السؤال: ما رأيكم بزواج المتعة؟ هل هو مما أحله الله وحرمه المسلمون على أنفسهم؟
الجواب: الزواج في الإسلام هو عقد متين تُبنى به الأسرةُ على أساس الود والأنس والتآلف، ويُقصد منه التناسل والتوالد، لقوله تعالى "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ"[1]، ولقوله تعالى: "والله جعل لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً"[2]. وعلاقة كل واحد من الزوجين بالآخر كعلاقة المرء بنفسه، كما يشير تعالى إليه بقوله: "هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ"[3]. وكل هذه المقاصد تخلو تماما من نكاح المتعة لذلك فإننا نرى تحريمه مستدلين بالقرآن والسنة:
أولا- قال تعالى: "وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ. إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ. فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ"[4]. والمُتَمَتَّعَ بها لا هي بزوجة ولا بملك يمين ولا هو بزوج لها ولا بسيد، وإنما هي مستأجرة كما يقول مجيزو المتعة، فهما إذن متعديان وزانيان والعياذ بالله!
ولو كانت المُتَمَتَّعُ بها زوجة _كما يدعي البعض_ لكان لها حقوق على زوجها مثل الحقوق التي له عليها لقوله تعالى: "وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ "[5]، ولحصل بينهما التوارث لقوله تعالى: "وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ…"[6]، ولزال عقد النكاح بالطلاق أو الموت، ولوجبت العدة وما يتعلق بها من الأحكام بعد الطلاق أو الموت لقوله تعالى: " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنّ وَلَا يَخْرُجْنَ… "[7] وقوله تعالى: " وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرا…"[8]. ومجيزوا المتعة لا يُقرّون تلك الحقوق للمُتَمتّعِ بها فيظهر بذلك التناقض في أقوالهم.
ثانيا- قال تعالى: "وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ"[9]، وفي هذه الآية أمر الله تعالى الذين لا يجدون ما ينكحون به من مهر ونفقة بالاستعفاف إلى أن يرزقهم الله تعالى من فضله كي يستطيعوا الزواج. فمن لم يتمكن من أن ينكح المحصنات المؤمنات بسبب قلة ذات اليد فعليه بالاستعفاف. فلو كانت المتعة حلالا لما أمرهم الله بالإستعفاف والإنتظار إلى أن تتيسر لهم الأمور، بل لأرشدهم الى المتعة كي يقضوا أوطارهم.
ثالثا- قال تعالى: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ"[10]، يبين تعالى في هذه الآية أن خَلْقَه زوجا للإنسان من نفسه ليَسكن إليها وجَعْلَه بينهما مودةً ورحمةً هو آيةٌ من آيات الله تعالى.
فهل يتحقق السكون إليها بالمتعة التي لا حد لأقل مدتها؟ و هل توجد مودة ورحمة بين المُتَمَتِّعِ والمُتَمَتَّعِ بها بالدفعة الواحدة من الجماع؟ وهل يتحقق معنى الزوجية بالمتعة؟ وهل يقال لأحدهما زوج للآخر؟ في حين أنه لا يقال للشيء هو زوج للآخر إلا إذا كان هذا الشيء قرينا ومصاحبا وعشيرا لهذا الآخر مدة غير معينة. فلذلك يقول تعالى: "وعاشروهن بالمعروف"[11]، و المعاشرة لا تتحقق إلا بدوام الزوجية.
رابعا- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء"[12]، ولو كانت المتعة حلالا في دين الله تعالى لما أمر رسوله صلى الله عليه وسلم الشباب الذين لم يستطيعوا الزواج بالصوم ولقال لهم: إذهبوا وتمتعوا بالنساء، وحاش له ذلك!
هذا وفيما يلي بعض الأحاديث المبينة تحريم المتعة:
1- "نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر"[13].
2- قال صلى الله عليه وسلم: "أيها الناس إني قد كنت أذنت لكم في الإستمتاع من النساء، وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيله، ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئا"[14].
3- نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المتعة وقال: "ألا إنها حرام من يومكم هذا إلى يوم القيامة. ومن كان أعطى شيئا فلا يأخذه"[15].
وللمزيد حول هذا الموضوع تفضل بزيارة الرابط التالي http://www.hablullah.com/?p=1292
[1] – الروم 30/21.
[2] – النحل 16/72.
[3] – البقرة 2/187.
[4] – المؤمنون 23/5- 7.
[5] – البقرة 2/228.
[6] – (النسآء 4/12.
[7] – الطلاق 65/1.
[8] – البقرة 2/234.
[9] – النور 24/33.
[10]– (الروم 30/21.
[11] – النساء 4/19.
[12] – البخاري، الصوم 10، النكاح 2، 3؛ مسلم، النكاح 1، 2؛ أبو داود، النكاح 1؛ الترمذي، النكاح 1؛ النسائي، النكاح 3، الصيام 43؛ إبن ماجه، النكاح 1؛ الدارمي، النكاح 2؛ أحمد 1/58، 287، 424، 425، 432، 447.
[13] – البخاري، النكاح 31؛ مسلم، النكاح 29، 30، 31، 32؛ الدارمي، النكاح 16؛ ابن ماجة، النكاح 44؛ النسائي، النكاح 71؛ الترمذي، النكاح 28؛
[14] – مسلم، النكاح 21؛ النسائي، النكاح 71؛ ابن ماجة، النكاح 44؛ الدارمي، النكاح 16؛ مسند الإمام أحمد بن حنبل 3/406.
[15] – مسلم، النكاح 28؛
أضف تعليقا