الأديان
قال الله تعالى: «فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون» (البقرة، 2/22)
كل منا يعرف أنه لا مثيل لله ولا نظير له. ولذا لم ينحت أحد له تمثالا. ولكن المشكلة الكبرى، أن لا يقيم الإنسان علاقته بربه مباشرة بل يجعل بينه وبين الله وسطاء، بغير سلطان أتاهم، إلا أن يقولوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون.
وكثير من الناس لا يؤمنون بالله إلا وهم مشركون، مع أن الله واحد لا شريك له. وجاء كل فريق بوسيط حسب هواه، وهذا يجعلهم مشركين لأنهم ينسبون إليه من الصفات ما لا ينبغي إلا لله تعالى. ويزعمون أنه أقرب إلى الله منهم، لذا يدعونه قبل أن يدعوا الله أو أنّهم يدعون الله بواسطته. ويقولون إن الله تعالى بمثابة الملك، أما الوسطاء فهم المقربون منه. تعالى الله عما يشركون علوّا كبيرا. قال الله تعالى: «ألا لله الدين الخالص والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى» (الزمر، 39/3).
وتختلف أسماء الأديان باختلاف أسماء الوسطاء التي يُشركونها بالله تعالى. فالوسطاء عند النصارى هم المسيح بن مريم وأمّه عليهما السلام وروح القدس والحواريون والباباوات. والوسطاء في الطاوية هم «طاو» و«ينغ – يانغ». ونجدها عند مشركي مكة، الملائكة الذين جعلوهم بنات الله تعالى ونحتوا لهم التماثيل.
ومن هذه التماثيل اللات والعزى ومناة حيث كانت من أشهر الأصنام عند أهل مكة. وقد اشتقوا لها أسماء من أسماء الله تعالى لأنهم يقولون إن الملائكة بنات الله. فاللات مثلا مشتق من لفظ الجلالة الله، والعزى من العزيز، والمناة من المنان. قال الله تعالى:
«أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى. وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى. أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنثَى. تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى. إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى» (النجم، 53/19-22).
إن الإسلام يرفض الشرك رَفضا قطعيا. قال تعالى: «ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد» (ق، 50/16). فإذا كان الله تعالى أقرب إلى الإنسان من حبله الوريد فلا مكان لوسيط بينه تعالى وبين الإنسان. وإلا لكان الناس عبادا لهذا الوسيط قبل أن يكونوا عبادا لله، وفي هذه الحالة تكون الإستجابة مرتبطة بمرضاة الوسطاء. وعلى سبيل المثال؛ من يريد أمرا عند المحافظ فإنه يعمد إلى أحد من مقربيه كواسطة، وفي هذه الحالة الوسيط هو الأساس، وهذا الشخص سيتقرب من الوسيط ويظهر له من الإحترام والتبجيل الشيء الكثير؛ لأنه السبيل للوصول إلى مراده.
وقد دعى جميع الرسل أقوامهم إلى أن لا يعبدوا إلا الله[1]. وإدخال الواسطة بين الله وبين العبد مخالف لتلك الدعوة. فالمسلم لا يعرف إلها غير الله، وهذه قمة الحرية والسمو.
إن الله لا يغفر لمن لا يخصّه بالعبادة، لأنّ الله تعالى ما خلق الجنّ والإنس إلا ليوحدوه في العبادة. قال الله تعالى: «إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء» (النساء، 4/48). وقال أيضا: «ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون» (آل عمران، 3/81).
الإسلام هو الدين الوحيد الذي يَرفُض الشرك بجميع أنواعه. وأما سائر الأديان فتسمى بالأسماء التي أشركتها بالله.
أضف تعليقا