ترى المذاهب الفقيهة التقليدية أنه لا يجوز للرجل المسلم أن ينكح الكافرات؛ وإن فعل فيجب فسخه لأنه باطل. ويستدلون بقوله تعالى:
«وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ» (البقرة، 2 / 221).
ويحتجون كذلك بقوله تعالى:
«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ» (الممتحنة، 60 / 10).
وقد قالوا بجواز نكاح الكتابية مستدلين بقوله تعالى:
«وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ» (المائدة، 5 / 5).
نفهم من قول الله تعالى:
«اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ» (التوبة، 9 / 31)؛ أنّ الكتابية مشركة. وبناء عليه فإنّ إذن الله تعالى بنكاح الكتابية يعتبر إذنا لنكاح المشركة. وجاء في الآية السابقة الحكم المتعلق بالرجال بقوله تعالى: «وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ» (البقرة، 2 / 221).
كون العبد المؤمن خير للمرأة المسلمة من الرجل المشرك الحر وكذلك كون الجارية المؤمنة خير للرجل المسلم من المشركة الحرة لا يدل على تحريم زواج المسلم من المشركة. لأن كلمة “خير” تعني فقط الأفضلية بين الشيئين. فلا يمكن استنباط حكم تحريم زواج المسلم من المشركة وزواج المسلمة من المشرك. وعلى هذا كان تطبيقات النبي صلى الله عليه وسلم بين أصحابه…
كان أبو العاص بن الربيع متزوجا من زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان على دين الجاهلية، وقد أُسِر في موقعة بدر فأرسلت زينب رضي الله عنها العقد الذي أهدته لها أمها السيدة خديجة رضي الله عنها قبل موتها؛ مع شقيق أبي العاص بن الربيع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعرف النبي صلى الله عليه وسلم العقد حين تلقاه كفدية ليطلق سراحه، فحزن وأعاد العقد إلى زينب وأطلق سراح أبي العاص وطلب منه أن يرسل زينب إليه ، فنفذ وعده وأرسل زوجته زينب إلى المدينة المنورة.
وفي السنة السادسة من الهجرة كان أبو العاص قد خرج بقافلة من مكة إلى الشام، وأثناء سيره التقى مجموعة من الصحابة. فسأل عن بيت زينب وطرق بابها قبيل آذان الفجر، فسألته حين رأته: أجئت مسلماً؟ قال: بل جئت هارباً. فقالت: فهل لك إلى أنْ تُسلم؟ فقال: لا. قالت: فلا تخف. مرحباً بابن الخالة. وبعد أن أمّ النبي المسلمين في صلاة الفجر، إذا بصوت يأتي من آخر المسجد: قد أجرت أبا العاص بن الربيع. فقال النبي: هل سمعتم ما سمعت؟ قالوا: نعم يا رسول الله. قالت زينب: يا رسول الله إنّ أبا العاص إن بعُد فابن الخالة وإنْ قرب فأبو الولد وقد أجرته يا رسول الله. فوقف النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: يا أيها الناس إنّ هذا الرجل ما ذممته صهراً، وإنّ هذا الرجل حدثني فصدقني ووعدني فوفّى لي. فإن قبلتم أن تردوا إليه ماله وأن تتركوه يعود إلى بلده، فهذا أحب إلي، وإنُ أبيتم فالأمر إليكم والحق لكم ولا ألومكم عليه، فقال الناس: بل نعطه ماله يا رسول الله.
وأخذ أبو العاص ماله وعاد إلى مكة. وعند وصوله إلى مكة وقف وقال: أيها الناس هذه أموالكم، هل بقى لكم شيء؟ فقالوا: جزاك الله خيراً وفيت أحسن الوفاء. قال: فإنّي أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. وذهب إلى المدينة مهاجرا. وقال أبو العاص بن الربيع: يا رسول الله هل تأذن لي أنْ أراجع زينب؟ فأخذه النبي وقال: تعال معي. ووقف على بيت زينب وطرق الباب وقال: يا زينب إنّ ابن خالتك جاء لي اليوم يستأذنني أنْ يراجعك فهل تقبلين؟ فأحمرّ وجهها وابتسمت. وبعد مضي ست سنوات، رد رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته زينب على أبي العاص بالنكاح الأول، لم يحدث شيئا.[1] لأن نكاحهما لم ينفسخ بكون أبي العاص كافرا.
وعن ابن شهاب، أنه بلغه: أن نساء كن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أسلمن بأرضهن، وهن غير مهاجرات، وأزواجهن حين أسلمن كفار، منهن بنت الوليد بن المغيرة، وكانت تحت صفوان بن أمية، فأسلمت يوم الفتح، وهرب صفوان بن أمية زوجها من الإسلام، فبعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عمه وهب بن عمير برداء رسول الله صلى الله عليه وسلم أمانا لصفوان بن أمية، ودعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام، وأن يقدم عليه، فإن رضي أمرا، وإلا سيره شهرين، فلما قدم صفوان على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ناداه على رؤوس الناس، فقال: يا محمد، هذا وهب بن عمير جاءني بردائك، وزعم أنك دعوتني إلى القدوم عليك، فإن رضيت أمرا قبلته، وإلا سيرتني شهرين، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انزل أبا وهب، فقال: والله لا أنزل حتى تبين لي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل لك تسير أربعة أشهر، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل هوازن بحنين، فأرسل إلى صفوان يستعيره أداة، وسلاحا عنده، فقال صفوان: أطوعا أم كرها؟ فقال: بل طوعا، فأعاره الأداة، والسلاح التي عنده، ثم خرج صفوان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو كافر، فشهد حنينا والطائف، وهو كافر، وامرأته مسلمة، ولم يفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين أهله، حتى أسلم صفوان، واستقرت امرأته عنده بذلك النكاح.[2]
الحدث الأول كان بعد معاهدة الحديبية والثاني كان بعد فتح مكة.
وقد استدل الفقهاء بقوله تعالى: «لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ» (الممتحنة، 60 / 10) على تحريم زواج المسلمة من غير المسلم. وفي الحقيقة أن الآية العاشرة من سورة الممتحنة، التي نزلت بعد الحدثين المذكورين هي في حق إمرأة اختارت أن تترك زوجها بسبب اختلاف الدين. (وسيأتي التفصيل على هذا الموضوع). كما أنّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر بالتفريق بين الزوجين بسبب اختلاف دين أحدهما. لو صح ما جاء في الكتب الفقهية من تحريم زواج المسلمة من غير المسلم لورد إلينا نموذجٌ من تطبيقات النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد بين الله تعالى المحرمات في سورة النساء من الآية 22 إلى الآية 24 ولم يرد فيها اختلاف الدين. وفي الآية 25 أجاز الله تعالى نكاح الأمة المؤمنة العفيفة لمن لا يستطيع نكاح الحرائر ويخاف الوقوع في الزنا إذا لم يتزوج، وبين في آخر الآية أن الصبر وعدم الزواج منها خير له. وعلى هذا فإن الاختيار الأول للزواج يكون من الحرائر العفيفات والثاني من الجواري المؤمنات العفيفات والثالث من الحرائر العفيفات من الكتابيات، لأن الله تعالى أذن بنكاحهن في الآية الخامسة من سورة المائدة. فالأمة المؤمنة العفيفة خير من الكتابية العفيفة وعدم خيرية نكاح الأمة المؤمنة العفيفة يدل على عدم خيرية نكاح الكتابيات العفيفات بدرجة أولى، ولكن الزواج منهن ليس بحرام. فالآية تتحدث عن نكاح المشركات بدون الكتابيات لأن أهل الكتاب مشركون.
وقوله تعالى: « وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ» (البقرة، 2 / 221).
الشرط الوحيد الذي لا غنى عنه في الزواح هو العفة، لذا قال الله تعالى: «الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذٰلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ» (النور، 24 / 3).
كان رجل يقال له: مرثد بن أبي مرثد، وكان رجلا يحمل الأسرى من مكة حتى يأتي بهم المدينة، وكانت امرأة بغيا بمكة يقال لها: عناق وكانت صديقة له، فقال مرثد: يا رسول الله، أنكح عناقا؟ فأمسك رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يرد علي شيئا حتى نزلت «الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ» (النور، 24 / 3)، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يا مرثد الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك، فلا تنكحها.”
وسبب منع النبي صلى الله عليه وسلم مرثد أن ينكحها هو ليس كونها مشركة بل كونها زانية. ولكن مع وضوح الأمر إلا أن الفقهاء يقولون بتحريم نكاح المشركة. وقال البعض أن هذه الآية منسوخة. قال ابن حزم يزعمون أنها نسخت بالآية التي بعدها ««وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ» (النور، 24 / 32). وهذه دعوى بلا برهان، ولا يجوز أن يقال في قرآن، أو سنة: هذا منسوخ إلا بيقين يقطع به، وإنما الفرض استعمال النصوص كلها.[3]
كلام ابن حزم هذا صحيح. ولكنه يقول في نفس الوقت أن الزاني يجوز له نكاح الكتابيات العفيفات مع أن الآية تصرح أنه لا ينكح إلا زانية أو مشركة. ولا نعرف على أي أساس قام ابن حزم بتخصيص الآية بالكتابيات مع أنه لا يجيز نكاح الزانية المسلمة من الكتابي.
السلام عليكم
هل أفهم من هذا المقال أنه يجوز للمسلم والمسلمة الزواج من غير مسلم ولو غير كتابي أو كتابية لكن الأفضل الزواج من مسلم أو مسلمة.
أرجو الإجابة لأني تشوشت، وإذا كان الجواب بنعم فمن أين جاء التحريم؟.
وكنت دائما أتساءل أن الله تعالى أحل زواج الرجل بامرأة من أهل الكتاب لكن أهل الكتاب مشركون، والله تعالى يقول “ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن” إلى آخر الآية الكريمة، لكن الشرع يحل الزواج من نساء أهل الكتاب وهن مشركات، وكنت في حيرة من هذا الأمر، فأرجو بيان معنى الآية الكريمة.
وهل المقصود بالزاني والزانية الذي يزني مرة واحدة أم البغي؟
وكما نعلم معظم المجتمعات الغربية و الشرقية أهلها يتخذون بوي فريند وغرل فريند (الأخدان) فكيف يجوز الزواج منهم؟
مع الشكر الجزيل
الجواب: وعليكم السلام ورحمة الله
نعم ملخص المقالة أنه يجوز أن يتزوج المسلم من غير المسلمة كما يجوز أن تتزوج المسلمة من غير المسلم، بشرط أن يكونا محصنين أي عفيفين بعيدين عن الفاحشة وإلا فلا يصح الزواج منهم.
ويطلق وصف الزاني أو الزانية على من أتى الفاحشة ولو مرة واحدة إن لم تتحقق توبته منها، لقوله تعالى ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا. يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا . إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ (الفرقان ٧٠)
فمن كان زانيا أو زانية فلا يصح الزواج منه حتى لو كان من المسلمين، لأن الله تعالى يقول ﴿الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴾ (النور ٣)
وينبغي لمن أراد الزواج من غير المسلمة أن يتحقق من عفتها لا سيما إن كانت من مجتمعات يكثر فيها اتخاذ الأخدان أو ما يعرف بـ (boy frind & girl frind) وكذلك على المسلمة أن تتحقق من عفة من أرادت الزواج منه إن كان من تلك المجتمعات.
ولا شك أن زواج المسلم بالمسلمة أفضل وكذلك زواج المسلمة من المسلم، وهو أفضل الزواج عند الله تعالى، لكن لا يمنع أن يتم الزواج من غير المسلم أو المسلمة بالرغم من أنه أقل فضلا مع مراعاة عفة الشريك وبعده عن الفاحشة.
أما قول عامة الفقهاء بتحريم زواج المسلم بغير الكتابية فجاء نتيجة قراءة الآية الخامسة من سورة المائدة بمعزل عن مشابهاتها:
﴿الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ (المائدة ٥)
ذلك أن المتبادر أن الآية أباحت الزواج من الكتابيات فقط، ولم ينظر إلى الآيات التي تصف أهل الكتاب بأنهم مشركون مثل قوله تعالى:
﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ (التوبة ٣١)
ثم لم ينتبهوا إلى صيغة التفضيل في آية النهي عن زواج المشركين، وهي قوله تعالى:
﴿وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ، وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ، أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴾ (البقرة ٢٢١)
وصيغة التفضيل (خير) دلت على أن الزواج من المشرك أو المشركة أقل خيرية، ومثل هذا التعبير يجعل الزواج منهم في الدرجة الثانية، لكنه لا يلغي هذا الخيار، لذا فإن النهي الوارد في الآية ينصرف من التحريم إلى الكراهة بقرينة صيغة التفضيل. ويعزز هذا الفهم أن الآية الخامسة من سورة المائدة أباحت الزواج من نساء أهل الكتاب بالرغم من كونهن مشركات.
لكم جزيل الشكر على التوضيح
أود أن أستفسر لو سمحتم: بما أن الله تعالى سمح زواج الزناة من المشركين فكيف نوفق بين هذا وبين أن يتزوج المسلم من المشركين، أقصد ما الفرق عندئذ/ عمليا /بينه وبين الزاني في هذا الزواج؟
أعتذر لكن أريد أن تتضح عندي كل الصورة
العفو…
ليس كل مشرك زانيا، بالنسبة للمسلم يشترط أن يكون شريكه محصنا/ة. الإحصان هو الشرط الأساسي في كل نكاح. الزاني لا ينكح إلا زانية والعكس، كما يمكنهم الزواج من المشركين لأنهم لا يقبلون أمر الله تعالى باشتراط الإحصان، وهذا لا يمنع أن يكون بعضهم يهتم بهذا الأمر.. والله تعالى أعلم
صيغة التفضيل قد يأتي مسلوب المفاضلة كما في قوله تعالى: قال هؤلاء بناتي هن أطهر لكم ،
فلا يصح الاستدلال به
صيغة التفضيل قد يأتي مسلوب المفاضلة كما في قوله تعالى: قال هؤلاء بناتي هن أطهر لكم ،
فلا يصح الاستدلال به
إذا وردت صيغة (أفعل) بين مخيرين كآية {ولأمة مؤمنة خير من مشركة} فإنما تفيد المفاضلة
لكنها إذا وردت دون الخيار الثاني فهي صفة مشبهة لا اسم تفضيل
والآيات التي ذكرتها في سؤالك جاء فيها الصفة المشبهة لا اسم التفضيل
أما قوله تعالى : (آلله خير أم ما يشركون ) ليس فيه مفاضلة بل هو سؤال إنكاري يقتضي إثبات الخيرية لله ونفيها عما يشركون.