د. جمال نجم
الحسد والعين مصطلحان متلازمان حتى لا يكاد يذكر أحدهما إلا ويذكر الآخر، وفي هذا الزمان أصبح الناس يستخدمون كلا المصطلحين للدلالة على شيء واحد؛ لأن بينهما علاقة وثيقة، فالعين هي أهم أدوات القلب، فالشخص الذي ترى عينه النعمة على الآخرين وهو يكره ذلك لهم فإنه يحسدهم على ما هم فيه، ويظهر ذلك الحسد في عينيه حيث النظرة الحانقة التي تخفي وراءها في القلب حسدا شديدا قد يؤدي بالحاسد أن يبغي بالمحسود سوءا. وقد عرِّفَ الحسد بأنه تمني زوال النعمة عن الآخرين.
وقد ذهب قوم إلى أنّ العين شيء مختلف عن الحسد وإن كان ثمة علاقة بينهما. فالعين عندهم تتمثل في قدرة إنسان ما على إحداث الضرر بالآخرين عندما يراهم، ويسمى هذا الشخص بالعائن، والشخص الذي يتضرر منه هو المعين أو المعيون. وهم يقولون أن كل عائن حاسد، وليس كل حاسد عائنا، ويخالف بعضهم ويقول ليس شرطا أن يكون العائن حاسدا، بل يكفي أن يكون معجبا بالشيء حتى يعين، ولذلك يقولون إنّ الشخص قد يصيب أولاده بالعين لكنه لا يحسدهم.
وفيما يتعلق بتأثير عين الحاسد في المحسود انقسم العلماء من هذه القضية إلى فريقين رئيسيين:
الفريق الأول: يقول إن هناك تأثيرا لعين الحاسد في المحسود، وأصحاب هذا الرأي انقسموا في كيفية هذا التأثير ثلاثة أقسام كما يلي.
القسم الأول: يقول بأن هناك قوة غضبية سمية تخرج من عين العائن بعدما تتكيف نفسه الخبيثة، بحيث تؤثر في المعيون سلبا، وقد ينتج عن هذا التأثير أمراض نفسية وعضوية قد توصل المصاب إلى الموت، يقول ابن حجر: وَالْأَرْوَاح مُخْتَلِفَة فِي طَبَائِعهَا وَقُوَاهَا وَكَيْفِيَّاتهَا وَخَوَاصّهَا : فَمِنْهَا مَا يُؤَثِّر فِي الْبَدَن بِمُجَرَّدِ الرُّؤْيَة مِنْ غَيْر اِتِّصَال بِهِ لِشِدَّةِ خُبْث تِلْكَ الرُّوح وَكَيْفِيَّتهَا الْخَبِيثَة . وَالْحَاصِل أَنَّ التَّأْثِير بِإِرَادَةِ اللَّه تَعَالَى وَخَلْقه لَيْسَ مَقْصُورًا عَلَى الِاتِّصَال الْجُسْمَانِيّ ، بَلْ يَكُون تَارَة بِهِ وَتَارَة بِالْمُقَابَلَةِ ، وَأُخْرَى بِمُجرِدِ الرُّؤْيَة وَأُخْرَى بِتَوَجُّهِ الرُّوح كَاَلَّذِي يَحْدُث مِنْ الْأَدْعِيَة وَالرُّقَى وَالِالْتِجَاء إِلَى اللَّه ، وَتَارَة يَقَع ذَلِكَ بِالتَّوَهُّمِ وَالتَّخَيُّل ، فَاَلَّذِي يَخْرُج مِنْ عَيْن الْعَائِن سَهْم مَعْنَوِيّ إِنْ صَادَفَ الْبَدَن لَا وِقَايَة لَهُ أَثَّرَ فِيهِ ، وَإِلَّا لَمْ يَنْفُذ السَّهْم ، بَلْ رُبَّمَا رُدَّ عَلَى صَاحِبه كَالسَّهْمِ الْحِسِّيّ سَوَاء[1] .
القسم الثاني: يقول إن تأثير العائن على المعين لا يكمن في تأثير قوة نفس العائن وإنما تخرج من عينه قوة حسية (كهرمغناطيسية) تؤثر في المعين وتلحق به ضررا حتى الموت أحيانا.
والفرق بين القولين السابقين يكمن في طريقة تأثير العائن في المعين: فالقسم الأول يؤمن بقوة الأرواح بحيث أنها تستطيع أن تفعل خارج حدود الجسد وبمعزل عنه، بينما يؤمن الفريق الثاني بالمادة؛ لأن الأرواح لا تفعل شيئا دون الجسد. أصحاب القول الأول يتهمون الفريق الثاني بالطبائعية وعدم معرفة قوة الروح والنفس في الإنسان المخلوق من الجسد والروح، بينما يتهم أصحاب القول الثاني الفريق الأول بالخيال واللاواقعية.
القسم الثالث: يقولون إن تأثير العائن على المعين لا يكون جسديا بل نفسيا فقط، كأن يسبب له إحباطا أو ارتباكا أو يجعله يفقد الثقة في نفسه. فقد نقل الرازي في تفسيره هذا الرأي ونسبه إلى “الحكماء” الذين قالوا إن هذا الكلام مبني على مقدمة، وهي أنه ليس من شرط المؤثر أن يكون تأثيره بحسب هذه الكيفيات المحسوسة، أعني الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة، بل قد يكون التأثير نفسانياً محضاً ، ولا يكون للقوى الجسمانية بها تعلق، والذي يدل عليه أن اللوح الذي يكون قليل العرض إذا كان موضوعاً على الأرض قدر الإنسان على المشي عليه، ولو كان موضوعاً فيما بين جدارين عاليين لعجز الإنسان على المشي عليه ، وما ذاك إلا لأن خوفه من السقوط منه يوجب سقوطه ، فعلمنا أن التأثيرات النفسانية موجودة ، وأيضاً أن الإنسان إذا تصور كون فلان مؤذياً له حصل في قلبه غضب، ويسخن مزاجه جداً، فمبدأ تلك السخونة ليس إلا ذلك التصور النفساني ، ولأن مبدأ الحركات البدنية ليس إلا التصورات النفسانية ، فلما ثبت أن تصور النفس يوجب تغير بدنه الخاص لم يبعد أيضاً أن يكون بعض النفوس بحيث تتعدى تأثيراتها إلى سائر الأبدان . فثبت أنه لا يمتنع في العقل كون النفس مؤثرة في سائر الأبدان، وأيضاً جواهر النفوس المختلفة بالماهية فلا يمتنع أن يكون بعض النفوس بحيث يؤثر في تغيير بدن حيوان آخر بشرط أن يراه ويتعجب منه ، فثبت أن هذا المعنى أمر محتمل والتجارب من الزمن الأقدم ساعدت عليه، والنفوس النبوية نطقت به، فعنده لا يبقى في وقوعه شك[2].
والقائلون بتأثير العين على اختلاف تفسيراتهم كانت لهم الحجج والأدلة التالية:
1_ قال الله تعالى {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ} (القلم، 51) فقد ذكر بعض المفسرين أن أحد وجوه تفسير هذه الآية هو إصابتهم إياه (لنبينا الكريم) بالعين، كما ذكر ذلك الطبري[3].
2_ قال تعالى { وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ} (يوسف، 67) قالها يعقوب النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ذُكر أنه طلب ذلك منهم لخوفه العين عليهم.
3_ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (العين حق ونهى عن الوشم)[4]
4_ عن أَبي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ َقَالَ (الْعَيْنُ حَقٌّ)[5]
5_ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (الْعَيْنُ حَقٌّ وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابَقَ الْقَدَرَ سَبَقَتْهُ الْعَيْنُ وَإِذَا اسْتُغْسِلْتُمْ فَاغْسِلُوا)[6]
6_ عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في بيتها جارية في وجهها سفعة فقال (استرقوا لها فإن بها النظرة)[7]. أي العين، وقيل عين الجن ، وقد أثبت قوم الإصابة بعين الجن كذلك اعتمادا على هذا الحديث.
قَالَ الْإِمَام أَبُو عَبْد اللَّه الْمَازِرِيّ : أَخَذَ جَمَاهِير الْعُلَمَاء بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيث ، وَقَالُوا : الْعَيْن حَقّ ، وَأَنْكَرَهُ طَوَائِف مِنْ الْمُبْتَدِعَة ، وَالدَّلِيل عَلَى فَسَاد قَوْلهمْ أَنَّ كُلّ مَعْنَى لَيْسَ مُخَالِفًا فِي نَفْسه ، وَلَا يُؤَدِّي إِلَى قَلْب حَقِيقَة ، وَلَا إِفْسَاد دَلِيل ، فَإِنَّهُ مِنْ مُجَوِّزَات الْعُقُول . إِذَا أَخْبَرَ الشَّرْع بِوُقُوعِهِ وَجَبَ اِعْتِقَاده ، وَلَا يَجُوز تَكْذِيبه . وَهَلْ مَنْ فَرَّقَ بَيْن تَكْذِيبهمْ بِهَذَا ، وَتَكْذِيبهمْ بِمَا يُخْبِرهُ بِهِ مِنْ أُمُور الْآخِرَة ؟[8]
أما عن كيفية تأثير العين فيقول النووي: وَأَقْرَب طَرِيقَة قَالَهَا مَنْ يَنْتَحِل الْإِسْلَام مِنْهُمْ أَنْ قَالُوا : لَا يَبْعُد أَنْ تَنْبَعِث جَوَاهِر لَطِيفَة غَيْر مَرْئِيَّة مِنْ الْعَيْن ، فَتَتَّصِل بِالْمَعِينِ ، وَتَتَخَلَّل مَسَامّ جِسْمه ، فَيَخْلُق اللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى الْهَلَاك عِنْدهَا كَمَا يَخْلُق الْهَلَاك عِنْد شُرْب السُّمّ ، عَادَة أَجْرَاهَا اللَّه تَعَالَى ، وَلَيْسَتْ ضَرُورَة ، وَلَا طَبِيعَة أَلْجَأَ الْعَقْل إِلَيْهَا . وَمَذْهَب أَهْل السُّنَّة أَنَّ الْعَيْن إِنَّمَا تَفْسُد وَتَهْلَك عِنْد نَظَر الْعَائِن بِفِعْلِ اللَّه تَعَالَى ، أَجْرَى اللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى الْعَادَة أَنْ يَخْلُق الضَّرَر عِنْد مُقَابَلَة هَذَا الشَّخْص لِشَخْصٍ آخَر . وَهَلْ ثَمَّ جَوَاهِر خَفِيَّة أَمْ لَا ؟ هَذَا مِنْ مُجَوِّزَات الْعُقُول ، لَا يُقْطَع فِيهِ بِوَاحِدٍ مِنْ الْأَمْرَيْنِ ، وَإِنَّمَا يُقْطَع بِنَفْيِ الْفِعْل عَنْهَا وَبِإِضَافَتِهِ إِلَى اللَّه تَعَالَى . فَمَنْ قَطَعَ مِنْ أَطِبَّاء الْإِسْلَام بِانْبِعَاثِ الْجَوَاهِر فَقَدْ أَخْطَأَ فِي قَطْعه ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ الْجَائِزَات[9].
قال الأصمعي: رأيت رجلا عيونا سمع بقرة تحلب فأعجبه شخبها فقال: أيتهن هذه ؟ فقالوا: الفلانية لبقرة أخرى يورون عنها، فهلكتا جميعا، المورى بها والمورى عنها. وسمعته يقول: إذا رأيت الشئ يعجبني وجدت حرارة تخرج من عيني[10].
الفريق الثاني: يقول إن الإصابة بالعين لا حقيقة لها، وهي تعبير عن الحسد لا غير، وهذا رأينا أيضا، والأحاديث الواردة في العين هي تأكيد لدور العين في الحسد من جهتين، الأولى: أن العين سفير القلب وأداته؛ فالحسد يتكون في القلب بعد معرفة النعمة على المحسود، وأعظم وسيلة للمعرفة في هذا السياق هي العين، لذلك قيل: النَّفُوسُ هو الحسُودُ المُتَعَيْن لأموالِ الناس[11]. الثانية: أن أثر الحسد يظهر في العين، لذلك يربط الناس بشكل عفوي بين الحسد والعين لما بينهما من علاقة كما بينا.
كل مسلم يؤمن أنه لا فاعل بهذا الوجود سوى الله تعالى، والقول بتأثير العين تسرب من ديانات واعتقادات لا علاقة لها بالإسلام، ونحن نرى أن مبدأ الاعتقاد بقوة العين وتأثيرها يتعارض مع منطق الإسلام القائم على البرهان والدليل والداعي إلى العلم وملاحظة الظواهر الطبيعية. وقد فندنا الأدلة التي احتج بها جمهور القائلين بتأثير العين كما يلي:
1_ الآيات التي احتج بها الجمهور على تأثير العين تأويلها على خلاف الأظهر، فقوله تعالى {وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم} لا دلالة في هذه الآية على الإصابة بالعين، وغاية ما تدل عليه، أن الذين كفروا لشدة غيظهم ينظرون إلى رسول الله نظرات ملؤها الحسد والحقد والغضب تكاد تزلقه أي تحرفه عن مساره والمقصود هنا موافقته على بعض ما يريدون، ويؤيد هذا قوله تعالى {وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا. وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا} (الإسراء، 74)، وبالجمع بين الآيتين يتضح المقصود من قوله تعالى {ليزلقونك بأبصارهم} ومثل هذا التعبير متعارف عليه ومألوف بين الناطقين بالعربية، ويراد به بيان حدة النظرة ولؤم صاحبها، دون أن يكون لها تأثير سلبي واقعاً، ونظيره ما يتردد على الألسنة في التعبير عن النظرة الحانقة بقولهم: “يكاد يأكلك بعينيه”.
أما طلب يعقوب النبي من أولاده أن لا يدخلوا من باب واحدة فلا يستطيع أحد أن يجزم أن القصد خوفه عليهم الإصابة بالعين، بل ربما كان قصده خوفه عليهم من سلطان أو عدو يراهم عصبة من الرجال بني أب واحد فيحسدهم أو يؤرقه جمعهم فيكيد لهم ويبغي لهم سوءا، وهذا الاحتمال أقرب للصواب وأولى بالاعتبار لقيام دليل الواقع عليه، ولا ينازع في وجوده أحد، لأنه معروف ومنتشر. يقول ابن منظور: البغي أصله الحسد، ثم سمي الظلم بغيا لأن الحاسد يظلم المحسود جهده إراغة زوال نعمة الله عليه عنه[12].
فالأحاديث الواردة في العين ينبغي تأويلها بالحسد، كقوله عليه الصلاة والسلام (العين حق) بمعنى أن الحسد حق، وهو كذلك. وقد عبّر عنه بالعين لأن العين سفير القلب، وغالبا ما يتكون الحسد بعد النظر، وكذلك فإنّ العين حق فيما تخبر عن حال صاحبها، ألا ترى الحاسد يُعرف من عينيه والمحزون والخائف والكاذب والمتكبر والمسرور والمحب كل أولئك يعرفون من عيونهم، فالعين حق لا تكذب. إذن لا يمكن أن يكون في الحديث دلالة على تأثير العين في المعين، وإنما فيه دلالة على تكوُّن الحسد في قلب العائن، وظهور ذلك في عينيه.
الأدلة على عدم تأثير العين
1_ جاء القرآن الكريم بالمنهج العلمي القائم على الملاحظة والدليل، وحارب كل أنواع الإيمان بالقوى الخفية التي تحد من طاقة الإنسان وفعاليته في إعمار هذا الكون، ولا يخفى على أحد منطق القرآن في بناء العقيلة السليمة البعيدة عن التوهم والشك في عباد الله، قال تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} (الإسراء، 36) وما من شيء يحصل في هذا الوجود مما يؤثر في حياتنا إلا كان منضبطا بسنن وقوانين ونواميس يمكن للإنسان ملاحظتها. وما كان من شر يأتي من عالم الخفاء إلا حذرنا الله تعالى منه كالتحذير من كيد الشيطان، ومع ذلك وصف كيد الشيطان بأنه كان ضعيفا، لأن تأثير الشيطان ليس ماديا إنما يقتصر على الوسوسة والإغراء والإغواء، بينما يهول القائلون بقدرة العائن على إحداث الضرر بالمعين، بمجرد النظر إليه حتى ليقولون: إن أكثر ما يدخل القبر بعد القدر العين. هذه العبارة وردت كحديث شريف لكن المقصود هنا هو الحسد الذي يدي إلى البغي والعدوان وسفك الدماء، ومن ينظر إلى حال الناس يجده هكذا فالحروب والاقتتال والنزاعات التي يذهب ضحيتها الملايين من البشر كله بسبب مبدأ الخلافة[13] حيث يشكل الحسد جزءا أصيلا منه، لذلك رفض إبليس السجود لآدم، ورفض اليهود الإيمان بخاتم النبيين حسدا من عند أنفسهم. وعلى هذا الأساس ندرك بأن المقصود بالعين هو الحسد، لذا حذر النبي صلى الله عليه وسلم من العين (الحسد) واعتبره سببا للهلاك لما ينتج عنه من صراعات وحروب دامية.
2_ إن الواقع المشاهد يثبت بالدليل الظاهر أنه لا تأثير للعين، بدليل دوام النعم على العباد، وقد احتج المثبتون لتأثيرها بحالات نادرة وشاذة ربما كانت الصدفة هي التي حكمت توافق النظرة مع حدوث المكروه للمعين، هذا على افتراض صحة زعمهم. ونحن نحتج بالقاعدة العامة والسلوك المضطرد وهو تمتع أصحاب النعم بها رغم كثرة الناظرين إليهم، ولو كانت الإصابة بالعين حقيقة لما دامت نعمة على عبد، ولانقرضت البشرية منذ زمن بعيد، فتجاوز القاعدة العامة إلى أحداث ميسورة غير منضبطة هو الخروج عن المنطق العلمي والانجرار وراء روايات ضعيفة أو مؤولة وفوق ذلك معارضة لمنهج القرآن الكريم والسنة الصحيحة الداعية إلى إعمال العقل وعدم التسليم لما اعتقده الآباء وتناقلته الأجيال دون نظر أو تفكير. قال الله تعالى {وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ} (يونس، 36) وهناك آيات كثيرة تنهى عن اتباع الظن، وخصوصا إذا تعارض الظن مع الحقائق المضطردة، فإثبات الإصابة بالعين بدليل وقوع حوادث متفرقة هو ظن لا يوجب الإثبات. أما بقاء النعم على أصحابها إلى ما شاء الله لها أن تكون دون أن يؤثر فيها العائنون والحاسدون هو القاعدة المضطردة المشاهدة التي ينبغي الركون إليها، ولا ينبغي إغماض العين عنها، والاستدلال بما كان ظنا لا يغني من الحق شيئا.
3_ قال تعالى: {ومن شر حاسد إذا حسد} وقوله تعالى {إذا حسد} ليس جملة زائدة بلا معنى، وإنا لها محل يوضح متى ينبغي الاستعاذة من شر الحاسد، ولو سألنا متى ينبغي أن نستعيذ من شر الحاسد؟ فيكون الجواب : إذا حسد. وقد ذكر بعض المفسرين بأن المعنى إذا ظلم[14] وتعدى. وهذا معنى متعين ينبغى اعتماده.
عَنَّ سَهْل بْن أَبِي أُمَامَةَ أن أنس بن مالك رضي الله عنه لما مرَّ بِدِيَارٍ بَادَ أَهْلُهَا وَانْقَضَوْا وَفَنُوا وهي خَاوِيَةٍ عَلَى عُرُوشِهَا َقَالَ: أَتَعْرِفُ هَذِهِ الدِّيَارَ؟ فَقُلْتُ مَا أَعْرَفَنِي بِهَا وَبِأَهْلِهَا؟ فقال: هَذِهِ دِيَارُ قَوْمٍ أَهْلَكَهُمْ الْبَغْيُ وَالْحَسَدُ، إِنَّ الْحَسَدَ يُطْفِئُ نُورَ الْحَسَنَاتِ وَالْبَغْيُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ وَالْعَيْنُ تَزْنِي وَالْكَفُّ وَالْقَدَمُ وَالْجَسَدُ وَاللِّسَانُ وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ)[15] يفهم من قول أنس رضي الله عنه أن مجرد الحسد لا يؤثر في المحسود إلا إذا تعدى حالة كونه حبيس القلب إلى ظهور ذلك على جوارحه بالاعتداء أو الإيذاء أو التحريض.
قال الحسن البصري رحمه الله: (ليس أحد من خلق الله إلا وقد جعل معه الحسد، ومن لم يجاوز ذلك إلى البغي والظلم لم يتبعه شيء).
وقيل للحسن: يا أبا سعيد، أيحسد المؤمن؟ قال: أنسيت إخوةَ يوسف؟ وفي رواية: قال رجل للحسن: هل يحسد المؤمن؟ قال: ما أنساك بني يعقوب؟ نعم، ولكن غمَّة في صدرك، فإنه لا يضرك ما لم تعد به يداً ولا لساناً.
إذاً العبرة ليست في مجرد الحسد والنظرة، وإنما العبرة فيما يتبع ذلك، من بغي وظلم وتعدي.
والغزالي لا يفرق بين العين والحسد فهما كلمتان لمعنى واحد، وهو يرى أن الحسد ليس مرضا عضويا، بل هو من أمراض القلوب، ولا يداوى إلا بالعلم، وأنه لا ضرر فيه على المحسود فى الدنيا والآخرة يقول: “وأما أنه لا ضرر فيه على المحسود فى دينه ودنياه فواضح، لأن النعمة لا تزول عنه بحسدك، بل ما قدره الله تعالى من إقبال ونعمة، فلا بد أن يدوم إلى أجل معلوم قدره الله سبحانه وتعالى، فلا حيلة فى دفعه، بل كل شىء عنده بمقدار، ولكل أجل كتاب، فإذا لم تزل النعمة بالحسد، لم يكن على المحسود ضرر فى الدنيا، ولا يكون عليه إثم فى الآخرة. ولعلك تقول: ليت النعمة كانت تزول عن المحسود بحسدي، وهذا غاية الجهل، فلو كانت النعمة تزول بالحسد لم يبق الله عليك نعمة ولا على أحد من خلقه، ولا نعمة الإيمان أيضا لأن الكفار يحسدون المؤمنين على الإيمان، قال تعالى {ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم..} (البقرة 109).
وقف السليمانية/ مركز بحوث الدين والفطرة
الموقع: حبل الله www.hablullah.com
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] ابن حجر، فتح الباري، باب رقية العين، 16/264
[2]تفسير الرازي، تفسير الآية 67 من سورة يوسف.
[3] انظر تفسير الطبري، تفسير الآية 51 من سورة القلم
[4]البخاري باب الواشمة، رقم الحديث 5488
[5] مسلم، باب الطب والمرض والرقى، رقم الحديث 4057
[6]مسلم الطب والمرض والرقى، رقم الحديث 4058
[7]صحيح البخاري، باب رقية العين، رقم الحديث 5298
[8]شرح النووي علة مسلم، رقم الحديث 4057، 7/327
[9] شرح النووي على مسلم، رقم الحديث 4057، 7/327
[10] القرطبي: 9/226
[11]المحكم والمحيط الأعظم، مادة نفس
[12] لسان العرب مادة بغى
[13] الخلافة، من الخلف والخلف: أن يجيء شيء بعد شيء يقوم مقامه، ويقال للثاني الخلف وللأول السلف. وعملية الخلافة تتحقق إما بطريق طبيعي أو عن طريق المصارعة. ومثال ذلك؛ إذا مات الديك المسن يخلفه الديك الشاب. ولكن إذا أراد الديك الشاب أن يخلف الديك المسن وهو على قيد الحياة فحينئذ تحدث المصارعة على السلطة. إما يفوز الديك الشاب بقتل خصمه فيخلفه أو يُغلب فيموت بدون تحقيق الهدف. ومن المعلوم أن الدجاج لا تشترك في هذه المصارعة. وهكذا يحدث في عالم الحيوانات الأخرى. وهي أي الخلافة نظام قد بدأ مع بدء الخلق. وقد أخبر الله تعالى عن هذا بقوله: «وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً » (البقرة،2 / 30).
[14]تفسير السمعاني على سورة الفلق
[15] سنن ابي داوود، باب في الحسد، رقم الحديث 4258
كلام جميل منذ زمن طويل أبحث عن مثله ، وقد قمت بمزيد من البحث في أغلب المعاجم اللغوية فوجدت أنه من حيث اللغة عند بعض أعل اللغة يأتي الحسد والعين والغبطة والنفس ، تأتي هذه المعاني بمعنى واحد وهو تمني زوال النعمة أو كراهتها على الغير أو البغضاء والحقد وكل هذه معاني نفسية وأنا الآن بصدد دراسة الأحاديث الواردة في موضوع العين لأن الكثير منها ضعيف عند التحقيق
احسن تحليل لموضوع اصبح يلظخ عقول العامة’ لتصبح سوقا يراد بها مالا او جهلا . وارجوا ان تكون مواقع اخري كثيرة ‘ لمواجهة الكم الكبير لاصحاب الراي الاخر
أنا منذ زمن ابحث عن تفسير منطقي لهذا الامر فأنا لم أفهم كيف لعين انسان ان تحرمني من نعمة ارادها الله لي و الله في كثير من أياته أكد ان النعم من فضله و لا تزول الا باذنه لكني كنت أتردد امام الآيتين التي احتجوا بهما الذين يقولون ان العين ثؤثر على الناس و كذالك الحديث الشريف لكن الرؤيا اتضحت لي نوعا ما و ربما تؤكده قصة قابيل و هابيل فالأخ حسد أخاه و لم يجد وسيلة الا القتل و لو كانت العين أو الطاقة التي تتكون فيها من شدة الحسد حقيقة لكفته فيمرض اخوه فيموت من لوحده و لا حاجة لقتله و انا لا اظن انه قد تتعدى شدة حسد اي حاسد على الارض ما بلغته في قلب هذا الأخ.
خرافة “العين” تشغل حيزاً هاماً في الموروث اﻹجتماعي الثقافي و الكهنوتي، و هي لا تشذ عن القاعدة، شأنها في ذلك شأن معظم اﻷساطير و الخرافات التي لا تنافي العقل و المنطق و حسب بل تضرب بعرض الحائط كل قوانين الطبيعة و علوم الفيزياء ..
يساعد على انتشار و تجذر خرافة “العين” و غيرها، اﻹستعداد الفطري لدى اﻹنسان لتبني معتقدات “ما وراء طبيعية” بغية تفسير الظواهر الطبيعية التي يعجز عن إيجاد فهم و تفسير مادي منطقي لها ؛ فقد عبد اﻹنسان الشمس و القمر و الرعد و البرق عندما لم يجد تفسيراً لوجود هذه الظواهر و اعتبرها آلهة تستحق أن تعبد و تستلزم تقديم القرابين لها تحت إشراف و إمرة السحرة و المشعوذين ..
و نحن في هذا لا نختلف كثيراً عن إنسان ما قبل التاريخ ؛ إذ يتواجد بيننا اليوم كهنة يذوذون عن الخرافة و يحمونها تحت غطاء الدين حتى يتسنى لهم جمع اﻷموال في شكل أجور عن الرقى الواقية المزعومة، من العين الحاسدة المتوهمة ..
هكذا تتحول خرافة مثل “العين” إلى عقيدة إيمانية يصعب محوها أو حتى مناقشتها عقليا و منطقياً ..
إن التصور الشائع بين الناس عن قدرة العين على إلحاق الضرر باﻷشياء أو بالشخص المحسود هو تصور ميثولوجي خرافي بائس ! يعطي لعيون الحاسدين سلطة على الناس و قدرة على التحكم في مصائرهم و أحوالهم، وهو ما ينافي صريح المنطق القرآني الذي أكد غيرما مرة بأنه لا سلطان لمخلوق على على مخلوق آخر !
الحسد كما جاء في القرآن الكريم هو مجرد تمني زوال النعمة عن الغير .. و لا قيمة لهذا الحسد إلا إذا انتقل من مرحلة التمني إلى مرحلة التطبيق الفعلي المادي؛ أي أن يشرع الحاسد في إلحاق الضرر بالمحسود ..
يقول رب العالمين : { و من شر حاسد إذا حسد }
أفهم من اﻵية الكريمة أن الحاسد لا سلطان له إلا إذا حسد، أي أن رغبة و تمني زوال النعمة هي شعور يحتاج لتطبيق على أرض الواقع بدلالة وجود [ إذا ] في اﻵية و هي أداة شرط تشترط الفعل العيني لوقوع شر الحاسد و إلا لكانت تستقيم اﻵية بقوله تعالى [ من شر حسد الحاسد ] أو [ من شر عين الحاسد ] …
فمن حسد جاره على سيارته الجديدة لن يصيبها بسوء بمجرد الشعور بالحسد و إمعان النظر بالعين المجردة، حتى ولو بقي يحذق فيها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها .. لكن لو كان حسده شديدا ربما ستؤزه نفسه اﻷمارة بالسوء حتى يقوم بإحداث ثقب في إطارات السيارة باستعمال اداة حادة مثلا ..
و هنا يكمن شر الحاسد ..
شر الحاسد عمل فعلي ملموس خاضع لقوانين الفيزياء و سنن الكون التي سنها الخالق عز وجل و التي لا تبديل لها إلا بإذنه !
إن تدخل اﻹنسان في مجريات اﻷحداث لا يخرج عن قوانين الطبيعة التي يسير بها الخالق هذا الكون !
و كل ما يشاع عن شر حاسد بمجرد النظر بالعين فهو محض هراء و تخريف !
في نور القرآن أيضا، عندما حسد إبليس سيدنا آدم عليه السلام و تمنى زوال النعمة عليه، لم تكن ﻹبليس سلطة على آدم إلا حين قام بتتبعه و إغوائه فانتقل الحسد هنا من مرحلة التمني إلى مرحلة التطبيق و العمل؛ ولو كانت للعين قدرة على التأثير لكان حسد إبليس ﻵدم كافياً ﻹخراجه من الجنة ..
و يقول عز وجل :
{ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ۗ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ ۚ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ }
اﻵية الكريمة هنا تبطل مفهوم الحسد و سلطة العين الشائعة بين الناس و تؤكد قدرة اﻹنسان على التغيير من نفسه و تنفي سلطة اﻵخريين على تغييره و بالتالي ليست لهم أدنى قدرة على إلحاق الضرر به.
حاول البعض اﻹستدلال بالقرآن الكريم ﻹثبات صحة اﻹعتقاد بالعين و ذلك من خلال اﻵيتين التاليتين :
الأولى قوله تعالى حكاية عن يعقوب عليه السلام في وصيته لأبنائه :
{ وَقَالَ يَا بَنِيَّ لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُواْ مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنكُم مِّنَ اللّهِ مِن شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ }
فقد فُسِّرت دعوة يعقوب لأولاده بالتفرق بأنها حماية لهم من العين، لأنهم كانوا ذوي جمال وهيئة وكمال.
لكن التفسير المذكور غير تام إذ من الممكن أن يكون السبب وراء أمرهم بالتفرق هو حمايتهم من الأذى والملاحقة في حال دخولهم مجتمعين من باب واحد، ثم أنه لا يوجد أي شيء يدل على العين في اﻵية لا من قريب ولا من بعيد.
الثانية قوله تعالى :
{ وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ وما هو إلاّ ذكر للعالمين}
و هنا حمل قوله “ليزلقونك بأبصارهم” على معنى: يهلكونك ويصيبونك بأعينهم.
ويلاحظ على ذلك: بأنّ دلالة الآية على الإصابة بالعين غير واضحة، وغاية ما تدل عليه، أن الذين كفروا لشدة غيظهم ينظرون إلى رسول الله نظرات ملؤها الحقد والغضب تكاد تصرعه، وهذا التعبير متعارف ومألوف ويراد به بيان حدة النظرة ولؤم صاحبها، دون أن يكون لها تأثير سلبي واقعاً، ونظيره ما يتردد على الألسنة في التعبير عن النظرة الحانقة:”يكاد يأكلك بعينيه”.
سؤال يطرح نفسه :
هل يعقل أن تكون العين بهذه الخطورة على اﻹنسان و يخلو القرآن الكريم الذي جعله الله تبيانا لكل شيء من أي تحذير صريح منها ؟
و بخصوص اﻷحاديث و الروايات في مسألة العين فهي ليست بحجة على كتاب الله، خصوصاً أن العين من القضايا ذات البعد اﻹعتقادي الذي يحتاج إلى أدلة تفيد اليقين و الوثوق، وهو ما لا يتأتى في قضايا اﻹيمانيات الغيبية إلا بآيات قرآنية قطعية الثبوت و قطعية الدلالة !
فاﻷحاديث التي يقال فيها أن [ العين من قدر الله ] و أن [ أكثر من يموت من اﻷمة بعد قضاء الله و قدره يموت بالعين ] هي في واقع الأمر روايات لا يقبلها العقل السليم، ﻷن القدر فيها يصبح خاضعا لسلطة اﻹنسان مما يترتب عليه إهانة الذات العلية و انتقاص شرط من شروط اﻹيمان؛ ونحن ننزه الرسول الكريم عن هذه اﻷقوال المنسوبة إليه زوراً و تدليسا !
و تجدر اﻹشارة إلى أن اﻹعتقاد بالعين ـ رغم شهرته ـ لم يحظ بإجماع إسلامي فقد أنكره أيضًا العديد من العلماء و الفقهاء
إن اﻹعتقاد بالعين يصيب المنظومة الكونية باظطراب كبير، يستحيل معه ظبط إيقاع الكون ..
و يولد الشك و التوجس من أشخاص طيبين بريئين من هذه التهمة ..
كما يرسخ في اﻷذهان اﻹعتراض على قضاء الله و قدره ؛ إذ يبحث الكل عن العين الضارة المسؤولة كلما أصابتهم مصيبة، متناسين قدرة الله و إرادته عز وجل ..
العين و هم كبير و خيال صنعه الفاشلون و جعلوا منها شماعة يعلقون عليها فشلهم و يبررون بها خيباتهم ..
رب العالمين يقول : { وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ }
و المروجون لخرافة العين يحثونك على أن تواري نعم الله عليك بعيدا عن اﻷنظار ..
فأيهما تختار ؟
نور القرآن الكريم ..
أم ظلام الخرافة ؟؟
منقول عن صفحة سيف الكرعاوي على الفيس بوك للفائدة
سؤال اذا كانت العين تقتل الانسان فمعنى ذلك أن العائن قاتل
ويستحق عقوبه يجرمه عليها القانون…وهذا ما لم يحدث لا في الماضي ولا في الحاضر لان الادلة المادية عير متوافرة
المصيبة انك صرت تتحاشى التعبير عن الاعجاب…وتتحاشى ايضا الكثير من الكلام حتى لا تؤخذ على الحسد
موضوع العين هذا كسائر كثير من المواضيع ذات البعد الماورائي أكبر دليل على ضرورة العمل من أجل إيجاد الطرق الكفيلة بتصحيح عقيدة المسلمين بالإعتماد على أسس سليمة قوامها العلم المؤسس على العقل الموكول له الوصول إلى من منحه للانسان للتعرف عليه وعلى سننه التي جعلها التفسير الصحيح لكل ما يواجهه الانسان في رحلة حياته، أما الاسلوب الخطابي المبني على العاطفة عبر التركيز على الخوف والرهبة أو الرجاء والرغبة المجردين من كل قوة مستدامة ومتجددة ومجددة فهو ما أوصلنا إلى أن أصبحنا نركن إلى التعليل والتبرير لتفسير الفشل وعدم القدرة على الفعل في الأشياء التي منحناها سلطة الفعل فينا. اللهم ردنا إلى دينك ردا جميلا
خرافة العين والحسد وتجارة الوهم.
ماذا يعني الرقم 500؟ قد يعني أن هذه التدوينة هي التدوينة رقم خمسمائة وقد يعني أن هذا الرقم هو نصف الألف وقد يعني الكثير من الأشياء.. مضاعفات الخمسة عادةً تستخدم وكأنها الخلطة السحرية عند بعض الناس للوقاية من العين والحسد فيقول اشتريت بخمس وخمسة عشر…الخ، ولكن جميع هذه الامور هي محض خرافات(:…
لا أريد أن يقول لي أحدهم هل تكفرين بما يقوله الرسول؟ لا بالطبع فالعين حق والحسد موجود ولكن! من غير الممكن على الإطلاق أن تخرج قوى نفسية أو معنوية مثلاً من العين فتخترق جسد شخصٍ ما ويصاب بمكروه!
ما إذاً عن قوله تعالى:{وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} الفلق،5.نعم يأمرنا الله بالاستعاذة من الحاسدين الذين يقومون بعمل أعمالٍ سيئة لتضر الشخص الذي حسدوه. ولكن نحن الذين أوقعنا أنفسنا في ما عملته أيدينا فنحن من نوهم أنفسنا بأني قد أصبت بعينٍ من فلانة، هذه الهلوسة اللانهائية تدخلنا في دوامة خطيرة دوامة لا مخرج منها بعد الدخول، وهي دوامة عدم الرضا بقضاء الله وقدره فقبل أن تكون عين من فلان هي قدر مكتوبٌ من الله وإن حسد فلان أو لم يحسد وكان الله قد كتب هذا القدر فسيحصل رغم أنف كائناً من كان.
ثم إننا حين نرى شيئاً ما ويعجبنا فنقول:”ماشاء الله” فإننا نذكر صانعه بأن هذا من فضل الله عليه ونذكر أنفسنا أيضاً بذلك ونأخذ بقوله تعالى:{وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ۚ…}.. كفوا رجاءً عن خرافة العين والحسد ولا تعطوا الأشياء أكبر من حجمها، فقدر الله تعالى فوق كل شيء..
جزاكم الله خيرا.. بصراحه ناس كثير لا تريد أن تفهم الحق. لكن أشكركم على جهدكم .. ارتاح بالي و عقلي الآن
جزاكم الله ألف خير. محتاجين ننشر هذا العلم في مجتمعاتنا التي صار أي فرد حين تصيبه مصيبة يتحجج فيها بأن العين أصابته. وخاف الناس من بعضهم خشية أن تصيبهم مصيبة بسبب العين أكثر من خوفهم من قضاء الله وقدره!
مقال رائع جزاكم الله خيرا