السؤال: هل يمكن للرقية الشرعية أن تكون بديلا عن العلاج والتداوي؟
الجواب: الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين.
من الأخطاء الشائعة اعتبار الرقية علاجا للأمراض، وهو خطأ بين، وبعيد عن سنن الله تعالى في الأشياء، وهذا مخالف لدعوة الرسول صلى الله عليه وسلم وأمره بالتداوي، كما أنه مخالفة لدعوة القرآن أيضا فقد سأل نبي الله أيوب عليه الصلاة والسلام ربه الشفاء بعد طول ضر أصابه فاسمع ماذا كان العلاج. قال تعالى:{وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ. ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ} (ص،42)
يقول محمد رشيد رضا: ولم يثبت بالتجارب الصحيحة المطردة أن تلاوة القرآن الكريم أو كتابته في الصحف تحمل أو الصحاف يؤكل منها ويشرب سبب للشفاء من الأمراض وقضاء الحوائج، ولو ثبت لاستغنى به الناس عامة أو المسلمون خاصة عن الطب والأطباء، وعن اتخاذ الأسباب والوسائل المعروفة لسائر الحاجات والمصالح. فهذا دليل عقلي في الموضوع , وقد قرر العلماء أن النصوص الشرعية إذا خالفت الأدلة العقلية ترد إليها بالتأويل إذ لا يمكن إبطال حكم العقل لأنه أصل الإيمان، ولا يصح بدونه برهان.
ودليل ثان على ذلك وهو أنه لو أنزل القرآن لأجل المنافع الحسية الجسدية كما نزل لأجل الهداية لذكر فيه ذلك، وعُدَّ من المعجزات لأنه يكون خارقًا للعادة ولتحدى النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم بذلك، ولكن شيئًا من ذلك لم يكن , ولم يذكر العلماء في وجوه إعجاز القرآن ما ذكر , ولم يعلم أن الصحابة أو الأئمة احتجوا على منكر بذلك[1].
إذن فالرقية ليست علاجا وإنما هي دعاء للمريض بالشفاء ، فيدعو المريض لنفسه أو يدعو له الآخرون، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم قدوة حسنة في هذا:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (حق المسلم على المسلم خمس رد السلام وعيادة المريض واتباع الجنائز وإجابة الدعوة وتشميت العاطس)[2].
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا عاد مريضا قال (اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ، مُذْهِبَ الْبَاسِ، اشْفِ أَنْتَ الشَّافِى لا شَافِىَ إِلا أَنْتَ، شِفَاءً لا يُغَادِرُ سَقَمًا)[3].
وعن: عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِى عليه السلام كَانَ يُعَوِّذُ بَعْضَ أَهْلِهِ يَمْسَحُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى، وَيَقُولُ: (اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ، أَذْهِبِ الْبَاسَ، اشْفِهِ وَأَنْتَ الشَّافِى لا شِفَاءَ إِلا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لا يُغَادِرُ سَقَمًا)[4] . قال الطبرى: فيه البيان عن جواز الرقية بكل ما كان دعاء للعليل بالشفاء. وذلك أن النبى عليه السلام كان إذا عاد مريضًا قال القول الذى تقدم، وذلك كان رقيته التى كان يرقى بها أهل العلل، وإذا كان ذلك دعاء ومسالة للعليل بالشفاء فمثله كل ما رقى به ذو عله من رقية إذ كان دعاء لله مسألة من الراقى ربه للعليل الشفاء فى أنه لا بأس به.
إذا فالرقية هي دعاء ولا يصح أن ينسب إليها الفعل بذاتها لأن الفاعل بالمرض والشفاء هو الله والرقية بهذا المعنى هي إظهار فقرنا إلى الله والتجاؤنا إليه وهي من التوكل . وينبغي أن يسعى المسلم إلى التداوي عند أهل الإختصاص وليس عند المشعوذين والدجالين.
فعن أسامة بن شريك قال قالت الأعراب يا رسول الله ألا نتداوى قال: (نعم يا عباد الله تداووا فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء أو قال دواء إلا داء واحدا، قالوا يا رسول الله وما هو قال الهرم)[5].
وعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الدَّاءَ وَالدَّوَاءَ وَجَعَلَ لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءً فَتَدَاوَوْا وَلَا تَدَاوَوْا بِحَرَامٍ)[6].
والله أعلم بالصواب.
[1]مجلة المنار، باب المسائل الزنجبارية، 7/388
[2] متفق عليه واللفظ للبخاري، صحيح البخاري، كتاب الأمر باتباع الجنائز، رقم الحديث 1164
[3]البخاري، رقم الحديث 5301
[5] رواه الترمذي، باب ما جاء في الدواء والحث عليه، رقم الحديث 1961 وقال هذا حديث حسن صحيح
[6]سنن أبي داوود، باب في الأدوية المكروهة، رقم الحديث 3376
جزاك الله خيرا
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخي جمال فهمت من كلامك انه لا مشكلة باستخدام آيات القرآن لقرائتها على المرضى سواء كان جسديا او نفسيا وفيها شفاء وفهمت من كلامك ان يجوز قراءة اي آية من القرآن لأنه كلامك كان عاما ولم تخصص آيات معينة وهناك تساؤلات تطرح :-
1-انت قلت ان قراءة القرآن فيه شفاء ورحمة وكثير ومن الناس يستدلون بقول الله تعالى (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا )على جواز قراءة القرآن على الناس بطلب الشفاء من الأمراض.
فحسب قولهم
إذا كانت مِنْ في الآية للجنس فهي تفيد كل آيات القرآن الكريم وهذا لا يستقيم لأنه كيف اقرأ على المريض آيات القتال او الخاصة بأمور النساء وغيرها !!!
واذا كانت مِنْ للتبعيض أيضا لا يستقيم المعنى فسيكون بعض القرآن فيه شفاء ورحمة وبعضه ليس فيه شفاء ورحمة فكيف هذا !!!
2-هناك من يقول إذا كان الحديث صحيحا سندا فكيف ترده ويقول لك انه كما جاء القرآن إليك بالسند جاءت إليك الأحاديث بالسند .
3-أرى أن التفسير الصحيح الآية السابقة هي ان القرآن كتاب هداية وإرشاد للمؤمنين وهو شفاء ورحمة للمؤمنين ففيه شفاء لما في صدورهم من غل واحقاد ورحمة لهم بأن يجعل منهم مؤمنين صالحين لكي يفوزوا في الآخرة بالجنة ورضوان الله تعالى .نفسيا
4-اذا دخل شخص المستشفى وارادوا اجراء عملية له هل نقرأ عليه القرآن ليشفى ام نجري له عملية جراحية حسب القول بأن القرآن فيه شفاء للأمراض !!!
وعليكم السلام ورحمة الله
شكرا أخي قادر على ملاحظاتك القيمة
إن قراءة القرآن على المريض سبب لاسترخائه وتحسن حالته النفسية، ولا شك أن تحسن الحالة النفسية يؤدي دورا فاعلا بتحسين وظائف الجسم ورفع مستوى كفاءة عملها وبالتالي تحسن ملحوظ في عمل الجهاز المناعي، وفي هذا الحال يصبح الجسم أكثر استجابة للعلاجات.
لم نقل بالاكتفاء بقراءة القرآن على المريض، بل قلنا بضرورة الأخذ بالأسباب واللجوء إلى التداوي، ولنا في رسول الله أسوة حسنة إذ كان يريقي نفسه ويستدعي الطبيب أيضا، فطلب العون من الله لا يتناقض مع السعي بكل هما كمال صورة التوكل
هذا فيما يخص الأمراض الجسديةي وقد أجدتم فيه .
لكن نريد توضيحا فيما يخص استخدام الناس آيات القرآن الكريم في رقية الناس لإخراج الجن من جسدهم او ما يسمى رقية العين والحسد والسحر اوا معالجة الأمراض النفسية ويستدلون بفعل الصحابي الذي رقى سيد القوم بالفاتحة من لدغة وأخذ أجرا على رقيته وأن النبي محمد صلى الله عليه وسلم أقره على ذلك وكذلك يستدلون بقوله تعالى (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارً) وأنه صلى الله عليه وسلم كان يرقي الحسن والحسين بالمعوذتين .
ارجوا ردا مفصلا عن الموضوع لكي تكتمل الصورة لدى الزائر إلى موقعكم لأن الأمر مهم جدا .
وجزاكم الله خيرا اخي الفاضل
1_ الجن لا يدخل بدن الإنسان وكل تصور حول هذا الموضوع لا أصل له، ولا يصح ما يترتب عليه أيضا
2_ العين والحسد بمعنى واحد وليس لهما أدنى تأثير على الإنسان إلا إذا بادر الحاسد بأذية المحسود بالفعل
3_ هذا الحديث يتعارض مع آيات كثيرة ، فقد تكرر على ألسنة الأنبياء أنهم لا يطلبون أجرا على كتاب الله {وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ} (الشعراء، 109) هذه الآية تكررت على ألسنة خمسة من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. ويخاطب الله نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} بناء على الرواية فإن اقتسام النبي صلى الله عليه وسلم من أجرة قراءتهم القرآن على اللديغ مخالف للقرآن وحشاه أن يفعل وإنما نحكم بعدم صحة الرواية لا غير.
4_ قراءة القرآن على المريض أمر حسن إذ إن فيه شفاء ورحمة، لكنه لا ينبغي أن يتخذ منه مهنة، بل يقرأ المريض على نفسه وإن لم يستطع فيقرأ عليه أقرب الناس إليه كأمه وأبيه
لمزيد من الاطلاع على هذا الموضوع ننصح بقراءة بحث (الحسد وعلاقته بالعين) على الرباط التالي
http://www.hablullah.com/?p=1337