النقاب (غطاء الوجه) ليس واجبا على المرأة المسلمة

السؤال: هل نقاب المرأة فرض وما هو الدليل؟

الجواب: النقاب هو ما تغطي به المرأة وجهها، وقد اختلف العلماء قديما بين قائل بوجوبه وقائل بإباحته، واستدل كل فريق بما لديه من أدلة، وذهب بعضهم إلى أنه لا يجب إلا على من خشيت الفتنة على نفسها اجتهادا من عند أنفسهم. وما نراه أنّ غطاء الوجه ليس واجبا على المرأة المسلمة، لعدم وجود الدليل الموجب، فالأصل في الأشياء الإباحة إلا ما ورد الدليل بإيجابه أو بتحريمه.

الأدلة التي استندنا إليها

1_ قال تعالى {ولا يبدين زينتهنّ إلا ما ظهر منها} وما ظهر منها هو الوجه والكفان والكحل والخضاب والخاتم، روي مثل هذا عن ابن عباس وابن عمر وسعيد بن جبير ومكحول وعكرمة وعطاء وغيرهم[1].

 2_ روى أبو داوود عن عائشة رضي الله عنها مرسلا (أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ دَخَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهَا ثِيَابٌ رِقَاقٌ فَأَعْرَضَ عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ يَا أَسْمَاءُ إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا بَلَغَتْ الْمَحِيضَ لَمْ تَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلَّا هَذَا وَهَذَا وَأَشَارَ إِلَى وَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ)[2]. وهذا الحديث واضح الدلالة على المراد.

3_ وجه الإنسان هو هويته وبه يُعرف، وتستطيع أن تميز بين الناس عن طريق النظر إلى وجوههم. قال الله تعالى { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (الحجرات،13) ومن أشكال هذا التعارف أن يتعرف الناس إلى بعضهم بعضا عن طريق تمييز الوجوه، والآية الكريمة لم تكتف بذكر القبائل والشعوب وإنّما ذكرت بشكل خاص { مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى} ومن نظر إلى حكمة اختلاف أشكال الناس وألوانهم يدرك لماذا كان غطاء الوجه ليس واجبا؛ لأنّه بغطاء الوجه ينتفي التعارف ويختلط الأمر على الناس.

وقد تشدد قوم في إلزام المرأة بغطاء الوجه بتمحل الأدلة وتكلفها ومن ذلك:

1_ قوله تعالى  : { وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن } (النور،31) ، وبدلا من أن تكون هذه الآية حجة على عدم وجوب غطاء الوجه كما ذكرنا سابقا، إلا أنّ قوما استدلوا بهذه الآية على وجوبه فقالوا: ضرب الخمار على الجيوب يلزم منه تغطية الوجه.

ولا أدري كيف توصلوا لهذه النتيجة، وكأن تغطية الجيب لا تتم إلا بتغطية الوجه، وهو كما ترى منطق غريب. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإنّ هذه الآية تأمر المؤمنين من كلا الجنسين بالغض من البصر، ولو كان تغطية الوجه واجبا لما بقي حاجة إلى أن يغضَّ الرجلُ بصره، ثم إننا قد بينا أنّ المقصود بما ظهر منها هو الوجه والكفان.

2_ أن النبي صلى الله عليه وسلم ” نهى المحرمة أن تنتقب وأن تلبس البرقع ” ، فدل على أنها قبل الإحرام كانت تغطي وجهها.

وكما ترى فإن هذا المنطق أغرب من سابقه، ولم يتكلف هؤلاء بسؤال أنفسهم لماذا كانت هذه المرأة تغطي وجهها؟ أهو عادة؟ أم ليقيها الحر مثلا؟ وكل هذه الإحتمالات وغيرها وارد، ولكنهم سلكوا أقصر الطرق لإثبات ما يريدون، وهو القطع بأحد المعاني المحتملة دون أي دليل، وهذا يتناقض مع المنهج العلمي كما ترى.

3_ ويحتج البعض الآخر بالمنطق رغم أنّ المنطق يدحضهم، فيقولون: إنّ أجمل ما في المرأة وجهُها فاقتضى ذلك أن يكون أولى بالتغطية من غيره.

والحقيقة أنّ هؤلاء القوم لا يفرقون بين العورة والجمال، وهذا الخلط أدّى بهم إلى تشدد ممجوج لا تستسيغه النفوس السليمة، وإذا تساوى عند شخصٍ ما شعوره عند رؤية الوجه ورؤية العورة فالمشكلة تكمن في وجهة نظره.

كما احتج آخرون بأدلة لا تخرج عن طور ما سبق، وقد اكتفيت بما ذكرت . والله أعلم بالصواب