السؤال: يفهم البعض من آية الوضوء أن خروج الريح لا ينقض الوضوء؛ فهل هذا الفهم صحيح؟
الجواب: مصدر هذا الفهم قوله تعالى {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} على اعتبار أن خروج الريح لا يحتاج الذهاب إلى الغائط. والصحيح أن خروج الريح هو من ضمن ما يحدث بالخلاء، واستثناؤه يحتاج إلى الدليل. وليس ثمة دليل على استثنائه. ولو كانت الآية (أو جاء أحد منكم من الغائط أو أخرج ريحا) لظهرت ركاكة بناء الآية على اعتبار وجود التكرار.
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (المائدة،6)
أصل الغائط البطن الواسع من الأرض ، وكان الرجل إذا أراد أن يقضي حاجته قيل: قد أتى الغائط[1]. وتغوط الرجل: كِنَايَة عَن التبرز[2].. وَكَانَ الرَّجُلُ إِذا أَرادَ التَّبَرُّزَ ارْتادَ غائِطاً من الأَرْضِ يَغيبُ فيهِ عَن أَعْيُنِ النَّاسِ، ثمَّ قيلَ للبَرَازِ نفسِهِ، وَهُوَ الحَدَثُ غائطٌ، كِنايَة عَنهُ[3].
وقد ذكرت الآية ما يوجب التيمم عند فقد الماء، فذكرت نواقض الوضوء كلها في قوله تعالى {أو جاء أحد منكم من الغائط} والغائط هو مكان قضاء الحاجة، وهو كناية عن التغوط. أما التبول وخروج الريح فهما تبع له؛ لأنه لا يتصور حصوله دونها، كما ذكرت الآية ما يوجب التيمم بدل الغسل بقوله {أو لامستم النساء} وهو كناية عن الجماع.
وهذا ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فعنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَمِّهِ، أَنَّهُ شَكَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلُ الَّذِي يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَجِدُ الشَّيْءَ فِي الصَّلاَةِ؟ فَقَالَ: «لاَ يَنْفَتِلْ – أَوْ لاَ يَنْصَرِفْ – حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا»[4]
أضف تعليقا