لقاء علمي حول تفسير القرآن بالقرآن
جرى هذا الحوار بين أ.د. عبد العزيز بايندر و أ.د. حكمت بشير ياسين
بتاريخ 28 حزيران 2007 في المدينة المنورة
أ.د. حكمت بشير أستاذ التفسير المتقاعد من الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة. وله تفسير مطبوع وموسوعة في المرويات في التفسير وهو شهير بتفسير القرآن بالقرآن.
أ.د. عبد العزيز بايندر أستاذ الفقه والأصول في جامعة استنبول، ورئيس مركز أبحاث الدين والفطرة في استنبول، وله اهتمامات واسعة في تفسير القرآن بالقرآن، وله كتب مطبوعة بهذا الخصوص.
يقول أ.د عبد العزيز بايندر: ذهبت وبصحبتي أ. د. محمد يعقوب التركستاني لزيارة أ.د. حكمت بشير في بيته، وعرَّفني د. محمد بأني اهتم بتفسير القرآن بالقرآن ففرح وهنأني بذلك. ثم طلبنا منه مسجلا صوتيا لتسجيل المحاورات التي ستجري بيننا فبحث ولم يجده في بيته فقال: “سجل بالقلم” ثمّ شرحت منهجنا في تفسير القرآن بالقرآن فأعجبه كلُّ ما سمعه مني، وأخذ يدون بعض ما قلته بالقلم، ثم قمت بتفسير آية الوصية من سورة البقرة على المنهج، وقلت له: هذا تفسير دون إضافة أي جملة في الآية، ودون دعوى أي نسخ.
قال محمد يعقوب : و ما رأيك يا أستاذ حكمت بهذا التفسير وبهذا المنهج؟
قال: هذا منهج خطير في غاية الخطورة؛ ومن شأنه أن يضل الناس عن سبيل الله.
قلت: لماذا يا أستاذ؟
قال: ما سبقك أحد من العلماء في هذا المنهج.
قلت: هذا منهج القرآن ومنهج النبي صلى الله عليه وسلم، وقد بينت الأدلة التي أستند إليها، وكان من الأولى أن تتكلم في الأدلة وأن تأتي بأدلة أخرى تنفي دعواي في هذا المنهج.
قال: هناك كتب التفاسير. لو وجدت أحدا من المفسرين سلك طريقتك فأهلا وسهلا.
قلت: إن هذا تفسير القرآن بالقرآن ونجد السنة مصدقة له، وقد فسرتُ آية الوصية على هذا المنهج، وعدد الآيات التي فسرتها وفقا لهذا المنهج قد بلغ أكثر من مئتي آية، وأظهرت فيها كلها الموافقة التامة بين الكتاب والسنة. هل يمكنك يا أستاذ أن تفسر لنا آية الوصية بدون تقدير؟
قال: لا وسكت، وبعد قليل قام من مكانه وذهب إلى كتبه وقال: سأعطيك تفسيري لهذه الآية كي تقرأه، ثم رجع عنه، وأعطاني صحيفة من تفسيره الجديد الذي لم يتم بعد، من سورة الحجر وقرأت منها هذه الآية: (رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ) (الحجر،2) و كان قد فسرها بأن ود الكفار (أي تمنيهم) سيكون في الآخرة عندما يروا العذاب.
قلت: إن هذا الود إنما يكون في الدنيا.
قال ضاحكا: هل يمكن هذا في الدنيا يا د. عبد العزيز؟
قال د. محمد يعقوب: كيف ذلك يا د. عبدالعزيز؟ هل يود الكفار أن يكونوا مؤمنين؟ يقصد في هذه الحياة.
قلت: هذا مما لا شك فيه لأن الله سبحانه وتعالى قال: (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ){آل عمران 106}.
قال محمد يعقوب: هل هذا لبعض الكفار خاصة؟
قلت: حكم هذه الآية عام ودعوى التخصيص تحتاج الدليل.
قال د. حكمت: إن الله أخذ من ظهر آدم ذريته إلى يوم القيامة في عالم الأرواح وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى… و هذا إسلامهم فالكفار كلهم كفروا بعد إيمانهم هذا.
قلت: هذه دعوى بلا دليل لأن الله لم يأخذ من ظهر آدم ذريته في عالم الأرواح إنما أخذها من بني آدم من الرجال و النساء مثلي أنا وأنت. لأنه تعالى قال: (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ){أعراف 173}
و الذرية مجاز لأنها لا تؤخذ من الظهر والمأخوذ منه سببها وهو ماء الرجل والمرأة. ووجود هذا الماء مؤشر على بلوغ الإنسان وتكليفه، والتكليف يبدأ بالبلوغ وينتهي بالموت. ثم قال تعالى: (وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا) والشهادة لها وجهان؛ الأول: تحمُّل الشهادة، والثاني: أداؤها. وفي هذه الآية كلاهما موجود، لأن الله تعالى قد حمَّل الناس الشهادة بقوله (وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ) وأدى الناسُ شهادتهم فـ( قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا).
قال د. محمد: هذا يشير إلى البلوغ وكمال العقل …
قلت: صحيح. لأن الإنسان لا يكون مكلفا بالأوامر والنواهي إلا بهذين الشرطين.
قال د. محمد يعقوب: فكيف هذا يا دكتور؟
قلت : راقب نفسك يا أبا فِهر وأنت تشاهد الآفاق، أو تذكَّر ما في نفسك من عظيم صنع الله تعالى تجد قلبك يقر بوجوده ووحدانيته تعالى، وهذا ما نطقت به هذه الآية: (سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) {فصلت 53}.
ثم أتممت الآية: بتفسير قوله تعالى (أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ. أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آَبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ){أعراف 173} وهذا بيان بأن الإنسان لو نشأ وعاش في قوم مشرك ولم تبلغه دعوة أي رسول لَشهد بأن الله ربه. و دليل هذا كثير في القرآن ومنها هذه الآية: (قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ) {إبراهيم 10} و لذلك لم نجد في القرآن آية تثبت وجوده تعالى لأن هذا مما لا يحتاج إليه أحد.
قال د. حكمت : و ما الدليل لهذا التفسير، فهل تعرف مفسرا فسرها به؟
قلت : الدليل هو الآية نفسها، وهي لا تحتاج إلى دليل آخر، وبعض المفسرين فسروها بمثل هذ التفسير . ثم قلت: يا أستاذ! ما يجب عليك هو بيان الأخطاء التي وجدتها في تفسيري هذا. وأنت كيف تفسر القرآن بالقرآن؟
قال: أكتب أولا كلَّ ما روي عن النبي في تفسيره للقرآن بالقرآن؛ مثل تفسيره الظلم في قوله تعالى (الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ) {الأنعام 82} بأنه الشرك مستدلا بقوله تعالى (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) { لقمان 13} ثم أكتب السنة المتعلقة بالتفسير ثم أكتب تفسير الصحابي ثم التابعي ثم الذين يلونهم من العلماء ثم الذين يلونهم.
قلت : أنت لا تضيف شيئا على هذه التفاسير. أليس كذلك ؟
قال: بلى؛ هذا طريق سليم لا يتهمك فيه أحد.
قلت: هذا ليس تفسيرا بل نقل المرويات فقط.
ثم استأذنت واستودعت الله الأستاذ شاكرا له حسن محاورته.
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين قبل الرضى والحمد لله حتى يرضى والحمد لله بعد الرضى والصلاة والسلام على رسول الله افضل الصلاة والسلام
اما بعد
فانه للمناقشة التي جرت بين الشيخين الفاضلين فاني اتفق مع الشيخ عبد العزيز من حيث التفسير لانه عندما يرى المجرمون بداية يوم الحساب ويروا نار جهنم يقولون ربنا ارجعنا لكي نعمل خيرا مما كنا نعمل واما فيما يخص الميراث فانه افضل تفسير له هو تفسير القان بالقران
وادع الله ان يجعلكم من ائمة الهدى
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته