حبل الله
حكم الغناء في الإسلام

حكم الغناء في الإسلام

مقدمة:

تتكرر الأسئلة عن حكم الغناء في الإسلام وتتنوع الإجابات حسب المجيب ونظرته للأدلة. وما لفت انتباهي أنّ من قالوا بالتحريم جملة وتفصيلا، لم يستندوا إلى دليل يُركن إليه، وقد جعلوا من الأقوال والآراء المسبقة دليلا دون الكتاب وما يؤيده من السنة الصحيحة، وهم بذلك قد حادوا عن حكم الكتاب والسنة، وأوقعوا أنفسهم والمسلمين في حرج كبير. وما أبتغيه من خلال هذه المقالة أن أصل إلى حكم الله تعالى بالغناء، ولكن من كتابه الكريم وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.

ما هو الغناء؟

الغِناء بالكسر الصَّوْتِ الممدود واللَّحْنُ وتَرْجيعُ الصوت والتَّطْريبُ. شاهدُه قول يزيد ابن النعمان: لقد تَرَكَتْ فُؤادَكَ مُسْتَجَنَّا مُطَوَّقَةٌ على فَنَنٍ تَغَنَّى، يَمِيلُ بها وتَرْكَبُه بلَحْنٍ إِذا ما عَنَّ للمَحْزُون أَنَّا، فلا يَحْزُنْكَ أَيامٌ تَوَلَّى تَذَكّرُها ولا طَيْرٌ أَرَنَّا. ويقال فلان لا يعرفُ لَحْنَ هذا الشعر أَي لا يعرف كيف يُغَنيه. [1]
قال أبو العباس: ويقال إن الغناء إنما سمى غناء، لأنه يستغني به صاحبه عن كثير من الأحاديث، ويفر إليه منها، ويؤثره عليها[2].
والمجتمع العربي الإسلامي – في احتفاله بالغناء وعنايته به – يقول في الغناء عبارات بليغة، منها: (غناؤه كالغنى بعد الفقر، وهو جبر للكسير) ، (غناؤه يبسط الوجه، يرفع حجاب الأذن، ويأخذ بمجامع القلب، ويحرك النفوس، ويرقص الرؤوس) ، (فلان طبيب القلوب والأسماع، ومحيى موات الخواطر والطباع، ويطعم الآذان سرورا، ويقدح في القلوب نورا…) [3].

القائلون بتحريم الغناء:

لقد احتج القائلون بالتحريم بأحاديث لا يصح منها شيء وهي رغم كثرتها إلا أنّها لا تصلح للاحتجاج بها، عدا أنها تخالف الأحاديث الصحاح التي تدل على حل الاستماع للغناء بضوابطه الشرعية على ما سنذكر.

أدلّة التحريم

1_ ولعل أبرز ما يحتجون به هو ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير قوله تعالى {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} (لقمان،6)، حيث احتجوا بأن ابن عباس فسر اللهو بالغناء، وهو تفسير من ليس له عصمة، كما خالفه كثير من الصحابة في ذلك، كما أن سياق الآية لا يسعف في حصر اللهو بالغناء؛ إذ أن الآية نعت على من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله، فاللهو المحرم هو ما كان بقصد الإضلال عن سبيل الله، وكل عمل يقوم به الإنسان قاصدا الإضلال عن سبيل الله فهو جريمة كبرى حتى لو كان ظاهر الأمر قربة وصلة؛ كمن اشترى مصحفا ليُضلّ عن سبيل الله على علم. فحصر الآية بالغناء ليس له وجه إلا قصر العام على أحد أفراده بغير دليل. ومن نظر إلى الآية في سياقها يدرك تمام الإدراك أنّ الحديث إنّما يدور على فئتين من الناس؛
الفئة الأولى: هي فئة المؤمنين المحسنين الذين يلتزمون حكم الكتاب فلا يخالفونه، قال تعالى: {الم. تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ. هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ. الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ. أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }(لقمان، 1_5)
الفئة الثانية: والآيات التي تليها مباشرة تتحدث عن فريق المنافقين الذين يضلون عن سبيل الله بكل وسيلة، قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ . وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}(لقمان، 6_7) فلهو الحديث المضل عن سبيل الله يحتوي معاني شتى.
وقد ورد في معناه أقوال منها:
أنه الجدال في الدين والخوض في الباطل ، قاله سهل بن عبد الله. وهذا من قبيل قوله تعالى:{يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ. وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} (التوبة، 64_65)
  وقيل إنه الباطل ، قاله عطاء . وقيل إنّه الشرك قاله الضحاك وابن زيد. وقيل إنّه كل ما ألهى عن ذكر الله سبحانه. قاله الحسن [4].
 2_ روى عن أنس وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (صوتان ملعونان فاجران أنهى عنهما: صوت مزمار ورنة شيطان عند نعمة ومرح ورنة عند مصيبة لطم خدود وشق جيوب).[5]
4_ روى الترمذي من حديث علي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا فعلت أمتي خمس عشرة خصلة حل بها البلاء – فذكر منها: إذا اتخذت القينات والمعازف)[6].
وفي حديث أبي هريرة: (وظهرت القيان والمعازف).
5_ روى ابن المبارك عن مالك بن أنس عن محمد بن المنكدر عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من جلس إلى قينة يسمع منها صب في أذنه الآنك يوم القيامة).[7] وهذا حديث باطل[8].
هذه الأحاديث وما في معناها مثخنة بالجراح، لا تقوم بها حجة وإن اجتمعت. وقد وثقها قوم متساهلون في التوثيق لا عبرة بتوثيقهم. لأنها تعارض الأحاديث الصحيحة في هذا الباب.

أدلة الإباحة:

1_ قرر القرآن الكريم أنّ الأصل في الأشياء الإباحة. قال تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} (سورة البقرة/29)، ولا تحريم إلا بنص صريح من كتاب الله تعالى، وما وافقه من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، فلا يملك الحق بالتشريع إلا هو سبحانه. قال الله تعالى {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ. أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ} (هود،1_2).فمن يملك الحق في تفصيل الأحكام هو الله وحده، واعتبرت الآية أنّ الاحتكام إلى شرع الله هو عبادة، وكما أن العبادة لا تكون لغير الله فإنّ تشريع الأحكام لا يكون لغيره كذلك. فإذا لم يرد نص من القرآن والسنة بتحريم شئ من الأشياء، لم يؤثر ذلك في حله، ويبقى في دائرة العفو الواسعة، قال تعالى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} (سورة الأنعام/ 119).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « ما أحل الله في كتابه فهو حلال ، وما حرم فهو حرام ، وما سكت عنه فهو عافية ، فاقبلوا من الله العافية ، فإن الله لم يكن نسيا » ثم تلا هذه الآية ( وما كان ربك نسيا) »[9].
وقال عليه الصلاة والسلام: “ (إن الله حد حدودا فلا تعتدوها وفرض لكم فرائض فلا تضيعوها وحرم أشياء فلا تنتهكوها، وترك أشياء من غير نسيان من ربكم، ولكن رحمة منه لكم، فاقبلوها ولا تبحثوا فيها)[10].
2_ روى البخاري عن عائشة قالت : (دخل عليّ النبي صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث فاضطجع على الفراش وحول وجهه وفي رواية لمسلم تسجى بثوبه ودخل أبو بكر فانتهرني وقال مزمارة الشيطان عند النبي صلى الله عليه وسلم فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : دعهما فلما غفل غمزتهما فخرجتا وكان يوم عيد )[11].
ووجه الاستدلال أنَّ هناك غناءً أو سماعاً وقد أنكر عليه الصلاة والسلام إنكار أبي بكر رضي الله تعالى عنه. وفي ذلك دليل أيضاً على جواز سماع الرجل صوت المرأة ،لأنه عليه الصلاة والسلام سمع ولم ينكر على أبي بكر سماعه بل أنكر إنكاره، وقد استمرتا تغنيان إلى أن أشارت إليهما عائشة بالخروج . وإنكار أبي بكر على ابنته رضي الله تعالى عنهما مع علمه بوجود رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لظن أن ذلك لم يكن بعلمه عليه الصلاة والسلام لكونه دخل فوجده مغطى بثوبه فظنه نائماً.
2_ عن أبي جعفر الخطمي قال كنّا بالمدينة يوم عاشوراء والجواري يضربن بالدف، ويغنين، فدخلت علينا الربيع فذكرنا ذلك لها. فقالت دخل عليَّ رسولُ الله صبيحة عرسي، وعندي جاريتان تغنيان، وتندبان آبائي الذين قتلوا ببدر، وتقولان وفينا نبي يعلم ما في غد. فقال : أما هذا فلا، وقولا لا يعلم ما في غد إلا الله[12].
3_ عن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( ما هممت بما كان أهل الجاهلية يهمون به إلا مرتين من الدهر كلاهما يعصمني الله تعالى منهما . قلت ليلة لفتى كان معي من قريش في أعلى مكة في أغنام لأهلها ترعى: أبصر لي غنمي حتى أسمر هذه الليلة بمكة كما تسمر الفتيان قال : نعم فخرجت فلما جئت أدنى دار من دور مكة سمعت غناء وصوت دفوف وزمر فقلت: ما هذا ؟ قالوا : فلان تزوج فلانة لرجل من قريش تزوج امرأة فلهوت بذلك الغناء والصوت حتى غلبتني عيني فنمت فما أيقظني إلا مس الشمس فرجعت فسمعت مثل ذلك فقيل لي مثل ما قيل لي فلهوت بما سمعت وغلبتني عيني فما أيقظني إلا مس الشمس ثم رجعت إلى صاحبي فقال : ما فعلت ؟ فقلت : ما فعلت شيئا » قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « فوالله ما هممت بعدها أبدا بسوء مما يعمل أهل الجاهلية حتى أكرمني الله تعالى بنبوته )[13]
والحجة في الحديث أنّ الله تعالى حمى رسوله صلى الله عليه وسلم من الاشتراك في حفل القوم حيث شُرْبُ الخمرة والمجون، أمّا الاستماع فقد ظلّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم يلهو به حتى أخذه النّوم بعيدا عن القوم. ولو كان مجرد الاستماع مما يوجب الكف عنه لحمى الله نبيه منه. لكنَّ في الحديث إشارة إلى أخلاقية الغناء إذ لا بد أن يكون بعيدا عن المجون وشرب الخمرة وكل مظاهر المعصية.
4_ عن عائشة ، قالت : كان في حجري جارية من الأنصار ، فزوجتها ، قالت فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عرسها ، فلم يسمع غناء ولا لعبا ، فقال : يا عائشة ، هل غنيتم عليها ( ؟ أو لا تغنون عليها » ؟ ثم قال : « إن هذا الحي من الأنصار يحبون الغناء )[14].
5_ حدثنا أبو داود قال : حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، قال : سمعت عامر بن سعد البجلي ، يقول : شهدت ثابت بن وديعة وقرظة بن كعب الأنصاري في عرس وإذا غناء فقلت لهما في ذلك فقالا : إنه (رخص في الغناء في العرس، والبكاء على الميت في غير نياحة )[15].
 6_ الدّين الإسلامي هو دين الفطرة ولا يمكن أن يتعارض دين الله تعالى مع الفطرة التي فطر الله الناس عليها، فسماع الغناء تألفه الطباع، وتطرب له الأسماع، ألا ترى الطفل الرضيع يسكن لغناء أمه؟ ألا ترى حتى الإبل على غلظة طبعها تتأثر بحداء القوم فتنشط بالسير؟ ولا ينكر تأثير الغناء على النفوس إلا مكابر قد ظهرت عليه غلظة الطبع وجفاء السلوك.
وحتى ينسجم الإسلام مع ذاته ومع الفطرة كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يرخص لهم في أوقات الأفراح ،كالأعياد والنكاح وقدوم الغياب في الضرب للجواري بالدفوف ، والتغني بما عرف الناس من  الأشعار وما كان في معناها .

سبب تشدد بعض الفقهاء في تحريم الغناء

يقول ابن رجب: لما فتحت بلاد فارس والروم ظهر للصحابة ما كان أهل فارس والروم قد أعتادوه من الغناء الملحن بالإيقاعات الموزونة ، على طريقة الموسيقى بالأشعار التي توصف فيها المحرمات من الخمور والصور الجميلة المثيرة للهوى الكامن في النفوس ، المجبول محبته فيها ، بآلات اللهو المطربة ، المخرج سماعها عن الاعتدال ، فحينئذ أنكر الصحابة الغناء واستماعه ، ونهوا عنه وغلظوا فيه .
حتى قال ابن مسعود : الغناء ينبت النفاق في القلب، كما ينبت الماء البقل. وروي عنه – مرفوعا .
وهذا يدل على أنهم فهموا أن الغناء الذي رخص فيه النبي – صلى الله عليه وسلم – لأصحابه لم يكن هذا الغناء ، ولا آلاته هي هذه الآلات ، وأنه إنما رخص فيما كان في عهده ، مما يتعارفه العرب بآلاتهم .
فأما غناء الأعاجم بآلاتهم فلم تتناوله الرخصة ، وإن سمي غناءً ، وسميت آلاته دفوفا ، لكن بينهما من التباين ما لا يخفى على عاقل ، فإن غناء الأعاجم بآلاتها يثير الهوى ، ويغير الطباع ، ويدعو إلى المعاصي ، فهو رقية الزنا . وغناء الأعراب المرخص به ، ليس فيه شيء من هذه المفاسد بالكلية البتة ، فلا يدخل غناء الأعاجم في الرخصة لفظا ولا معنى ، فإنه ليس هنالك نص عن الشارع بإباحة ما يسمى غناء ولا دفا ، وإنما هي قضايا أعيان ، وقع الإقرار عليها ، وليس لها من  عموم [16].
لقد بين ابن رجب تشدد الفقهاء في منع الغناء، فمن أطلق الحكم بتحريم الغناء جملة بنى الحكم على ردة الفعل وليس على الدليل، وهذا مما يقع فيه الكثيرون فيضلون ويحسبون أنهم مهتدون. وتفريق ابن رجب بين آلة العرب وآلة العجم هو نتيجة للقراءة المتسرعة للأمر؛ إذ ليس من المنطق تحريم الآلة فهي لا تختلف باختلاف القوم وإنّما يختلف أداؤها تبعا لاستعمالها.
المسلم رقيب نفسه والله رقيبه وهو يستطيع التفريق بين ما كان منه منضبطا بأخلاق الإسلام وما كان خارجا عن آدابه. وهذا الأمر غاية في الأهمية فالغناء ليس على شاكلة واحدة فمنه ما يثير بالنفس المشاعر الحسنة كتلك التي تدعو إلى الإيمان وحب الله تعالى، أو إلى تعزيز الانتماء للوطن والمحبة والإخاء وحتى الغناء الغزلي العذري لا بأس باستماعه إذا أُمنت الفتنة، فقد روي عَنِ ابْنِ جُدْعَانَ، قَالَ: “أَنْشَدَ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ: بانت سعاد فقلبي اليوم متبول متيم عندها ولم يُفد مكبول[17].
الإسلام لم يأت ليحارب المشاعر الإنسانية وإنّما جاء لتهذيبها، وهذا يظهر في أحكام الأسلام، فهو إذ يراعي شهوة الطعام والشراب، إلا أنّه يهذب هذه الشهوة بالدعوة إلى عدم أكل أموال الناس بالباطل، حتى إنه ليدعو إلى الكيفية التي يتناول فيها المسلم طعامه وشرابه؛ مما يجعله متميزا برقيه وحضارته فهو لا يأكل ما يسبب ضررا، ولا يزيد عن حاجته، وهو يؤثر غيره إذا لزم الأمر.. والأمر بالنسبة للغناء كذلك سواء كان بآلة أو بغير ألة فإن موضوع الغناء والجو العام من حيث الاحتشام وعدمه يميز ما هو محرم عما هو حلال، والمسلم يعرف ذلك في نفسه ويستفتي نفسه تجاه ما يسمع. 
أمام هذه الأدلة من الكتاب والسنة فلا نملك إلا القول بجواز الغناء سواء بآلة أو بغير آلة مع مراعاة الضوابط التي أشرنا إليها خلال البحث، فمنّا الجهد ومن الله تعالى التوفيق.
والله أعلم بالصواب 

[1]لسان العرب مادة لحن بتصرف
[2]انظر: ابن منظور: لسان العرب فصل الغين، حرف الواو والياء، ج 19 ص 376 و 377
[3] الحصرى: زهر الآداب ج 1 ص 615 (بتحقيق الجباوي)
[4](تفسير الماوردي،554)
[5] الأحاديث المختارة،(1991)
[6] جامع الترمذي،(2010)
[7] المحلى بالآثار، 7/562
[8]أحمد بن حنبل، العلل المتناهية ص 544
 [9]رواه الحاكم وصححه،(3376)، وأخرجه غير واحد من أصحاب السنن بألفاظ متقارة
[10]أخرجه الحاكم،(7214والدار قطني عن أبي ثعلبة الخشني. وحسنه الحافظ أبو بكر السمعاني في أماليه، والنووى في الأربعين.
[11]البخاري (902، 950)
[12] المعجم الكبير للطبراني،(695)، ج24 ص 274
[13] رواه الحاكم (7727) وقال هذا حديث صحيح على شرط مسلم . وابن حبان (6378)
[14]ابن حبان (5971)
[15]مسند الطيالسي (1304)
[16]فتح الباري لابن رجب 7/34
[17]رواه الحاكم في المستدرك (6510)

تعليق واحد

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.