السؤال: كان لأبي دكان فى المدينة وجاء شاب لشراء الدكان وكان سعره فى ذلك الوقت 60.000 وأعطى الشاب لوالدي عربون قيمته 10.000 دينار وبعد فترة طويلة لم يعد يريد الشاب هذا الدكان وانخفض سعر الدكان إلى أن وصل 35.000 وباع والدي هذا الدكان لغيره بعد أن أقر الشاب بعدم قدرته على الشراء ومع هذا فقد أعطاه أبي من قيمة العربون 5.000 دينار. وأصيب أبي بمرض وتوفى. وللعلم فقد تردد الشاب على أبي أكثر من مرة، وكان أبي يقول أنا بريئ منه لا يريد مني شيئا، وبعد وفاة أبي لا يزال يطالبنا بالمبلغ. أفيدوني جزاكم الله خيرا.
الجواب: الْعَرْبُونُ هُوَ أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ شَيْئًا أَوْ يَسْتَأْجِرَهُ وَيُعْطِيَ بَعْضَ الثَّمَنِ أَوْ الْأُجْرَةِ ثُمَّ يَقُولُ إنْ تَمَّ الْعَقْدُ احْتَسَبْنَاهُ وَإِلَّا فَهُوَ لَك وَلَا آخُذُهُ مِنْكَ[1].
يرى جمهور العلماء فساد بيع العربون لما رواه ابن ماجة (أنّ النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع العربون) ولأنه من أكل أموال الناس بالباطل، ولأنه شرط بغير عوض. ونحن نرى أنه بيع صحيح وجد عرفا لضمان حق البائع لئلا تُحتَجز سلعته فيفوت عليه فرصة بيعها لشخص آخر، وحديث ابن ماجة ضعيف لا يعتد به، والعربون لم يشترط للبائع بغير عوض، إذ العوض هو الانتظار بالمبيع وتوقيف السلعة حتى يختار المشتري، وتفويت فرصة البيع من شخص آخر لمدة.
وفي حالة السائل ليس من حق المشتري أن يأخذ ما دفعه من عربون،{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} (النساء، 29) ويدخل بيع العربون في ضمن التراضي في البيع. فقد روى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ نَافِعِ بْنِ عَبْدِ الْحَارِثِ عَامِلِ عُمَرَ عَلَى مَكَّةَ أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ دَارًا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِأَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِ نَافِعٌ إنْ رَضِيَ عُمَرُ فَالْبَيْعُ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ فَلِصَفْوَانَ أَرْبَعُ مِائَةِ دِرْهَمٍ، وَمِنْ هَاهُنَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: لَا بَأْسَ بِبَيْعِ الْعُرْبُونِ؛ لِأَنَّ عُمَرَ فَعَلَهُ، وَأَجَازَ هَذَا الْبَيْعَ وَالشَّرْطَ فِيهِ مُجَاهِدٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَنَافِعُ بْنُ عَبْدِ الْحَارِثِ، وَقَالَ أَبُو عُمَرَ: وَكَانَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ يَقُولُ: أَجَازَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ[2].
أضف تعليقا