القدر = المقياس
خلق الله كل شيء وبين مقاييسه ومقاديره. الإيمان والكفر، الحلال والحرام، الخير والشر، كلها بقدر الله تعالى. ونذكر بعض الآيات المتعلقة بالقدر: قال الله تعالى: «وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً» (الفرقان، 25/2). «وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَّقْدُوراً» (الأحزاب، 33/38). «قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا» (الطلاق، 65/3). «وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى» (عبس، 80/19).
فالقدر هو تلك المقاييس والمقادير. والله هو الذي وضع مقياس كل شيء، وهو سبحانه يثيب أو يعذب على هذه المقادير. قال الله تعالى: «وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ مَن يَشَإِ اللّهُ يُضْلِلْهُ وَمَن يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ» (الأنعام، 6/39).
وقد وضع الله القدر أي المقادير، وأمر أن تراعى، ولم يجبر أحدا عليها. ووعد بأن يفتح الطريق لمن عمل صالحا ويسهل له عمله، وهذا إكرام من الله تعالى. قال الله تعالى: « إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى. فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى. وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى. فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى» (الليل، 92/4-7).
وكما أنه سبحانه يسهل طرق الهداية لمن سلك سبيلها، فإنه كذلك يشق على الذين بخلوا وكذبوا وتكبروا وأعرضوا عن سبل الهداية، وهذا كذلك إكرام من الله تعالى يمتحن به من يشاء ليهتدي. قال الله تعالى: « وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى. وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى.فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى.» (الليل، 92/8-10).
ويقول الله تعالى عمن لا يهديه: «وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ» (البقرة، 2/264). «وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ» (المائدة، 5/108). « وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ » (البقرة، 2/258). « إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِب كَفَّار» (الزمر، 39/3). «إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّاب» (المؤمن، 40/28). «إِنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللّهِ لاَ يَهْدِيهِم اللّهُ» (النحل، 16/104).
ويقول الله تعالى عمن يهديهم: « وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ» (الرعد، 13/27). « وَمَن يَعْتَصِم بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ » (آل عمران، 3/101). « يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُسُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَىالنُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ » (المائدة، 5/16).
وما نراه في حياتنا اليومية ما هو إلا ترجمة عملية لما ورد في الآيات؛ فما من أحدٍ يطرق باب رحمة الله والهداية إلا ويجد المعونة والتوفيق، وما من أحد يتنكّب عن الحق ويعرض عنه إلا زاد ضلالا وانحرافا، وما هذه الحياة إلا امتحان يمتحن الله تعالى العباد كامتحان المدرس للطلاب _ ولله المثل الأعلى _. نحن نعرف أنَّ الطلاب ليسوا بواضعي قوانين، وما عليهم إلا أن يجتهدوا ويستعدوا لينجحوا في الإمتحان. والمدرس الصالح يعطي للطالب المجتهد درجة جيدة، وينجحه في الامتحان. والله تعالى كذلك يمتحن _ وله المثل الأعلى _، وهو يضع القوانين، ويوجه الإنسان حسبما يصلحه في دنياه وآخرته.
أضف تعليقا