الغرور بقدرة الله
وبعض الناس يقولون على الله ما لا يعلمون، مستدلين بقدرة الله تعالى، من باب الإستدلال بما هو صحيح على ما هو غير صحيح، حيث يقولون ألا يقدر الله تعالى على فعل كذا وكذا؟. وقد جرى بيني وبين أحد الشيوخ المتصوفة حوار أود أن أورده. وهو على النحو التالي:
بايندر: كنا في المدينة المنورة وفي أثناء الحوار مع الحجاج قلت؛ أنه لا يعلم الغيب إلا الله.. قالت إحدى المريدات من مريداتك: “ولكن أنا على يقين أن شيخي يعلم كم مرة تقلبت في فراشي ليلا يمينا وشمالا”.
الشيخ: ألا يعلم إذ علمه الله تعالى؟ ألا يقدر الله على ذلك؟
بايندر: وهل هناك أحد يشك أن الله قادر على كل شيء؟ ولكن لا يجوز أن يستدل بقدرته على هذا النحو. لو شاء الله لوضع رسوله محمد صلى الله عليه وسلم في جهنم. والشيطان في الجنة. أليس الله قادرا أن يفعل ذلك؟
الشيخ: طبعا؛ والله قادر على كل شيء.
بايندر: ولكنه وعد أن يدخل الشيطان جهنم، ومحمداً صلى الله عليه وسلم الجنة بل وأعلى المقام فيها.[1] فلا يجوز أن يقال مثل هذا الكلام كدليل على قدرة الله تعالى. قال الله تعالى: « مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ» (آل عمران، 3 / 179). ولا يمكن لأحد بعد هذه الآية أن يدعي أن شيخا يعلم الغيب مستدلا بقدرة الله تعالى.
[1] قال الله تعالى: «وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا» (الإسراء، 17 / 79).
أضف تعليقا