كيف أكون صاحب خلق حسن؟
حسن الخلق يكون مع الله كما يكون مع الناس، فأما حسن الخلق مع الله فيكون بالرضى بحكمه والتزام أوامره واجتناب نواهيه وتلقي ذلك بانشراح ورحابة صدر لا متضجرا من تنفيذ أمر ولا متبرما من ترك ما نهى عنه، قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} (الأحزاب، 36)
وأما حسن الخُلق مع الخَلق فيكون ببذل الجميل لهم وكف القبيح عنهم، ولذلك فقد أُشير إلى حسن الخلق في آية هي جماع الأخلاق، قال تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} (الأعراف:199) وهذا ليس بالأمر السهل على النفوس التي اعتادت الانتصار لذاتها، قال تعالى {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} (الشورى،44) . وإذا كان التحلي بالأخلاق الحسنة من عفو وصبر يُعدُّ من عزائم الأمور فلا جرم أن ثواب ذلك عظيم، قال تعالى {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} (الشورى 40).
إن تزكية النفس بالطاعة من أعظم ما يُكسِبُ الأخلاق الفاضلة، وقد وصفت آيات الكتاب الذين زكت نفوسهم بالفلاح ، قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} (الشمس: 9). وقال: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} (الأعلى: 14).
كما إن للصحبة أثرها في تعزيز الأخلاق الفاضلة، فالنفوس مجبولة على التأثر بمن تصاحب، وقد قيل قديما قل لي من تصادق أقل لك من أنت، ولله در الشاعر إذ يقول: عن المرء لا تسل وسل عن قرينه فكل قرين بالمقارن يقتدي. وهذه الأقوال توافق تماما ما نطق به الصادق الأمين صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (المرء على دين أخيه فلينظر أحدكم من يخالل)[1]. ويؤكد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على ذلك بقوله: (لا تصاحب إلا مؤمنا و لا يأكل طعامك إلا تقي)[2].
أضف تعليقا