السؤال: بعض المحلات التجارية تعلن عن جوائز تشجيعية لترويج سلع بعينها أحيانا وفي بعض الحالات تعلن أن من يشتري سلعا بمبلغ معين يحصل على رقم يخوله الدخول في قرعة على مجموعة من الجوائز وقد تكون هذه الجوائز على شكل سلة من البضائع أو سيارة مثلاً أو جهاز كهربائي ونحو ذلك. فما هو الحكم الشرعي في مثل تلك الحالة وهل يجوز للمستهلك التعامل مع هذه العروض؟
الجواب: يحرص التجار على ما يجلب لهم الزبائن دائما وهناك فنون لهذا الغرض عرفها البشر قديما وحديثا، وقد استغرق أهل هذا الزمان في هذه الفنون حتى صارت علما مستقلا يدرس في الجامعات والمدارس. وقبل أن نجيب على هذا التساؤل لا بد لنا من أن نستقرئ سريعا حيثيات مثل هذه العروض وما تؤدي إليه بالنهاية.
1_ تعمَد المحلات التجارية المروجة لهذه الجائزة إلى رفع الأسعار بغية تغطية نفقاتها من جيوب المستهلكين، والنتيجة أن الأقلية تربح الكثير مقابل اليسير التي دفعته كفرق للسعر بينما يخسر البقية.
2_ يَقدم المشتري على شراء السلع على أمل الربح وهو على خطر فربما يحصل على إحدى الجوائز وربما لا يحصل عليها وربما يطمح لواحدة ويربح أخرى. وبناء عليه فإنني أخشى أن تدخل الجوائز التشجيعية على النحو الذي ذكرنا في الميسر المحرم (القمار) يقول الله سبحانه وتعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (المائدة، 90).
ولعل قائل يقول أين هذا من القمار؟ وأجيب أنهما ربما يفترقان بالصورة والمسمى، لكنهما في النتائج متشابهان، والنظر في مآلات الأفعال معتبر ومقصود شرعا. ولا يُنكر بعض محاسنها كتحريك السوق وما إلى ذلك ولكنه تحريك موهوم يخفي تحته تضخما ماليا.
3_ وجود الحوافز على هيئة جوائز تشجيعية يدفع الناس إلى الشراء دونما حاجة، وهو الإسراف بعينه المنهي عنه في القرآن والسنة، كما أنه تكريس للمنهج الرأسمالي الذي يدفع شرائح المجتمع لتكون عناصر أكثر استهلاكا، بينما يدفع النظام الإسلامي المسلمين ليكونوا أكثر إنتاجا.
4_ هذا الأسلوب يدفع الشركات والمحلات التجارية الأخرى أن تنهج الأسلوب نفسه للمنافسة على كسب الزبائن. وهذا يضيع الفرصة للمنافسة في تقديم الخدمة الأفضل للزبائن مما يؤثر سلبا في تطوير الصناعات، فالمنافسة في تقديم النوعية الأفضل والسعر الأحسن يجعل حالة من الدفع بأصحاب الصناعات لتطوير صناعاتهم مما يؤدي إلى الدفع بعجلة النمو الاقتصادي قدما وبالتالي التطور العام للبلد.
كما أن مفاسدها الاقتصادية والاجتماعية تغلب ما تحقق من المصالح، ولهذا فإننا نرى عدم جواز مثل هذا الأسلوب في الترويج. والعقل التجاري للإنسان المسلم لا يقف عند حدود هذا الأساليب، فقد أرشدنا الإسلام إلى ما هو أفضل في كسب الزبائن كالصدق في التعامل والأمانة والتسامح والوفاء بالالتزامات، وتخفيض الأسعار، والأساليب كثيرة يضيق المجال عن ذكرها.
وهذه الأساليب التي أقرها الإسلام ليس لجلب الزبائن فقط بل أخلاق يتحلى بها المسلم في كل حاله، حيث تكون سببا في نجاحه في الدنيا والآخرة.
أضف تعليقا