أ. د عبد العزيز بايندر
تقديم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسولنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد.
وقال الشيطان: «فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ. ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ» (الأعراف، 7 / 16-17).
فالشيطان يكون من الجن كما يكون من الإنس. وهو يقيم فخه على الطريق الصحيح. ومن أكبر فخوخه الشرك بالله. لقد أخبر الله تعالى أنه لا يغفر الشرك؛ فقال: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا» (النساء، 4 /48).
معنى الشرك
قال ابن فارس: "الشين والراء والكاف أصلان، أحدهما يدلّ على مقارنة وخلافِ انفرادٍ، والآخر يدلّ على امتداد واستقامة. فالأول: الشركة، وهو أن يكون الشيء بين اثنين لا ينفرد به أحدهما، يقال: شاركت فلاناً في الشيء إذا صرت شريكَه، وأشركت فلاناً إذا جعلته شريكاً لك".[1] وقال الجوهري: "الشريك يجمع على شركاء وأشراك، وشاركت فلاناً صرت شريكه، واشتركنا وتشاركنا في كذا، وشركته في البيع والميراث أشركه شركة، والاسم: الشرك".[2] والشرك أيضاً الكفر، وقد أشرك فلان بالله فهو مشرك ومشركيّ.[3]
والاشراك بالله هو الاعتقاد أن شخصا ما يملك صفة من الصفات الخاصة لله تعالى. وكثيرا ما يكون ذاك الشخص ممن يُعرف أنه من عباد الله المقربين. يوحي الشياطين أنه ولي الله، ويعين الناس في توصيل أمورهم إلى الله، فهو وسيط وشفيع بينهم وبين الله، وهكذا يؤكد وجوب التسليمية لمن يزعم أنه ولي الله وجعله شريكا بالله.
القرآن الكريم والعقل السليم هما الذان يحميان المسلم من الوقوع في هذا الفخ. ولكن يقول الشيطان أن الدين ليس أمرا عقليا وكذلك القرآن لا يمكن فهمه لجميع الناس، يتوهم الشيطان بهذا الزعم أن يبعد الناس عن القرآن وعن التفكير الصحيح، ويقترح للناس كتابا آخر غير القرآن ويأمرهم أن يقرأوه ويقدسوه. والذي يقع في هذا الفخ لا يقصر في تعظيمه للقرآن الكريم كما يدعي هو ولكنه يقبل أنه لا يمكن لأحد أن يفمه وبالتالي أصبح أي القرآن لديه كتابا مقدسا جافا لا ينفع ولا يضر. كما يأتي الشيطان بأنواع من العبادات الجديدة المبتدعة ليطمئن أتباعه بأنهم على طريق صحيح بكثرة العبادات. ويقبلونهم أنهم أولياء الله ويصبحون عبادا لهم من دون الله. ويفقدون ثقتهم بأنفسهم ويضل عن الطريق الصحيح ولكن يحسبون أنهم على الطريق الصحيح. قال الله تعالى: « وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ. وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ» (الزخرف، 43 /36-37).
والحديث باسم الله كذلك يعتبر فخا يقع فيه الكثير. ويعتمد فيه على عظمة قدرة الله أو كلام العلماء أو ما يوجد من الخرافات في الكتب. وكان من الواجب أن يكون القرآن هو المصدر الأساس في الموضوعات الدينية ليصان من الخطأ، ولكن تفسير آيات القرآن على شكل يؤيد تلك الأفكار الخاطة يزيد الطين بلة.
ونهدف في هذا الكتاب بيان الفخاخ التي يقع فيها المستهد الجديد بسهولة في ضوء القرآن الكريم والتنبيه عليها. وراجيا من القرأء الكرام أن ينبهوا على أخطاءنا التي تصدر عنا بدون قصد عنا. مع أن فهم الحقائق سهل ولكن القبول صعب. قال الله تعالى: « وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ» (التوبة، 9 / 115). وقال أيضا: « وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ. وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ» (العنكبوت، 29 /68-69).
الجهد منا والتوفيق من الله
الشهر الخامس سنة 2006 إستانبول
أضف تعليقا