السؤال: لقد سمعت من أحد الخطباء أن الأضحية نسخت العقيقة. أي ما دام هناك أضحيه فلا تجوز العقيقة. أرجو التوضيح.
الجواب: العقيقة مأخوذة من العق وهو القطع؛ لأن الذابح يقطع أوداجها وما يجب أن يقطع في حال الذبح. وهي الذبيحة التي تذبح تقربًا إلى الله عز وجل، وشكرًا له على نعمة المولود في اليوم السابع من ولادته، وإن لم يتمكن في اليوم السابع جاز بعد ذلك.
قال الله تعالى على لسان آدم وحواء: «فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ» (الأعراف، 7 / 189)
فكانت العقيقة تمثل مظهرا من مظاهر شكر نعمة المولود، فسبب العقيقة هو مجيء المولود معافى وهي تجسيد للشكر، أما الأضحية فسببها مختلف؛ وليس هناك دليل على نسخ الإضحية للعقيقة، فكلاهما مشروع.
وهي سنة مؤكدة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد ورد فيها أحاديث كثيرة منها:
1. عن سلمان بن عامر الضبي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (مع الغلام عقيقة فأريقوا عنه دماً وأميطوا عنه الأذى)[1]
2. عن سمرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كل غلام رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويسمى)[2] وفي رواية أخرى “كل غلام مرتهن بعقيقته”[3] وقد قيل إن معنى (مرتهن بعقيقته): إن العقيقة من أسباب انطلاق الطفل في مصالح دينه ودنياه، وانشراح صدره عند ذلك.
3. عن أم كرز الكعبية رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (عن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة)[4] وإن عقّ عن الغلام بواحدة فلا بأس به، وربما كان للغلام اثنتين لكونه عرضة للأخطار أكثر من البنت، والله أعلم.
4. عن عمرو بن شعيب أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (من ولد له ولد فأحب أن ينسك عن ولده فليفعل عن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة)[5] وفي الحديث ما يدل على كون العقيقة سنة مندوب إليها وليس واجبة.
5. عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: (أن الرسول صلى الله عليه وسلم عقَّ عن الحسن والحسين)[6] وفي بعض الروايات كبشين كبشين، أي عن كل واحد منهما كبشين. وفيه جواز أن يعق غير الأب عن المولود.
ويأكل أهل الطفل من لحم العقيقة ويهدون ويوزعون على الفقراء، ولو دعوا إلى وليمة جاز كذلك. وينبغي لمن حضر الوليمة أو من أهدي إليه أن يدعو بصلاح الطفل وأهله، وليس هناك من أدعية محددة يجب على الإنسان أن يدعو بها، بل هو الدعاء الصالح، وقد ورد في الأثر عن الحسين رضي الله عنه في تهنئته من رزق مولوداً أن يقال له: (بارك الله لك في الموهوب وشكرت الواهب وبلغ أشده ورزقت بره)[7].
[1] رواه البخاري، باب إماطة الأذى عن الصبي، 5471 كما رواه أبو داود والترمذي والنسائي والحاكم وغيرهم وصححه الذهبي.
[2] رواه البخاري في “صحيحه”بإثر الحديث (5472) ، والترمذي بإثر الحديث (182) وقال حسنٌ صحيح ، والنسائي 7/166، والطحاوي في “شرح المشكل” (1030) ، والبيهقي 9/299، وابن عبد البر في “التمهيد” 4/307.
[3] أخرجه الإمام أحمد (5/7، 12، 17) وأبو داود، كتاب الضحايا باب العقيقة (2838) والترمذي، كتاب الأضاحي، باب مدة العقيقة (1522) .
[4] رواه أحمد في مستد عائشة، 24028 وأخرجه البيهقي في “السنن” 9/301 من طريق الإمام أحمد، بهذا الإسناد. وأخرجه الترمذي (1513) ، وابن حبان (5310) رواه أبو داود وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
[5] وأخرجه أبو داود 2842, والنسائي 7/162 _ 163, وأحمد 2/194, والطحاوي في “شرح المشكل” 1/461, والحاكم 4/238, والبيهقي 9/300 وقال الألباني حسنٌ صحيح.
[6] أخرجه النسائي 7/164، وأبو نعيم في “أخبار أصبهان” 1/236 وأخرجه العراقي في “تقريب الأسانيد” ص 72 من طريق عبد الله بن أحمد، عن أبيه. وأخرجه ابن أبي شيبة 8/234 عن زيد بن الحباب.
أضف تعليقا