السؤال: أخذت قرضا حسنا من صديق لي مقداره 5000 جنيه مصري قبل خمس سنوات، وأردت أن أعيدها إليه قبل أيام، فقال إن العملة انخفضت قيمتها كثيرا خلال السنوات الخمس السابقة، ولا بد أن تزيدني على المبلغ بما يعوضني عن الخسارة الناتجة عن انخفاض قيمة العملة، فقلت له هذا ربا لا يجوز، لكنه أصر على رأيه. فما هو حكم الدين في هذه الحالة ؟ بعبارة أخرى، إذا قمت بتعويضه هل يكون هذا ربا أم أنه حق له؟
الجواب: القرض الحسن من الأعمال الصالحة التي حث الاسلام عليها، وهو من أبواب تفريج الكرب عن المسلم. ولا شك أن الاسلام لا يقبل أن يتضرر المُقرض فيحجم الناس عن الاقراض فيضيع مقصود الشرع من الحث عليه.
الفتوى السائدة في مثل حالتك أنه لا يصح لصديقك أن يأخذ منك أكثر من 5000 جنيه، فقد جاء في قرار مَجمَع الفقه الإسلامي رقم 4 الصادِر في سنة 1988 ما يلي : ” العبرة في وفاء الديون الثابتة بعملة ما هي أن تُقضَى بأمثالها، فلا يجوز ربط الديون الثابتة في الذمة أيا كان مصدرُها بمستوى الأسعار “.
ونحن نرى أن هذا القرار خطأ، وصوابه أن يكون كالتالي : “العبرة في وفاء الديون الثابتة بعملة ما هي أن تُقضى بالقيمة لتحقيق المماثلة لأن الديون تقضى بأمثالها ولا مِعيارَ لها إلا قوةُ الشراء فيجب ربط الديون الثابتة في الذمة أيا كان مصدرها بمستوى الأسعار”.
ونستدل على صحة وضرورة تقدير الديون الثابتة بالعملة الورقية بقوتها الشرائية بما يلي :
أ- بقوله تعالى “يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل” (النساء، 4) فالمدين المماطل الذي قضى دينه دون اعتبار الانخفاض في القدرة الشرائية للعملة يكون قد أكل مال الدائن بالباطل بقدر ما انخفض من قيمة تلك العلمة وظلم دائنه .
ب- وبقوله تعالى “وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون ” (البقرة، 279) لا تظلمون (بأخذ الزيادة) ولا تظلمون (بالمطل والنقصان). إن الطريق الوحيد لقضاء الديون الثابتة بالعملات الورقية دون زيادة أو نقصان هو النظر إلى قيمة العملة الورقية، فتتحقق حينئذٍ المماثلةُ بين قيمتي العملتين المستقرَضة والمدفوعة. ومن هنا وَجَب أن تُعدَّل القوانينُ المتعلقة بالعملات الورقية في العالم كله، وأن يُقرَّر ربطُ معاملات الأوراق النقدية بالقوة الشرائية التي تمثلها وليس بالرقم المكتوب عليها. فعندئذ يُحال دون المظالم التي تُرتكب بواسطتها إلى حد كبير .
ت- قول النبي صلى الله عليه وسلم: “لا ضرر ولا ضرار”، فإن وفاء الدين بالمبلغ المستدان ذاتِه على الرغم من انخفاض القوة الشرائية للعملة يضر الدائن .
ث- دليل المصلحة : إن في دفع القيمة المفقودة للعملة مصلحةً عامة تجب رعايتها وإلا فلا يقرض الناسُ بعضُهم بعضا. هذا من جانب، ومن جانب آخرَ فقد يحاول بعضُ المدينين أن يؤخروا الدفع ما أمكنهم ذلك ليستفيدوا من القيمة المفقودة للعملة بقدر أكبر. ومما لا يشك فيه أحد أن مساعدة المحتاجين بإقراضهم قروضا لا ربوية من الأعمال الخيرية التي يجب حث الناس عليها لأنها مصلحة عامة، وأن المماطلة بالدين دون سبب مشروع من الأعمال الضارة التي تجب الحيلولة دون وقوعها لكونها من المفاسد .
وبناء على ما سبق يجب عليك رد القيمة التي كانت عليها 5000 جنيه قبل خمس سنوات، ولا يصح له المطالبة بأكثر من ذلك فيكون ربا، وربما تستعينان بأهل الخبرة لتقدير القيمة كي لا تختلفا، فهناك من الطرق التي يمكن من خلالها التوصل لمثل هذا التقدير.
التضخم هو الإزياد المستمر في الأسعار. يعني الإزياد في الأسعار أنك ستدفع المزيد من الأموال لتحصل على نفس السلع والخدمات التي كنت تحصل عليها بأقل منها. ولها سببانالأول: فُِقدان النقد قيمتَه والثاني: إرتفاعُ التكاليف. وينشأ من الأولُ إزدياد الطلب ومن الثانى إزدياد التكلِفة.
أما تضخم الطلب فهو زيادة الطلب على السلع والخدمات بسبب كثرة النقود فيؤدي إلى ارتفاع الأسعار .
وأما تضخم التكلفة فهو الاِرتفاع المستمر في الأسعار بارتفاع التكاليف الإنتاجية للسلع والخدمات. والتكاليفُ الحقيقية للسلع والخدمات تتكون من عوامل الانتاجِ مثلِ العملِ ورأسِ المال والمواردِ الطبيعية. وارتفاعُ أسعار هذه العوامل يستلزم حتما ارتفاعا في التكاليف. فمن هنا كانت علاقةُ تضخم التكلِفة بتضخم الطلب تُشَبَّه بعلاقة الدجاجة بالبيضة أيُّهما سبق الآخَرَ فكان سببا في وجوده، لكن الذي يتسبب فيهما كليهما هو اختلالُ الموازنات في الاِقتصاد .
إن الأسعارَ تتحدَّد بالتوازن بين السلع والخدمات وبين النقد. فإذا كان ازديادُ كمية النقود متوازيا مع زيادة السلع والخدمات لم يتغير المستوى العام للأسعار. أما إذا أُنتِج أحدُهما أكثرَ من الآخَر كان الذي أُنتِج أقلَ هو الأكثرَ قيمة .