السؤال: يذكر البعض أن الخلفاء الأمويين الأوائل وعلى رأسهم معاوية بن أبي سفيان كانوا يسبون آل البيت رضي الله عنهم على المنابر ويأمرون الناس بذلك. ما مدى صحة هذا الزعم وهل له سند تاريخي صحيح يركن إليه؟
الجواب:
يظهر من التحقيق أن سبّ الأموين لآل البيت على المنابر هو محض افتراء لا أساس له من الصحة، ولا يوجد ثمة رواية صحيحة بهذا الخصوص، وإنما روايات ضعيفة تلقفها البعض لأغراض سياسية وقاموا بترويجها حتى أصبحت من المسلَّمات لدى بعض المسلمين، وقد استفاد العباسيون من هذه المزاعم في صراعهم مع الأمويين، وتلقفها الشيعة بالرضا وأثروها بالمزاعم.
ومن هذه الروايات ما ذكر الطبري في تاريخه من طريق أبي مخنف عند ذكر قصة التحكيم. قال: (كان – أي علي – إذا صلى الغداة يقنُت فيقول: اللهم العن معاوية وعمراً وأبا الأعور السلمي وحبيباً وعبد الرحمن بن خالد والضحاك بن قيس والوليد. فبلغ ذلك معاوية، فكان إذا قنت لعن علياً وابن عباس والأشتر وحسناً وحسيناً)[1] وسند هذه الرواية واه لأن فيه لوط بن يحيى (أبو مخنف) وهو كذاب متروك الحديث وإخباري تالف لا يوثق به وعامة روايته عن الضعفاء والهلكى والمجاهيل[2]. ولهذا قال ابن كثير بعد ذكر الرواية: (ولا يصح هذا)[3] . ونقلا عن الطبري تداول بعض المؤرخين هذه الحكاية.
وروى ما يشبهها ابن سعد فقال: أخبرنا علي بن محمد، عن لوط بن يحيى، قال: (كان الولاة من بني أمية قبل عمر بن عبد العزيز يشتمون رجلاً[4] رضي الله عنه، فلما ولي هو أمسك عن ذلك). وهذا الأثر واهٍ كما قال النقاد؛ فعلي بن محمد هو المدائني فيه ضعف، وشيخه لوط بن يحيى كذاب تالف كما مر بنا[5].
ويعلق الصلابي على تلك الرواية بقوله: “قد اتهم الشيعة معاوية رضي الله عنه بحمل الناس على سب علي رضي الله عنه ولعنه فوق منابر المساجد، فهذه الدعوة لا أساس لها من الصحة، والذي يقصم الظهر أن الباحثين قد التقطوا هذه الفرية على ما هي عليه دون إخضاعها للنقد والتحليل، حتى صارت عند المتأخرين من المسلًمات التي لا مجال لمناقشتها علماً بأنها لم تثبت قط في رواية صحيحة، ولا يعول على ما جاء في كتب الدميري، واليعقوبي، وأبي الفرج الأصفهاني، علماً بأن التاريخ الصحيح يؤكد خلاف ما ذكره هؤلاء من احترام وتقدير معاوية لأمير المؤمنين علي وأهل بيته الأطهار. فحكاية لعن علي على منابر بني أمية لا تتفق مع منطق الحوادث ولا طبيعة المتخاصمين. فإذا رجعنا إلى الكتب التاريخية المعاصرة لبني أمية، فإننا لا نجد فيها ذكراً لشيء من ذلك أبداً، وإنما نجده في كتب المتأخرين الذين كتبوا تاريخهم في عصر بني العباس بقصد أن يسيئوا إلى سمعة بني أمية في نظر الجمهور الإسلامي. وقد كتب ذلك المسعودي في مروج الذهب وغيره من كتّاب الشيعة. وقد تسربت تلك الأكذوبة إلى كتب تاريخ أهل السنة، ولا يوجد فيها رواية صحيحة. فهذه دعوة مفتقرة إلى صحة النقل، وسلامة السند من الجرح، والمتن من الاعتراض، ومعلوم وزن هذه الدعوة عند المحققين والباحثين”[6].
وقد يكون السب صدر من آحاد بني أمية لضراوة الخلاف الذي كان بينهم وبين آل البيت، ولكن لم يكن سياسة دارجة، كما أنه لم يصدر من خلفائهم كما يصور البعض. ومن قبيل ذلك ما رواه مسلم عن سهل بن سعد قال: (استعمل على المدينة رجل من آل مروان قال فدعا سهل بن سعد فأمره أن يشتم عليا قال فأبى سهل فقال له أما إذ أبيت فقل لعن الله أبا التراب فقال سهل ما كان لعلي اسم أحب إليه من أبي التراب وإن كان ليفرح إذا دعي بها فقال له أخبرنا عن قصته لم سمي أبا تراب قال جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت فاطمة فلم يجد عليا في البيت فقال أين ابن عمك فقالت كان بيني وبينه شيء فغاضبني فخرج فلم يقل عندي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لإنسان انظر أين هو فجاء فقال يا رسول الله هو في المسجد راقد فجاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع قد سقط رداؤه عن شقه فأصابه تراب فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسحه عنه ويقول قم أبا التراب قم أبا التراب)[7].
وعلى عكس ما يشاع فقد كان معاوية عارفا قدر علي رضي الله عنه، معترفاً له بالفضل والسبق إلى الإسلام، كما دلت على ذلك أقواله الثابتة عنه، فقد روى ابن كثير وغيره: أن أبا مسلم الخولاني وجماعة معه دخلوا على معاوية فقالوا له: هل تنازع علياً أم أنت مثله؟ فقال: والله إني لأعلم أنه خير مني وأفضل، وأحق بالأمر مني[8].
وعن جرير بن عبد الحميد عن المغيرة قال: لما جاء خبر قتل علي إلى معاوية جعل يبكي، فقالت له امرأته: أتبكيه وقد قاتلته؟ فقال: “ويحك إنك لا تدرين ما فقد الناس من الفضل والفقه والعلم)[9].
وقد يتساءل البعض إذا كان معاوية عارفا قدر علي رضي الله عنه فلماذا نازعه الخلافة وخرج عليه؟ وأجيب أن هذا موضوع آخر، فزحمة الدنيا والتدافع والانتصار للنفس ربما يتغلب على المشاعر والأحاسيس. والنزاع على السلطة قد يفرق بين المرء وأخيه وحتى أبيه. وإن كان ثمة درس من تلك الفتنة الضروس، أن تكون لنا عبرة فنتجنب الأسباب التي أدت بهم إليها ، لا أن نتمترس خلف تلك الأخطاء لتصبح نموذجا ينعكس على واقعنا.
والأجدر بالمسلم أن لا يجلس حبيس الماضي متلمسا أخطاء الذين قضوا، فجميعهم في ذمة الله الملك الحق العدل، بل عليه أن يرعى حق الله عليه تطبيقا لكتابه المجيد الذي فيه السعادة في الدنيا والآخرة، وأن يتجه للبناء والتجديد. قال تعالى:
{قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ. وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (النور، 54_55).
وقف السليمانية/ مركز بحوث الدين والفطرة
المصدر: موقع حبل الله https://www.hablullah.com/
د. جمال نجم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] تاريخ الطبري، 5/71
[2] انظر الميزان، 3/419
[3] البداية والنهاية، 7/284
[4] المقصود علي رضي الله عنه
[5] محمد علي الصلابي في كتابه (عمر بن عبد العزيز) ص107
[6] المصدر السابق
[7] صحيح مسلم، باب من فضائل علي رضي الله عنه، رقم 4426.
[8] البداية والنهاية 8/ 133.
[9] المصدر السابق
حبل الله /هذا ما نحتاجة اليوم الرجوع الى كتاب الله. في البداية أعجبني الاسم والموقع. وبداية تصفحي للموقع كانت عن موضوع العبيد والاماء والاسترقاق، وأعجبني الكلام منطقي للغاية محكومية القرآن الكريم، وظننت اني سأجد الكثير من الحقائق التي أخفيت عنا ولكن للاسف خاب ظني بهذا الموضوع عن حقيقة سب الأمويين ال البيت. فهنا خالفت القران والفطرة والعدل. لايجرمنكم شنئانه قوم على ان لا تعدلوا وانتم بعيد كل البعد عن العدل في هذا الموضوع وتكلفكم لتبرئة بني امية عن شي ثابت وثبت ما هو اعظم منة ونقلك لمن قال بان معاوية يقدر علي بمعنى لم يسبة فهل قتالة لعلي يعبر عن الاحترام والتقدير وهل تبريركم لعدم سب الامويين ال البيت. يبرر قتالهم لهم وهل من فرق لو ثبت او لم يثبت عن فرعون هل سب موسى واله او هل من فرق لو ثبت عن اليهود سبهم او عدم سبعم لعيسى . للاسف ان نجد من يندعي ان يعيد الامة الى الحق كتاب الله وحدة يقف مثل هذا الموقف ويبرر جرائم من افسد دين هذا الامة وحرفهم عن القران الحق وال الحق ودفاعك عن معاوية وقد ثبت عنك بصحيح مسلم ما منعك اتسب واضح لا يحتمل التؤيل. كمن قال فيهم الله. ها انتم هؤالاء تجادلون عنهم في الحياة الدنيا فمن ذا الذي يجادل عنهم يوم القيامة او يكون عليهم وكيلا
الأخ الصلاحي شكرا لتواجدك معنا وان كنا نعتب عليك قسوة العبارة فلم نقل ما يستدعي ذلك. لم نبرر فعل معاوية ونعلم كما يعلم كل مسلم أنه خرج على ولي أمره وتسبب في البلاء لهذه الأمة. لكن في نفس الوقت نقول لماذا لا نكل أمره إلى بارئه ونبدأ حياتنا من منطلق القرآن وليس من منطلق التاريخ. أن نعيش التاريخ لا يسهم في رفعتنا ولا رجوعنا للعيش وفقا لكتاب ربنا. مثلا هناك بعض المسلمين ما زالوا يقيمون حفلات اللطم على الحسين رضي الله عنه فهل يفيد ذلك الحسين؟ وهل أعاد هذا اللطم والنواح العزة للأمة، وهل ساهم في الانطلاق من جديد، وهل هو فعل يقبله الله تعالى؟ كلا بالطبع. نحن غير مسؤولين عن عثرات السابقين فقد أفضوا الى ما قدموا، عندما نقف بين يدي الله للحساب فلن يسألنا عن فعل معاوية ولا عن فعل يزيد أو غيرهما، سيسأل كل واحد منا عن عمله وهل احتكم لكتابه أم لغيره {لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا. وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا} (مريم، 94-95)، {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} (الأنعام، 164)
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
أخي الكريم جزاك الله خيراً على نيتك اعتقد انها صادقة لكن هذا الأسلوب اعتقد غير موفق لأنه إذا سب الأمويين آل البيت ام لم يسبهم فهم قاتلوهم وقتلوا منهم أنا سني لكن أنا لا اتفق مع من قاتل آل البيت ولا أتفق مع ما يقوم به بعض الشيعة من تصرفات لأخذ الثأر من عموم أهل السنة وسب الصحابة وهنا أود القول إن على المسلم الحقيقي أن لا يترك الاسلام والايمان بالله وحده وكتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ويذهب إلى مناصرة بني أمية أو آل البيت و الصحابة والتابعين رضي الله عنهم أجمعين فهذا لا يزيد إلا تفرقة بيننا وضعف بالإيمان وإن نترك التاريخ ونلتفت الى وضع الأمة الإسلامية والعربية فاليوم هي أضعف من أي زمن سبق وندعوا الله أن يصلح الشأن
كلمة أخيرة لا تأخذكم العصبية الى العداء بينكم لان فلان سب صحابي وفلان لا يكفر بني أمية لأنهم قاتلوا آل البيت
الفتوى هي رد على سؤال سائل، وهي مجردة من الانتصار لطرف دون آخر، حيث نوهت الفتوى أن المهم أن يلتزم المسلم بحبل الله، وهو القرآن الكريم، وأن يهتدي بهداه في أموره كلها، والسابقون قد أفضوا إلى ما قدموا.
هل من يسب النبي عليه افضل الصلاة والسلام يجب قتله ولا تقبل توبته ولا يدفن مع المسلمين ؟ وهل يجب عليه فضح نفسه والذهاب إلى القاضي؟
شتم النبي الكريم معصية عظيمة يأثم صاحبها ويلزمه التوبة والاستغفار، لكنه لا يقتل، ولأنه لا يوجد معصية توجب القتل سوى القتل، فيقتل القاتل عمدا في حال لم يعف أولياء المقتول.
واعلم أن التوبة لا توصد في وجه أحد من الناس مهما بلغت جرائمه.
وإن مات مسلم فإنه يدفت في مقابر المسلمين بغض النظر عن أعماله وآرائه، وحسابه على الله تعالى
شكرا سيد جمال وعندى سؤال اخر هل النبى أمر بقتل من يسبه ما هي الأحاديث التي تدل على وجوب قتل من شتم النبي صلى الله عليه وسلم ، وتعرض له ، وإن أظهر صدق التوبة ؟
العفو أخي
انظر الإجابة في الرابط التالي https://www.hablullah.com/?p=7219
اهلا استاذ جمال واسف جدا علي ازعاج حضرتك لكن اريد ان اتاكد من صحه هذه الأحاديث حديث القينتين اللتين كانتا تغنيان بهجاء النبي صلى الله عليه وسلم فأمر النبي صلى الله عليه وسلم عند فتح مكة بقتلهما ولم يعط لهما الأمان الذي أعطاه لباقي سكان مكة رغم أن من سكان مكة من كان أشد عداوة وحربا للإسلام . انظر ” مغازي الواقدي ” (2/859 – 860) ، و ” سيرة ابن هشام ” (4/52) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
” وقال موسى بن عقبة في مغازيه عن الزهري : وأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكفوا أيديهم فلا يقاتلوا أحدا إلا من قاتلهم ، وأمر بقتل أربعة نفر ، قال : وأمر بقتل قينتين لابن خطل تغنيان بهجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قال : وقتلت إحدى القينتين وكمنت الأخرى حتى استؤمن لها . وكذلك ذكر محمد بن عائد القرشي في مغازيه .
– ونقل ابن تيمية عدة روايات ثم قال – وحديث القينتين مما اتفق عليه علماء السير ، واستفاض نقله استفاضة يستغنى بها عن رواية الواحد ” انتهى من ” الصارم المسلول ” (2/ 249 – 253) .
وقال رحمه الله – أيضاً – : ” فإنه صلى الله عليه وسلم أمر بقتل النسوة اللاتي كن يؤذينه بألسنتهن بالهجاء ، مع أمانه لعامة أهل البلد ، ومع أن قتل المرأة لا يجوز إلا أن تفعل ما يوجب القتل ولم يستتب واحدة منهن حين قتل من قتل والكافرة الحربية من النساء لا تقتل إن لم تقاتل ، والمرتدة لا تقتل حتى تستتاب ، وهؤلاء النسوة قتلن من غير أن يقاتلن ولم يستتبن ، فعلم أن قتل من فعل مثل فعلهن جائز بدون استتابة ، فإن صدور ذلك عن مسلمة أو معاهدة أعظم من صدوره عن حربية ” انتهى من ” الصارم المسلول ” (3/643) .ارجو الرد استاذ جمال وشكرا جزيلا لحضرتك
أهلا بك
هذه الروايات لا يمكن أن تكون صحيحة، لأن الله تعالى أرشد نبيه كيف يتصرف مع الذين يؤذونه بالكلام، وذلك بالصبر وأخذ الحيطة والحذر. قال الله تعالى:
﴿وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ [آل عمران: 186]
جزاكم الله خيرا . على الايضاح
اذا كان الامر غير ممنهج كما ذكرتم فلماذا اذاً قتل معاوية بن ابي سفيان الصحابي الجليل حجر بن عدي وأصحابه الذين اعترضوا على سب علي رضي الله عنه؟
ليس كل ما يروى صحيحا، حتى لو جاء في صحيح مسلم، فمسلم والرجال الذي روى عنهم هم بشر يصيبون ويخطئون
ولو افترضنا صحة الخبر فصاحب الذنب هو معاوية ومن أيده، ولا ينبغي تحميل الآخرين ذنبه كما لا يصح عقلا وشرعا البقاء رهينة لخطأ تاريخي ونجعل منه أساسا في تفكيرنا وقائدنا
من أراد أن يكون مسلما حقا فعليه ان يتبع القرآن ويجعل منه محور تفكيره ورأيه ونظرته، ليس غيره.
جزاك الله خيرا في اعتبارك القران هاديا ودليلا ومغنيا عن كل شئ … بما فيهم الحديث السابق الذي تشكون في صحته رغم انتفاء شبهة نزوله من الصحيح الى الحسن (وليس الغريب ولا الضعيف) عند كل من حققوه من المحدثين من الامام مسلم حتى الشيخ السلفي الالباني.
لكن يكفينا القران… فهو نعم الكلمة الفاصلة التي فيها نبا الاولين والاخرين وهداية الحائرين وغنى الطالبين
لذلك اؤيدك واسدد رايك في قولك “من أراد أن يكون مسلما حقا فعليه ان يتبع القرآن ويجعل منه محور تفكيره ورأيه ونظرته، ليس غيره.”
وبه نستشهد فنقول قول الله تعالي حين خرج رسول الله بعد 13عاما من المعاناة مع مشركي قريش في سورة يس (لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ)
وفيه تمام الخبر ونهايته في نفس القوم ( قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنظَرُونَ)
لاحظ وتدبر (وَلَا هُمْ يُنظَرُونَ) .
فماذا فعلوا … وماذا فعل المسلمون …. هل اخذوا الكتاب بقوة ام ولوا عليهم رجلا ممن نفى الله عنهم انتفاعهم بالايمان؟
تحياتي لك اخي أحمد وأشكر لك ما قلت، واعذرني لمخالفتك فيما ذهبت إليه من الحكم على جملة القوم بأنهم اختاروا للولاية عليهم رجلا ممن نفى الله عنهم انتفاعهم بالإيمان، وإني أراك ما زلت حبيس الطائفية فيما ذهبوا إليه من تأويلات لا تنسجم مع نصوص القرآن التي لم تعمم عدم انتفاع المؤمنين بالإيمان، ذلك أن الذين لم ينتفعوا هم المنافقون والذين في قلوبهم مرض ممن زعموا الإيمان ولم يؤمنوا حقا، وقد فصل القرآن حالهم كثيرا في تخلفهم عن الجهاد والإنفاق وعمل الخير، لكن المؤمنين الصادقين من أصحاب النبي نزل القرآن مادحا صبرهم وجهادهم ومبايعتهم للنبي تحت الشجرة وغيرها من الوقعات، كما أثنى على المهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في العسرة، وأنزل في الأنصار قرآنا يتلى في إيثارهم وحسن استقبالهم للنبي والمهاجرين.
والمسلم أمام كل هذا الثناء على جملة الصحابة لا يسعه إلا أن يثق بكتاب الله تعالى فيما وصفهم به، وأن لا يأخذ آية فيها تشابه مع ما قلبه فيؤولها كما يريد فيكون مما قال الله فيهم:
{وأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله} آل عمران 5
اصح درجات الحديث وهو عند الامام مسلم
أَمَرَ مُعَاوِيَةُ بنُ أَبِي سُفْيَانَ سَعْدًا (بن ابي وقاص) فَقالَ: ما مَنَعَكَ أَنْ تَسُبَّ أَبَا التُّرَابِ؟ فَقالَ: أَمَّا ما ذَكَرْتُ ثَلَاثًا قالَهُنَّ له رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فَلَنْ أَسُبَّهُ، لأَنْ تَكُونَ لي وَاحِدَةٌ منهنَّ أَحَبُّ إلَيَّ مِن حُمْرِ النَّعَمِ؛ سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يقولُ له، خَلَّفَهُ في بَعْضِ مَغَازِيهِ، فَقالَ له عَلِيٌّ: يا رَسولَ اللهِ، خَلَّفْتَنِي مع النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ؟! فَقالَ له رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِن مُوسَى؟ إلَّا أنَّهُ لا نُبُوَّةَ بَعْدِي. وَسَمِعْتُهُ يقولُ يَومَ خَيْبَرَ: لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسولُهُ، قالَ: فَتَطَاوَلْنَا لَهَا فَقالَ: ادْعُوا لي عَلِيًّا، فَأُتِيَ به أَرْمَدَ، فَبَصَقَ في عَيْنِهِ وَدَفَعَ الرَّايَةَ إلَيْهِ، فَفَتَحَ اللَّهُ عليه. وَلَمَّا نَزَلَتْ هذِه الآيَةُ: {فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ} [آل عمران: 61] دَعَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ وَحَسَنًا وَحُسَيْنًا، فَقالَ: اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلِي.
الراوي : سعد بن أبي وقاص | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 2404 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
هلا بحثتم عن كم المهاجرين والانصار واهل بدر واصحاب بيعة الرضوان الذين قتلهم معاوية ؟ فضلا عن ابناءهم وذرياتهم …. فقط الصحابة الاولون المشعود لهم كاهل بدر والبيعتين والمهاجرون الاولون….
ما نعلمه أنه قُتل من الصحابة عدد كبير في معارك الفتن بين علي ومعاوية، والمتسبب في تلك الفتنة يحمل وزرها أمام الله تعالى إلى يوم القيامة، والبحث في التفاصيل ومحاكمة المتسبب لا طائل منه، ولا فائدة منه إلا بعث الفتن من جديد، أما الذين قتلوا فقد قتلوا في المعارك ، والقول أن معاوية قتلهم _هكذا _ دون ذكر الحال الذي قتلوا فيه نوع من القفز على حقيقة أنهم قتلوا في خضم حرب بين طرفين.
المسلم العاقل في هذا العصر يتجاوز سلبيات تلك الحقبة ولا يجعل منها مغذيا لفتن جديدة، ونتبع في الفرقين اللذين اقتتلوا منهج القرآن في التعامل مع السابقين:
﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ﴾ [الأحقاف: 16]
والمؤمنون إذا اقتتلوا لا ترتفع عنهم صفة الإيمان، وواجب البقية من المسلمني أن يصلحوا بينهما كما يقول الله تعالى:
﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ [الحجرات: 9]