السؤال: ما حكم الإغتسال يوم الجمعة؟
الجواب: اهتم الإسلام بكل ما يحقق السعادة للانسان في حياته وآخرته. ولا شك أن نظافة الجسم وطهارته وسلامته من الأقذار والنجاسات قد أخذ حيزا وافرا من التشريع، وقد ارتبطت الطاهرة بالعبادة، لذلك كان الخطاب الالهي بأخذ الزينة عند كل مسجد يحمل طابعا خاصا. قال تعالى {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (الأعراف، 31). ولما كانت صلاة الجمعة واجبة فقد نبه النبي صلى الله عليه وسلم إلى ضرورة الاغتسال ولو مرة في الأسبوع بقوله (حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَغْتَسِلَ فِي كُلِّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ يَوْمًا يَغْسِلُ فِيهِ رَأْسَهُ وَجَسَدَهُ)[1].
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: (من جاء منكم الجمعة فليغتسل)[2]
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم)[3].
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إن هذا يوم عيد جعله الله للمسلمين فمن جاء الجمعة فليغتسل…) [4].
والأمر في الأحاديث السابقة لبيان الأهمية وبيان الفضيلة العظيمة، ولا يفهم منها الوجوب؛ لورود أحاديث أخرى تبين المقصود من الأمر وهذه الأحاديث قد صرفت الأمر من الوجوب إلى الندب ومنها:
ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (من توضأ فأحسن الوضوء، ثم أتى الجمعة، فاستمع، وأنصت غفر له ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيام، ومن مس الحصا فقد لغا)[5]. قال الحافظ في التلخيص: (إنه من أقوى ما استدل به على عدم فرضية الغسل يوم الجمعة)[6].
ومنها حديث سمرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال (من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل)[7].
نفهم من الأحاديث السابقة جواز الاقتصار على الوضوء، وما نفهمه من مجموع الروايات أنه لا ينبغي أن يمر على المسلم أسبوع دون غسل ولهذا ذهب بعض الفقهاء إلى إيجاب غسل الجمعة على كل من وجبت عليه، وخالف آخرون وقالوا إن الأمر في الحديث هو للندب لا للوجوب، وأيا كان الأمر ففيه الحث على النظافة بشكل عام والطهارة بشكل خاص.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] صحيح البخاري، (897)
[2] صحيح البخاري (854)، و صحيح مسلم (844).
[3] صحيح البخاري (855)، و صحيح مسلم (846).
[4] سنن ابن ماجه (1098) بإسناد حسن.
[5] رواه مسلم (857).
[6] التلخيص الحبير (2/ 72).
[7] رواه أبو داود (354)، والترمذي (497) وحسنه، ورواه أحمد (5/ 8، 11، 15، 16، 22) والنسائي (3/ 94)، ورواه ابن ماجه من حديث أنس (1091).
أضف تعليقا