العيادات القرآنية
يظهر في كل زمان مبتدعون يتخذون من الدين وسيلة للتربح والكسب، يستغلون بؤس الفقراء وحاجتهم وتعلقهم بأي أمل للشفاء، لقد كثر المتخصصون بالرقية في هذا الزمان حتى أصبح لبعضهم أماكن خاصة تعرف بالعيادات القرآنية، وقد يحتاج المريض إلى الحجز مسبقا ليقابل ذلك الذي يدعي العلاج بالقرآن الكريم.
لقد ترتب على القول بتأثير العين والحسد أن فشا عمل الرقاة في هذا الزمان، ومن يتابع وسائل الإعلام يقرأ ويسمع عن عظم المصائب التي تصدر من بعض هؤلاء من اغتصاب واعتداء واستغلال لحالة المرضى، وفي بعض الحالات يموت المريض من الخنق والضرب الذي يمارسونه، وقد حدث هذا وتكرر. وقد يستند بعضهم لما ذكر عن ابن تيمية أنه قال بالضرب وأن المصروع لا يتضرر، وهذا لا ينبغي التسليم له حتى لو صحت نسبته لابن تيمية، لأن ذلك لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا أحد من أصحابه ولم يقل به أحد من علماء المسلمين، ثم إنه يتعارض مع المنطق والمشاهد فالضرب يؤذي المريض ويزيد في مرضه وقد يؤدي به إلى الوفاة كما ذكرنا.
الرقية هي دعاء للمريض بالشفاء، والدعاء ليس محصورا بشخص دون آخر، واتخاذ الرقية مهنة سبيل إلى الكهنوت، وديننا لا كهنوت فيه. المريض يرقي نفسه أو يرقيه قريبه أو صديقه أو من يزوره، ولا يقتصر عليها بل لا بد من العلاج عند أهل الإختصاص وليس عند غيرهم ممن يدعي ذلك.
إنّ فهم سنن الكون كما دعا لذلك القرآن الكريم في أكثر من مناسبة هو السبيل الوحيد للرقي والتقدم، وإنّ إهمال المقارنة بين الآيات القرآنية والآيات الكونية وآيات الأنفس، والتعلق بالمعتقدات الموروثة المؤولة خطئا هو الطريق الأقصر نحو الفشل الذريع في الدنيا والخسران المبين في الآخرة.
أضف تعليقا