السؤال: ما حكم شراء الأموال المسروقة كالمعدات والأجهزة التي يتم سرقتها من المصانع أو المتاجر، أو تلك التي أُخذت قهرا من أصحابها كالناتج عن السطو المسلح أو الابتزاز؟
الجواب: يحرم على المسلم أن يشتري مالاً مسروقاً أو مغصوبا إن علم ذلك، لأن السارق والغاصب ومن في حكمهم لم يتملكوا المبيع بالوجه المشروع، ومن وضع يده على مال دون وجه مشروع فلا يحق له التصرف فيه بالبيع أو الهبة أو الإكراء، وإلا يكون قد اشتراها من غير مالكها الحقيقي.
والصور السابقة هي من قبيل أكل أموال الناس بالباطل، وقد نهانا الله تعالى عن ذلك بقوله: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (البقرة، 188)
ولأنّ في شراء هذه الأموال تشجيعا للمجرمين وتعاونا على الباطل وقد أُمرنا بالتعاون على البر والتقوى لا على الإثم والعدوان بقوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (المائدة، 2)
ومن مبادئ التملك في الاسلام أنه لا يجوز أخذ مال امرئ إلا بطيب نفس منه، وإلا كان سحتا. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه)[1] .
وقد رُوي عنه صلى الله عليه وسلم قوله: «مَنِ اشْتَرَى سَرِقَةً (أي مالا مسروقا)، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا سَرِقَةٌ، فَقَدْ شُرِكَ فِي عَارِهَا وَإِثْمِهَا»[2].
وينبغي للمسلم أن يتحرى كسبه من الحلال، وأن يسلك طرقه وما أكثرها، وسيُسأل كل امرئ عن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه. فقد روى الترمذي وغيره قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لاَ تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ القِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ، وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلاَهُ)[3].
لا يجوز شراء البضائع المسروقة – ولو سرقت من كفار – ، وهي من المال المحرَّم لعينه ، والذي لا يحل لأحدٍ أن يتملكه ولو بطريق مشروعة كالشراء والهبة والميراث .
والواجب على من علم أن ما سيشتريه مسروق أن يُنكر على السارق ، ويأمره بالتوبة من السرقة ، ورد البضاعة إلى أصحابها ، وأن يحاول إرجاع البضاعة إلى أصحابها إن تمكن من ذلك وعلِم أعيانهم ، أو يخبرهم بمكان بضاعتهم المسروقة ، أو يخبر الجهات المسئولة عن ذلك .
ومن اشترى بضاعة وهو يعلم أنها مسروقة : أثِم ، ومن تمام توبته إرجاع البضاعة لأصحابها ، والرجوع بالثمن على من باعه إياها .
والشراء من السارق فيه إعانة على الإثم والعدوان ، وتشجيع للسارق بالاستمرار على فعله ، وفيه ترك لإنكار المنكر ، كما أن من شروط صحة البيع ملك البائع لما يبيعه ، فإن كان سارقاً فهو غير مالك ، وهذا موجب لبطلان العقد .