبح كل من يملك قدرا من المال يتعاطى القرض الربوي أي الائتمان. بحيث أصبح الناس يودعون أموالهم للبنوك ويجتمع بها عند البنوك كمية هائلة من الأموال فتربو بها البنوك حسب طلبات المستقرضين.
وللإئتمان تكلفة وتسمى بتكلفة التمويل. وهذه التكلفة تضاف إلى السعر في كل مرحلة من المراحل الإنتاجية والتسويق، وبالتالي تزداد الأسعار على الدوام. والفوائد المدفوعة للإئتمان هي السبب الأساسي في تكلفة التمويل. وتكون الفوائد التي تعود إلى صاحب رأس المال منخفضة. حيث يؤدي البنك إلى المودع 7% في حين يحصل من المستقرض على 10% . وكلما انخفض العائد إلى البنك ينخفض العائد إلى المودع. ولو نظرنا بعين الإعتبار إلى المراحل الإنتاجية يمكننا القول بأن التضخم قد يصل إلى 10 % . وهذا قد يؤدي إلى فقدان المودع كمية من رأس ماله فضلا عن أنه لن يحصل على الفوائد.
وعلى سبيل المثال: الذي أودع في البنك 500 ليرة بعائد قدره 7% حين كان سعر كغم من السكر 50 قرشا، فإنه يتقاضى في نهاية الأجل 535 ليرة. ولكن في هذه المدة من الممكن أن يرتفع سعر السكر إلى 55 قرشا. وقد كان يشتري قبل سنة1000 كغم من السكر بـ 500 ليرة. وهو يشتري الآن بـ 535 ليرة 973 كغم من السكر. وبهذا قد فقد من رأسماله قيمة ما يقرب 3% . أما الذي اكتنز النقود فيفقد أكثر مما يفقد ذاك المستثمر؛ فهو يشتري الآن بـ 500 ليرة 909 كغم من السكر. أي أنه يفقد ما يقرب من 9 % من قيمة رأسماله.
والذين يتعاملون بالإئتمان الإنتاجي يضيفون العائد المشروط (الربا المتفق عليه) إلى المحصول وإلى تكاليف الإنتاج. كما يضيفون هذا المقدار من التكاليف لرأسمالهم وللمحصول وللخدمات اللازمة للإنتاج. وسبب ذلك هو فرصة التكلفة الإنتاجية. لأن هناك فرصة التعامل بالربا بدلا من استعمال النقود في الإنتاج. فيضيفون مقدار ما يدفعونه من فوائد ربوية إلى التكلفة الإنتاجية. وله سبب آخر؛ وهو التحفظ أمام التضخم الناتج عن التعامل الربوي. وفي نهاية المطاف؛ فإن أصحاب الدخل القليل أو الثابت سرعان ما تنخفض قيمة رأسمالهم بسب التضخم المستمر.
النظام الإئتماني، يعمل على تراكم الأموال عند الأغنياء. ويحرض المواطنين على الشراء بالتقسيط بسبب انخفاض نسبة الإستهلاك. فيقع الكثيرون في مأزق عندما يحين موعد تسديد الديون. وعلى الرغم من أن المحلات مملوءة بالأغراض و البنوك مليئة بالنقود، إلا أن الأسواق في ركود، لأن الناس يكادون يختنقون من كثرة الديون، ويشتكون من قلة البركة، وصدق الله العظيم القائل في كتابه الكريم: «يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ» (البقرة، 2/ 276).
وقد أوضح النبي صلى الله عليه وسلم هذا الموضوع بقوله: «الرِّبَا وَإِنْ كَثُرَ فَإِنَّ عَاقِبَتَهُ تَصِيرُ إِلَى قُلٍّ».[1]
فالآية تقارن بين الربا والزكاة. فالزكاة تؤدى على الفور إلى مصارف الزكاة وتنفق. ومال الزكاة سرعان ما دخل الأسواق وأعطاها نشاطا مستمرا. كما أوضح ذلك قوله تعالى: «مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ » (البقرة، 2/ 261).
و من المعروف أن الزكاة تعتبر من أهم العوامل في تقديم الأموال للتداول في الأسواق. وكذلك المضاربة؛ أي المشاركة في العمل ورأس المال؛ بحيث يقدم أحد الطرفين المال والآخر يعمل فيه. فمن ملك المال وليس لديه القدرة أو الرغبة في استعماله فله أن يشارك من لديه القدرة على الإستثمار والخبرة في ميادينه. ويوزع الربح بين الطرفين على حسب الإتفاق؛ هذا في حالة حصول الربح. وفي حالة حدوث الضرر، فصاحب المال يتحمل الضرر، أما المضارب فيكفيه ذهاب عمله وجهده بلا فائدة.
وقد ظهرت بنوك تتعامل بدون الربا، إذ أعطيت هذه البنوك حق التعامل بالمضاربة. وكانت تلك البنوك تعمل في تركيا تحت اسم “مؤسسة التمويل بدون الربا”. ثم بدأت تعمل تحت اسم “البنوك المشاركة أو المساهمة” حين صدر القانون بإلحاق “مؤسسة التمويل بدون الربا” إلى البنوك الربوية. وبهذا أصبحت “مؤسسة التمويل بدون الربا” كالبنوك الربوية تماما. فهي تستطيع أن تعمل الآن كل ما تعمله البنوك الربوية. إلا أن “مؤسسة التمويل بدون الربا” تجمع الأموال بدون فوائد. إلى جانب التعامل بالإستئجار والتجارة.
وبعد هذا القانون صارت البنوك المشاركة تجري معاملاتها كلها بالربا، أو بعضها بالربا والبعض الآخر بدون الربا، ولا نعدم منها من يتعامل بدون الربا. وهذه الصيغة الجديدة أدت إلى التساؤل عن هوية تلك البنوك. والمفروض أن تكون الأعمال التي تقوم بها البنوك المشاركة هي التجارة بالإضافة إلى الخدمات المصرفية. ومن حق البنوك المشاركة أن تقوم بالإيجار المالي، والمضاربة، والمرابحة والمشاركة لأنها معاملات تجارية، كما يقوم بها أي تاجر من التجار. وفي الصفحات التالية نقف على هذا الموضوع بالتفصيل إن شاء الله.
والمضاربة معاملة تجارية معروفة على مدى العصور. إلا أنه كان من الصعب أن يجد أصحاب الأموال من يضاربهم؛ إلا إذا كان رأسماله كبيرا. أما الآن كل من يملك أي قدر من المال سواء كثر أو قل يجد _بسهولة_ من يضاربه في ظل البنوك المشاركة. فهي تمتلك الموارد المالية الكبيرة بجمع الذخائر القليلة.
إن تكلفة التمويل غير موجودة في نظام المشاركة ، لأنه لا يوجد فيها من يدفع رأس المال. لأن عملية الحصول على الأموال إما يإقامة مشروع ما، أو الإشتراك في المضاربة. ولو طبق هذا النظام في الحياة الإقتصادية لما بقي هناك تكلفة ما يعرف بالفرصة البديلة[2] والتي نشأت من نظام الربا، كما لا يبقى هناك مجال للتضخم والذي تتسبب به البنوك الربوية بشكل أساسي. أما الإزدياد في الأسعار حينا وانخفاضها حينا آخر فهو أمر طبيعي، ولا يسمى تضخما.
والنظام الإئتماني يسلب من أصحاب رأس المال حق التصرف في أموالهم، حيث يضعون أموالهم في البنوك منتظرين الربح من الفوائد البنكية. ولا يهمهم ما جرى على أموالهم المودوعة في البنوك. وهم يعملون في مكان ما من القطاع الخاص أو العام ولا يهمهم أي شيء إلا الرواتب الشهرية المتفق عليها. أي أنهم يتقاضون الرواتب ويقومون بالأعمال المكلفين بها من قبل الإدارة. وتتلاشى ذخائرهم والقيمة الحقيقية لأجورهم مع مرور الوقت. حتى يصل إلى درجة – أن الراتب قد أصبح لا يكفي للمصاريف الشهرية-. وبهذا تصير أعداد كبيرة من الناس والذين يشكلون الكتلة السياسية في المجتمع لا يهمهم إلا العيش، ويرتكسون تجاه هذا الموقف المزعج. ويزداد ارتكاسهم يوما بعد يوم. وفي النهاية يسيطر على المجتمع الشقاء واليأس. هذا ومن ناحية أخرى يشتد جشع الأغنياء الذين زادهم الغنى جشعا إلى جشعهم، فيسارعون إلى ادخار الأموال. ويتدخلون في شؤون الناس سياسيا واجتماعيا، ويوجهونهم حسب هواهم، وهذا أمر سيؤدي في النهاية إلى الفساد في الحياة الإجتماعية والسياسية.
إن نظام المشاركة؛ يوزع النماء بين أصحاب الأسهم، حسب ما يملكون من رأس المال. لذا يحتفظون بخصوصيتهم ودورهم تجاه الأوضاع الإجتماعية والسياسية والإقتصادية. وبمعنى آخر لا يوجد في نظام المشاركة أي احتكار من جانب الرأسماليين وسيطرتهم على أوضاع المجتمع. كما أن أصحاب الأسهم في الشركات المساهمة يعرفون ما عليهم وما لهم من المسؤولية فيبذلون قصارى جهدهم لأداء الواجبات المفروضة عليهم. أي أن المشاركة تتطلب من أصحاب الأسهم التيقظ والشعور في تحمل المسئولية. وبهذا يمكن توفير مجال العمل الحر في أمن وطمأنينة.
والنظام الإئتماني يعزل الثمن الأصلي عن أصحابه. أما في نظام المشاركة لا تنقطع الصلة بين رؤوس الأموال وأصحابها. لأن صاحب الأموال يهتم بها ويتابع التطورات الإقتصادية ليعرف ما يجرى لأمواله وماذا ستكون العاقبة. فالشعور بالمسؤولية الناتجة عن المشاركة تجعله متيقظا. لأنه في أمس الحاجة إلى معرفة الشركاء ومراقبة تحركاتهم. وإلا ربما يخسر في حين أنه ينتظر الربح. كما يمكن له من خلال هذه المتابعة تحسين تجربته في ساحة الأعمال.
ويندر في نظام المشاركة الأزمات الإقتصادية والإجتماعية، ويزداد معدل الإنتاج. ويشعر المستثمرون بضرورة الحصول على ثقة المجتمع. فهو من أهم أسباب توفير الأمن في المجتمع. وهذا النظام – نظام المشاركة – خال من المشاكل التي تواجهها المجتمعات في ساحة العمل الإقتصادي نتيجة للتعامل مع النظم الأخرى.
تحريم الربا هو منع لنشاط النظام الإئتماني والذي كثيرا ما يتسبب في الأزمات الإقتصادية. والله تعالى يقول: «أحل الله البيع وحرم الربا» (البقرة، 2/ 275). لذا يجب على المسلمين أن يطوروا نظام المشاركة.
وكثير من الناس يعتبر البيع مثل الربا، نظرا إلى ما بينهما من التشابه، ويغفلون عن المميزات والفروق التي يفترق بها كل منهما عن الآخر. ومن المفروض أن نعرف من خلال هذه الفروق أن “البيع” ليس بـ “الربا”. ولهذا الموضوع بحث مستقل سنقف عليه إن شاء الله.
ومن المعلوم أن الربا هو أشد ما حرم الله تعالى في القرآن الكريم، فقد تأذن الله تعالى بالحرب على آكليه. وهناك أحاديث كثيرة، وآراء كثيرة منسوبة إلى الفقهاء، والتي تبين حرمة وبشاعة الربا. ويجب علينا أن نعرف ما حرمه الله تعالى، وما بينه الرسول، وما وصل إليه الفقهاء باجتهادهم. وقد حاولنا جلب أنظار القراء إلى هذه الفروق في هذا الكتاب.
وقد أخذنا القرآن الكريم مصدرا وحيدا في إعداد هذا الكتاب، وكذلك أخذنا بالسنة المطهرة بوصفها التطبيق العملي لما جاء في القرآن وليس بوصفها مصدرا مستقلا بذاته، بأسلوب خارج عما تعود عليه الناس من قبل، في بحث الموضوعات الفقهية؛ حيث كان يُعتمد على أقوال الفقهاء بدون التفريق بين السقيم والقويم. أما الأصول التي تتبعناها في دراستنا هي أصول مستنبطة من القرآن الكريم؛ وسنتحدث عن هذه الأصول في الموضوعات التالية إن شاء الله.
الكتب الفقهية المعتمدة عند الناس، قد ألفت في العصور التي كانت العملات فيها تضرب من الذهب والفضة وما شابهما من المعادن الثمينة. فهي ذات قيمة في جميع أنحاء العالم، أما اليوم فالورقة المصرفية (بنكنوت) ليس لها قيمة إلا حين تستند إلى السلطات السياسية. وقبولها كنقد في الساحة الدولية متعلق بالعلاقات الدولية ونفوذ الدولة التي طبعتها ،كما هي متوقفة على قبول الناس لها كنقد.
التسوية بين المبلغ المستلم والمبلغ المدفوع كانت تحسب بالوزن أو بالكيل أو بالعدد. والمدين بـ 100 غم من الذهب يتخلص من الدين بدفع 100 غم من الذهب بنفس القيراط. والمدين بالقمح يؤدي بالكيل كما أن المدين بالبيض يؤدي بالعدد.
وقد اعتاد الناس في النظام النقدي المدني اعتبار الورقة المصرفية مالا معدودا. والمال المعدود؛ مثل، البيضة والجوزة والأموال التي لا يوجد الفرق الكبير بين أنواعها في القيمة، وما يتم تداوله بالعدد هو مال حيقيقي. ولا توجد هذه الخصوصية في الورقة المصرفية؛ لذا لا يمكن اعتبارها مالا معدودا. وإلا قد تساوى دولار واحد بمئة دولار من الورقة المصرفية الأمريكية، لأنهما بنفس الحجم. لأن الرقم المكتوب على أحد الورقتين لا يضيف لها أي قيمة. وكون 100 ليرة تساوي 100 دولار ليس لكون مادتيهما بنفس القيمة. ومن أجل ذلك تعمل الورقة المصرفية حسب قوتها في الشراء والبيع وليس بحسب العدد. واعتبار الورقة المصرفية مالا كالذهب والفضة يؤدي إلى الظلم. فيجب أن تغير القوانين المتعلقة بها؛ وأن يكون التعامل بالورقة المصرفية حسب ما تمثل من القيمة المالية، لا على ما يكتب عليها من الأرقام. وحينئذ يمكن منع المظالم بقدر أكبر.
وقد نشأ عن البعد عن المنهج القويم في الإستنباط موضوعات جديدة لم يسبق لها مثيل من نوعها. ومن أهمها تناول موضوع “الربا” بأسلوب مختلف بعيد عن الكتاب والسنة. ولو تتبعنا الموضوع في ضوء الكتاب مع حديث النبي صلى الله عليه وسلم لتبين لنا أن حديث النبي – صلى الله عليه وسلم – الذي ينظم بيع الذهب والفضة والشعير والقمح والتمر والملح؛ لا يأتي بحكم زائد على الآيات بل إنه يحرم الربا تحت اسم البيع. وقد كان يزعم أن الحديث ينظم موضوعا آخر؛ وليس الربا المذكور في القرآن؛ فحصل ما حصل من الخلط وبقي الحديث مبهما عند كثير من الناس. وذاك الأسلوب الجديد قد مكنا من فهم الحديث بشكل واضح وصحيح؛ وهذا مهم للغاية لنفهم الربا على أسس من القواعد الصحيحة المستنبطة من القرآن الكريم.
ونحن متأكدون من أن النقد والتوصيات من قبل القراء الأعزاء يلقي الضوء على هذا البحث ويساعدنا في الوصول إلى الكمال.
موضوعات جيدة أسأل الله لكم التوفيق
موضوع جميل ولكم جزيل الشكر واتمنى لكم التوفيق
موضوع جميل ولكم جزيل الشكر واتمنى لكم التوفيق
موضوع جميل ولكم جزيل الشكر واتمنى لكم التوفيق
معلومات جيدة ومفيدة أحب مطالعة هذا الموقع لأن الدراسات كلها قد أجريت حول القرآن الكريم والسنة النبوية
معلومات قيمة نريد المزيد منها