السؤال: ما حكم تهنئة المواطنين من غير المسلمين بأعيادهم كعيد الميلاد بالنسبة للطوائف المسيحية؟
الجواب: تميزت رسالة الإسلام بالسماحة وقبول الآخر وابتعدت كل البعد عن كل تطرف وغلو، ومن علائم ذلك أنه لا يُكره أحد على الدخول فيه، وقد قبل المسلمون العيش المشترك مع طوائف وأديان شتى كان لها على مر التاريخ كامل حقوق المواطنة ويشهد بذلك المنصفون من المؤرخين.
إن تهنئة غير المسلم بعيده هو عادة حسنة يشجها الإسلام وهي من صور البر الواردة في قوله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (الممتحنة، 8 )
وقد ضرب لنا رسولنا صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى في تعامله مع غير المسلمين فقد روى البخاري ومسلم (أن النبي صلى الله عليه وسلم مرت به جنازة فقام. فقيل له إنها جنازة يهودي فقال أليست نفسا؟)[1] وفي رواية أخرى عند مسلم (قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ لِجَنَازَةِ يَهُودِيٍّ حَتَّى تَوَارَتْ)[2]
هذه النصوص من القرآن والسنة تبين البعد الإنساني والحضاري في عقيدة المسلمين، فلا ينبغي التوهم بعدئذ بحرمة تهنئة غير المسلمين بأعيادهم اعتمادا على حجج غير صائبة كالقول إن تهنئتهم يعني إعانتهم على ما هم عليه من شرك وضلال، وهو تبرير غير صحيح؛ فإن في تهنئتهم تأليفا لقلوبهم واحتراما لإنسانيتهم، فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقدر حرمة موتاهم فالأولى بنا أن نقتدي أثر النبي صلى الله عليه وسلم في سماحته وطيب معشره وصدق الله إذ يقول لنبيه {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} (الأنبياء،107) فينبغي أن لا يحول المسلمون هذه الرحمة إلى نقمة.
أضف تعليقا