مسألة الرّق
وهي من القضايا المهمة التي يجب الوقوف عليها. قديما كان الناس يسترق بعضهم بعضا بوسائل متعددة، وتحت ظروف قاهرة يجد الشخص نفسه مسترقا. وقد ألغى الإسلام طرق الاسترقاق كلها. أمّا أسير الحرب؛ فهو إما أن يُطلق سراحه بأخذ الفدية أو بدونها أو يتم تبادله مع من وقع أسيرا في أيدي الكفار. قال الله تعالى{فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} (محمد،47/4)
باب الحرية للمملوك مفتوح دائما، وقد أمر الإسلام تحرير رقبة على من أفطر في شهر رمضان بدون عذر، وعلى من قتل خطأ أو تسبب في موت إنسان، وعلى من ظاهر زوجته[1]. وعلى من حنث في يمينه أحد ثلاثة أمور منها تحرير رقبة.
وبعد الإعتاق تستمر بين المالك والمملوك ما يشبه علاقة القرابة من النسب يطلق عليها ولاء العتاقة، وقد أوجب الإسلام على المالك مساعدة من أعتقه في عديد من المسائل. حتى أعطى الإسلام للمعتَق حق الوراثة لمولاه إذا لم يكن له وارث.
ومن الميزات التي خص الإسلام بها العبد أنّ عليه نصف ما على الحر من العقوبات. قال الله تعالى: «فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ» (النساء، 4 / 25).
عن العباس بن جليد الحجري، قال: سمعت عبد الله بن عمر يقول: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، كم نعفو عن الخادم؟ فصمت، ثم أعاد عليه الكلام، فصمت، فلما كان في الثالثة، قال: "اعفوا عنه في كل يوم سبعين مرة".[2]
ومن الآيات الواردة في العبد: قوله تعالى: «وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا» (النساء، 4 / 36).
وقال: «وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ؛ وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ» (النور، 24 / 32-33).
وقال أيضا: « إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ» (التوبة، 9 / 60).
وقال تعالى: «وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ» (النحل، 16 / 71).
وكَانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم رحيما بالعبيدِ وكان يقول: "هُمْ إِخْوَانُكُمْ جَعَلَهُمْ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ فَأَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ وَأَلْبِسُوهُمْ مِمَّا تَلْبَسُونَ".[3] وفي رواية أخرى: هم إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ جَعَلَهُمْ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ فَمَنْ لَمْ يُلَائِمْكُمْ فَبِيعُوهُ وَلَا تُعَذِّبُوا خَلْقَ اللَّهِ مَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ".[4]
وعن علي رضي الله عنه، قال: كان آخر كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، "الصلاة الصلاة، اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم".[5] وعن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "لا يقولن أحدكم عبدي وأمتي، ولا يقولن المملوك ربي وربتي، وليقل المالك فتاي وفتاتي، وليقل المملوك سيدي وسيدتي، فإنكم المملوكون والرب الله عز وجل".[6]
[1] الظهار هو أن يقول الرجل لزوجته أنت عليّ كظهر أمي، أو ما في معناه، قاصدا تحريمها على نفسه كما لو أنها أمّه.
[2] سنن أبي داود، باب في حق المملوك، رقم الحديث 5164.
[3] صحيح مسلم الإيمان/ باب: إطعام المملوك مما يأكل وإلباسه مما يلبس.
[4] رواه البخاري في كتاب الإيمان دون اللفظة «فَمَنْ لَمْ يُلَائِمْكُمْ فَبِيعُوهُ وَلَا تُعَذِّبُوا خَلْقَ اللَّهِ» التي هي من رواية أبي داود في كتاب الأدب.
[5] سنن أبي داود، باب في حق المملوك رقم الحديث: 5156.
[6] سنن أبي داود، باب لا يقول المملوك ربي وربتي رقم الحديث: 4975.
أضف تعليقا